facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




بانتظار حكومة الترانزيت


28-02-2016 12:02 AM

اسلام صوالحة

أخيراً، رفع مجلس النواب آخر أجهزة الإنعاش عن "الرجل المريض" أي حكومة النسور، بعد إنجازه أهم استحقاق تشريعي يترقبه الشارع الأردني بلهفة وشوق كبيرين.

ورغم أن المشروع لم يكمل مراحله الدستورية بانتظار عرضه على مجلس الأعيان ومن ثم توشيحه بالإرادة الملكية السامية، إلا أن المراقبين قلبوا ساعة الرمل وأخذوا يترقبون العد التنازلي لرحيل الحكومة الأكثر جدلا والأطول عمرا في عهد الملك عبدالله الثاني.

فثمة من يمني النفس بنيل الحُسنتَيْن، حل المجلس ورحيل الحكومة حكماً كاستحقاق دستوري تفرضه المادة ٧٤ من الدستور "المعدل"، في حين يراهن آخرون على الجدل الدستوري الدائر حاليا خلف الكواليس، حول إمكانية الإبقاء على الحكومة في حال أكمل المجلس مدته كاملة، كمخرج يعفي الدولة من أعباء وتكلفة "حكومة الترانزيت" ، إلا أن فقيهاً دستورياً معتدٌ برأيه، همس في أذن الكاتب بما مضمونه أن رحيل الحكومة ملزم باعتبار أن المادة ٧٤ لم تفرق بين سيناريوهات الحل إن أكمل المجلس مدته أول لم يكملها، فجميعها تستدعي إرادة ملكية.

في المقابل، هناك من يربط طبيعة التغييرات القادمة بالزيارة الملكية إلى واشنطن، ورغم عدم ميل أصحاب هذا الرأي لسيناريو الرحيل المبكر، إلا أن الثابت لديهم بأن سيناريوهات التغييرات يتم صياغتها على نار هادئة في مطبخ صنع القرار، قد تبدأ بالدوائر الأقرب إلى الملك وليس انتهاءً بالحكومة.

وبعيدا عن التكهنات وتباين التوقعات حول موعد وسيناريوهات الرحيل والتغييرات المرتقبة، يبقى "الخبر السار" الأكيد بأن الحكومة تلفظ أنفاسها الأخيرة، بعد أن "قطعت أنفاس" المواطنين بسوء إدارتها لكثير من الملفات وخاصة الملف الاقتصادي.

ولا يمكن بطبيعة الحال أن ننكر بعض الإنجازات التي حققتها الحكومة في بعض الملفات على الصعيد الداخلي، رغم تواضعها مقارنة بعمر الحكومة، ولكن فظاعة الإخفاق في ملفات حيوية ومصيرية غطت على الانجازات، فالذاكرة الشعبية لا تكاد تستذكر للرئيس النسور وحكومته ما يحفز هرمونات السعادة الامتنان.

على أي حال، ولأن السياسات الاقتصادية أشبعت نقاشا وذماً من ذوي الاختصاص والشأن، فلن أخوض فيها، بل سأتحدث هنا عن أسباب أخرى أرى بأنها كافية لمنح حكومة النسور لقب الحكومة الأسوأ والأضعف في تاريخ الأردن الحديث.

فمنذ الإعلان المفاجئ بتكليف النائب المعارض وحاجب الثقة عن الحكومات الدكتور عبدالله النسور، لتشكيل الحكومة خلفا للرئيس فايز الطراونة، تنفس الأردنيون الصعداء واستنشقوا الأمل بأن يعبر بهم النسور نحو دولة ديمقراطية تملك حكوماتها مشروعا مستنيرا نهضويا، ومع كل يوم يمضي من عمر الحكومة كان الأمل يتناقص حتى تلاشى، فاستفاق الأردنيون بعد أسابيع قليلة، على رئيس لا يعدو كونه مديراً تنفيذياً كسابقيه مع تفوقه في الدهاء الذي أطال بقاءه.

والحق يقال، أن الرئيس النسور امتلك الشجاعة الكافية لتحمل المسؤولية عن مجموعة من القرارات غير الشعبية خاصة الاقتصادية منها، واستطاع بدهاء بالغ أن يعبر بحكومته الأزمات التي عصفت بها، ولكن وعلى سبيل الدهاء أيضا، غسل النسور يديه من جميع القرارات المصيرية والتاريخية وتخلى عن سابق إصرار وإرادة عن جزء من ولايته العامة لمؤسسات سيادية أخرى، حتى ( على ما يبدو) لا يسجل التاريخ له أنه كان شريكا في هذه القرارات.

ويتضح كما سأفسر تالياً بأن حكومة النسور لا تتردد في القفز من مركب صنع القرار كلما واجه الأردن موجة عاتية ( حتى وإن طلب منها ذلك فهذا لا يعفيها من المسؤولية)، تاركة الملك وحيدا يقارع العواصف.

فلم يكن محض صدفة، أن يغيب النسور عن بعض الأحداث التي شهدتها البلاد في العامين الأخيرين، بدءاً من قرار الأردن المشاركة في التحالف الدولي لمحاربة التنظيمات الإرهابية في سوريا والعراق، وأسر واستشهاد الطيار معاذ الكساسبة، ومرورا بمؤتمر لندن، وليس انتهاء بالغموض الذي يكتنف الموقف الأردني من التحالفات الإقليمية والدولية إزاء الصراع في سوريا.

النسور كان قد أكد في بداية بروز تنظيم داعش الإرهابي بعد سيطرته على الموصل في العراق وبعض المناطق في سوريا، بأن الأردن لن يشارك في أي حرب خارج حدوه، وهو أول وأخر موقف يصدر عن الرئيس (باسمه) فيما يتعلق بهذا الملف بعد مشاركة الملك في اجتماع للناتو والذي أعلن فيه تشكيل تحالف دولي لمحاربة داعش، فجميع التصريحات اللاحقة للنسور كانت تبرز الرؤية الملكية في الحرب على الإرهاب.

وفي حادثة أسر تنظيم داعش للطيار معاذ الكساسبة ظل النسور متوارياً وراء المؤسسة العسكرية التي تولت الملف، وحتى عند إعلان استشهاد الكساسبة لم يخرج النسور للشعب الأردني ناعيا الشهيد ومعزيا في الوقت الذي أطل فيه الملك على شعبه بحديث مسجل رغم تواجده حينها في أمريكا قبل أن يقطع زيارته.

وفيما يتعلق بمؤتمر لندن، فقد كان ملفا ملكياً من ألفه إلى يائه، منذ الإعلان عن موعد المؤتمر حتى انتهائه. فيما اكتنف الصمت المؤسسات الحكومة بدءاً برئيسها النسور وحتى اصغر موظفيها.

الملك الذي يحكم من خلال وزرائه، وفق النص الدستوري، اختار فرصه لقائه بوجهاء وشيوخ الزرقاء ليعلن عن مؤتمر لندن، وقبيل انعقاد المؤتمر شرح الملك بشكل مفصل حجم معاناة المملكة جراء أزمة اللجوء السوري، في لقاء مع (بي بي سي) ومقال نشر في الصحف اللندنية، في الوقت الذي لم يكلف الرئيس النسور نفسه أو أي من وزرائه عناء شرح حجم الأعباء الناجمة عن استقبال أكثر من 1,5 مليون لاجئ سوري، باستثناء مؤتمر يتيم عقد في أعقاب المؤتمر ويبدو أنه فرض على الرئيس من مرجعيات عليا، وفي هذا المؤتمر تحديدا بعث النسور ببرقية مشفرة للأردنيين حين خاطبهم "محذرا" بأن "قضية اللاجئين ليست قضية مأكل ومشرب وأن ثمة أخطار على الأردنيين أن يدركوها"!.

أما حديث الساعة وكل ساعة الذي يقلق مضاجع الأردنيين، فهو الغموض الذي يكتنف الموقف الأردني من الأزمة السورية والتحالفات الإقليمية والدولية، وما تم تسريبه مؤخرا عن مشاركة محتملة للأردن بريا داخل الأراضي السورية، فرغم حجم الشائعات والأقاويل والتسريبات والثرثرة الصحفية، اختارت الحكومة الصمت كعادتها، ولم نسمع أي تصريح ينفي أو يؤكد أو يوضح باستثناء تصريحات يتيمة "لقيطة" لا أب لها ولا أم ويتبناها مصدر رسمي مجهول الهوية، زادت المشهد غموضاً وتركت الأردنيين فريسة للقلق والخشية من مصير محفوف بالمخاطر.

الحكومة التي لا تتجرأ على مصارحة شعبها بالحقيقة وإخماد نار تساؤلاتهم المصيرية، فهي إما حكومة لا تملك أدنى حس من المسؤولية الوطنية، أو أنها حكومة لا تملك ما تصارح به شعبها أكثر مما يملكه المواطن العادي وفي الحالتين الجرم واحد.

قد تجد الحكومة ما تبرر به إخفاقها في الملف الاقتصادي في ظل الصراعات الإقليمية وتداعياتها على الداخل الأردني وارتفاع كلفة المخاوف الأمنية ناهيك عن أزمة اللجوء وإغلاق الأسواق العربية إمام الصادرات الأردنية وانشغال الدول المانحة بأزماتها الداخلية في ظل انخفاض أسعار النفط .. الخ ، ولكن كيف لها أن تبرر سياسة النأي بالنفس عن التحديات والتحولات السياسية والعسكرية والديمغرافية ، إلا إذا كان في إطار التهرب من المسؤولية الوطنية والتخلي عن الولاية العامة والحنث بالقسم؟





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :