facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




معالي الوزيرة .. "هاي الباب بيفوّت جمَل"!


21-03-2016 03:36 PM

ليس معلوماً بعد إن كان تصريح وزيرة الثقافة الصادم بأنها "ضد وجود وزارة للثقافة"، ينطلق من اجتهادٍ شخصي لصاحبته التي أمضت نحو ثلاث سنوات من "التفرد بالسلطة" في هذا المنصب، أم هو "بالون اختبار" جديد تمهيداً لقرار حكومي يجهز على الوزارة التي يبدو أن أحداً من أبناء الدولة لم يدرك بعد ما تمثّله من رأسِ مالٍ معنويّ وما تؤديه من دور في ترسيخ السيادة الوطنية وتعزيز الأمن الوطني بوصفها الخندق الأخير لمواجهة الأعداء، وما أكثرهم في لحظتنا هذه!

وعلى أيّ حال، فإنّ وجهَ الغرابة في تصريح الوزيرة التي هبطت على المنصب بـ"البراشوت" مثل كثيرين ممن سبقوها على هذا الكرسيّ الدوّار ومضوا ليصبحوا "نسياً منسيّاً" بعد "غمضة عين".. وجهُ الغرابة ليس في موقفها بحدّ ذاته، بل أن يصدر هذا الموقف بعد ثلاث سنوات من اشتغالها الدؤوب على تحويل الوزارة إلى "مزرعة" وتفريغها من المبدعين وأصحاب الخبرة والرأي والمشورة، وتسطيح مشاريعها، في مقابل الهوس بـ"الميديا"، والشغف بالتقاط الصور الذي بدا واضحاً أنه يضاهي لدى الوزيرة أهمية الحدث الثقافي الذي "ترعاه"، ويا لكثرة ما "رعت" قبل أن تكتشف أن الكرسيّ الذي منحها لقب "معالي" غير ضروري، وأنها مع إلغاء الوزارة "بشكل كامل"، عاضّةً بذلك اليد التي "عطفت عليها" وجعلت لها "سلطة" وراتباً تقاعدياً تتنعّم به حتى أرذل العمر!

الوزيرة جاءت إلى الوزارة بفهم قاصر ومسبَّق لـ"الثقافة"، ولدور الوزارة ووظيفتها، وكان من السهل على من يلتقيها في حوارٍ قصير، أن يدرك حجم "الثأرية" غير المفهومة، التي كانت تضمرها في داخلها وهي "تصعد الدرجات" إلى مكتبها، قبل أن تكشّر عن "أنيابها" وتكشف ما لديها علانيةً، وخلاصته أن المثقفين مجموعة انتهازيين، ونصّابين، ومتعالين، يقبعون في أبراجهم، ويستنزفون موارد الدولة، لذا لا بد من محاصرتهم والتضييق عليهم وإغلاق الحنفية في وجوههم، وإعادة ما يمكن من أموال مرصودة لمشاريعهم إلى الحكومة، في تطبيقٍ بائس وقاصر لفكرة "الترشيد والتقشف".

ليس المكان هنا مناسباً لاستعراض مواقف الوزيرة (وكنت أود لو أتحدث عن "وزير" حتى لا أتَّهم بموقف جندريّ)، لكن ما نضحَ به إناؤها خلال لقائها بالمثقفين في ديوان إحدى العائلات بإربد قبل سنوات ثلاث يكفي لمعرفة رأيها في المثقفين: "يشربون سيجارة ويتكئون تحت شجرة، فيكتبون، ويكتبون، وينتجون الكتب التي لا قيمة لها". وهو الرأي الذي عبّرت عنه بأشكال كثيرة وإجراءات وقرارات ملموسة طيلة حكمها "القراقوشيّ" القائم على إقصاء المثقفين وازدرائهم، ومنها أخيراً وليس آخراً "ضربة المِقْفي" حين "أساءت" إلى الصلاحيات الممنوحة لها، فأحالت الأمين العام المساعد إلى الاستيداع وهو في قمة عطائه بشهادة القاصي والداني حتى أولئك الذين يختلفون معه.

ثم جاءت مقابلتها في برنامج "اسأل الحكومة" قبل أيام لتحسم المسألة، فهي مع "إلغاء" الوزارة لأن "التعامل مع الوسط الثقافي شائك، بالنظر للحساسية العالية لدى المثقفين" كما جاء في تغطية المقابلة التي نشرتها صحيفة "الدستور". فهل يكفي هذا السبب لإلغاء وزارة امتطت "معاليها" صهوتها لثلاث سنوات، وهل "أوحي لها" بهذه الفكرة فجأة، أم إنها أدركتها في وقت مبكر، لكن "إغراء" المنصب والتشبث بامتيازاته المادية والمعنوية حال دون إفصاحها بها.
ثم، ألا يكون اقتراحها أبلغ تأثيراً وأكثر صدقية، ويعبّر عن انسجامٍ وتصالحٍ مع النفس، لو أنها أنهت المقابلة بتقديمها الاستقالة من المنصب، وعلى الملأ، عوضاً عن "القعود" فيه، والعمل اليومي مع موظفي الوزارة الذين يعني اقتراحها إياه في ما يعنيه، أنه لا ضرورة لهم أيضاً، وأنهم ربما يكونون أكثر نفعاً لو يتم نقلهم إلى وزارة الزراعة (في إشارة إلى إنجازها العظيم "غابة الإبداع" الذي تنطّعت له ففرّغته من محتواه)، أو إلى وزارة الأوقاف مثلاً (في إشارة أخرى إلى "شواهد القبور" التي زرعتها في الأرض لثّلة من المبدعين الأحياء في الغابة إياها، "تكريماً" لا "تأبيناً" لهم، وربما من دون أن تتبيّن جهة القبلة، لتكون الشواهد في مكانها الصحيح شرعياً)!
ألم يكن أكثر إقناعاً أن تدعو الوزيرة إلى مؤتمر ثقافي وطني أسوةً بمؤتمرات سابقة، شارك فيها "صنّاع الثقافة" و"روّادها" الذين يمثّلون الوجه المشرق للوطن المنكوب بمسؤولين من أمثالها، هي التي لم تكن يوماً من "صنّاع الثقافة" و"روّادها"، وليس سوى المنصب من جعل لها كلمةً وقولاً وأمراً ونهياً، هي المذيعة التي قادتها شهادتها الدراسية إلى التعليم الأكاديمي، من دون إسهامٍ يُذكر في الفعل الثقافي الذي تصدّت له قاماتٌ لا تروق لمعاليها لا هي ولا ما تنتجه، فتفكّر الوزيرة بإلغاء الوزارة كما لو أن الأمر تغيير تسريحة في صالون حلاقة!
وكان من شأن المؤتمر الثقافي الوطني أن يخرج بتوصيات واقتراحات جديرة بالأخذ بها، وعلى أسس ومعايير واضحة وموضوعية، ولنا في المؤتمر الذي عُقد قبل أكثر من عشر سنوات (2004) أسوة حسنة، فمن معطفِه خرجت المشاريع الرائدة (مكتبة الأسرة، ومهرجان القراءة للجميع، والتفرغ الإبداعي، والمدن الثقافية، وصندوق رعاية الثقافة)، وهي المشاريع التي اتخذت منها الوزيرة الحالية موقفاً لا يمكن فهمه إلا أنه ضدّ النجاح وضد الثقافة الوطنية، فشوّهتها بقراراتٍ وتدخّلات "غير حكيمة" حولت الإنجاز المتراكم إلى كومةٍ من خراب "قعدت" فوقها واستراحت.
السيرة الحافلة لوزيرة الثقافة التي تَضمّنها معجم الأدباء الأردنيين في طبعته الأخيرة (المشروع الذي وأدته الوزيرة هو الآخر بقرارات بيروقراطية بعد أن ضمِنتْ التقاطَ الصور الكفيلة بتخليد "الإنجاز" إعلامياً، وقد قطفت ثماره يانعة هي التي لم تزرعها) لن يضاف لها سوى عبارة واحدة: "عُينت وزيرة للثقافة في 21 آب 2013 وغادرت المنصب في (الله أعلم) 2016". وهي عبارة تكفي للوزيرة وتفي بالغرض في الـ(c.v) خاصّتها، لكنها لن تعني شيئاً للقابضين على الجمر من المثقفين الذين لا يخدعهم بريق المنصب، والذين يعرفون أن قافلة "العابرين" من الوزراء سيضاف لها اسم جديد في آخر القائمة. أولئك العابرون الذين ملأوا الدنيا ضجيجاً وأسمعونا الكثير من "الجعجعة" ولم نرَ بعد ذلك "طحناً".
أخيراً، ألا يجدر بالمثقفين العاملين في الوزارة، بمنع الوزيرة من دخول مكتبها ما دامت لا تؤمن بمنصبها الذي "تتسيّد" به عليهم، وتسرح وتمرح في أرجاء الوزارة بسلطته وهالته؟! وألا يجدر بالمؤسسات الثقافية الوطنية أن تقف وقفة رجل واحد لتقول لها: "معاليك.. الباب بيفوّت جمل"؟!
هي قولة حقّ كي نضع الأشياء في نصابها، فالتاريخ لا يرحم، وعلى المثقفين جميعاً أن يقولوا ما يؤمنون به وأن يتخذوا موقفهم حتى لو كان الثمنُ فقدانَ بعضِهم منصباً أو تخلّيه عن امتيازٍ يتمتّع به. وإلّا ستخرب مالطا وتنهار السقوف فوق رؤوسنا لا محالة.


• بورتريه لانا مامكغ بريشة الفنان إحسان حلمي.





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :