facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




رسالة "الرضوان"


ايمن الصفدي
19-07-2008 03:00 AM

أسر سمير قنطار مقاتلا في جبهة التحرير الفلسطينية. وتحرر مواليا لحزب الله. وذاك تحول طبيعي. فجبهة التحرير الفلسطينية باتت شبه أطلال لا ذكر لها. المقاومة في لبنان ورثها حزب الله حصرا. وحزب الله أراد تحرير القنطار على يديه رسالة أنه مظلة كل المقاومين. يدين عميد الأسرى العرب بحريته إلى حزب الله. ويرى مستقبله معه. يزهو حزب الله بإنجازه. ويحق له ذلك. فقد وعد أن يحرر القنطار ووفى. وهو بهذا الإنجاز يستعيد ما خسره عربيا من شعبية بعد أن وجه سلاحه إلى الداخل ليحسم لصالحه صراعا سياسيا فرضته الأطماع الإقليمية على لبنان. كلفة الإنجاز لا تدخل في الحسبة. لا تذكر لها في احتفالات نصر تحرير الأسرى. ولا قيمة لها عند مئات الألوف من العرب المحبطين المتعطشين لأي نصر وبأي ثمن.

تحرير سمير القنطار ورفاقه واستعادة رفات دلال المغربي وعشرات الشهداء الآخرين يشرع الأبواب والعواطف على مقارنات بين منهجين في التعامل مع إسرائيل: منهج المقاومة المسلحة وسياسة الحوار الدبلوماسي. وسيستنتج كثيرون ممن آمنوا بالحوار سبيلا لاستعادة الأرض والحقوق أن إسرائيل لا تفهم إلا لغة القوة. تلك هي الرسالة التي تبعثها "عملية الرضوان". ولهذه الرسالة تبعات أمنية وثقافية وسياسية ستضعف أكثر تيار الاعتدال الذي أفشلته إسرائيل وأميركا.

فقد فعلت قوى الاعتدال كل ما في وسعها للوصول إلى سلام مع إسرائيل. قدمت التنازلات وعرضت المبادرات التي تقر لإسرائيل بحقها بالوجود والعيش بأمان مقابل استرجاع الفلسطينيين جزءا من حقهم في وطنهم وإقامة دولتهم المستقلة. لكن إسرائيل ظلت على غطرستها تقتل وتحتل وتحاصر وترفض تلبية متطلبات السلام. عرّت إسرائيل قوى الاعتدال وأبقت المنطقة أسيرة صراع مفتوح على القهر والحرمان. وبذلك دفعت أعدادا أكبر من العرب للالتفاف حول منهج القوة لتذويق إسرائيل بعض الأسى الذي فرضته على الفلسطينيين, بغض النظر عن موازين القوة ومن دون الالتفات إلى الثمن.

بالمقابل, لبت إسرائيل كل ما طلبه حزب الله. انسحبت من جنوب لبنان في العام 2000 مجبرة. ورضخت لمطلبه تحرير سمير قنطار في عملية تبادل كانت شنت حربا على لبنان للحؤول دونها.

رسالة إسرائيل إلى العرب أن القوة تنجح حيث تفشل الدبلوماسية. أغبية إسرائيل حد عدم استيعاب نتائج تصرفاتها؟ قطعا لا. إسرائيل تتصرف انطلاقا من سياسة راسخة ترفض السلام وتسعى إلى تدمير كل فرصه. وهي ترى في إضعاف قوى الاعتدال وتقوية دعاة خيار القوة سبيلا لحمايتها من السلام الذي تخشاه خطرا.

إسرائيل لا تريد السلام. استراتيجيتها مبنية على القناعة التالية: ثمن السلام الانسحاب من الأراضي المحتلة وقيام الدولة الفلسطينية المستقلة. كلفة غياب السلام هو التعايش مع الخطر الذي يمثله حزب الله وحماس وغيرهما من الحركات التي تنتهج خط المقاومة المسلحة. في حساباتها الاستراتيجية, تعتبر إسرائيل العيش مع الخطر الأمني المحدود لحماس وحزب الله خيارا أفضل وأقل كلفة من الانسحاب من الأراضي المحتلة.

فإسرائيل تعرف أن الحركتين غير قادرتين على إنهاء الاحتلال. وهي تعتقد أن تفوقها العسكري يمكنها أدوات إبقاء التهديد الأمني الذي يمثلانه تحت السيطرة. قرارها هو التعايش مع خطر حماس وحزب الله واستغلال وجودهما ذريعةً لرفض السلام, وغطاءً للاستمرار في عملية تغيير الحقائق الجغرافية والديموغرافية على الأرض بهدف تقويض الفرص الموضوعية لقيام الدولة الفلسطينية القابلة للحياة. وبالطبع فإن إسرائيل توظف صراعها مع الحركتين في تبرير عنجهيتها عند الرأي العام العالمي.

الدولة الإسرائيلية تسعى بوعي لإضعاف قوى الاعتدال. والا فكيف يمكن تفسير بقاء أسرى أردنيين ومصريين في المعتقلات بعد عقود من السلام الرسمي بينما يخرج أسرى حزب الله مظفرين؟ وكيف يمكن فهم إحراج إسرائيل المستمر للسلطة الوطنية الفلسطينية عبر الاستمرار في مفاوضات عقيمة لا تفوت إسرائيل فرصة لإثبات عدميتها من خلال الاستمرار في الحصار ومصادرة الأرض وقتل الأبرياء؟

تظل المنطقة أسيرة الصراع لأن إسرائيل تريدها كذلك. ويتقهقر منطق المفاوضات أمام لغة القوة لأن إسرائيل أثبتت أنها لا تستجيب إلا للسلاح. بيد أن الأيام ستثبت, لإسرائيل قبل غيرها, كارثية سياستها حين يفقد الناس الأمل بكل شيء إلا السلاح طريقا إلى استرجاع حق طال انتهاكه.

تحرير القنطار ورفاقه نصر علت به قامة المقاومة. ولتدفع إسرائيل, وستدفع, ثمن هذا النصر, سيادةً لمنطق القوة واندحارا لنهج اعتدال يبدو, بفعل السياسات الإسرائيلية, قزما عاجزا أمام هذه القامة.

عن الغد.





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :