facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




طفلايَ نائمان


هيا منير كلداني
03-04-2016 02:44 PM

شعورٌ غريبٌ يتملّكُني عندما أفيقُ صباحَ يومِ العطلةِ الأسبوعيَّةِ وأتفقَّدُ غرفَتَي ابني وابنتي، وأجدُهُما مازالا نائمَين..

شعورٌ فيه نوعٌ من الطّمأنينةِ وفرصةٌ لا تُعوَّضُ لقيلولةٍ عقليّةٍ من القلق..

شعورٌ بأنّهما في أمانٍ من العالمِ الخارجيِّ لفترةٍ بسيطة، فأنا أعترفُ بأنّ قلبي يزدادُ اضطراباً ساعةَ خُروجِهما إليه..

أعلمُ أنّهما مِلكُ الحياةِ وابناها، وأعي تماماً ما أقول، فأنا التي منحتُهما استقلاليّةً في اتّخاذِ قرارتٍ تخصُّ حياتَيهما منذُ الصغرِ، واكتفيتُ بالإشراف والموعظةِ والمتابعة..

لكن ماذا أقولُ لتلكَ الأمِّ الّتي في داخلي؟ أأقولُ اهدئي يا امرأة؟

وبينما هما نائمان، أستعجلُ بسعادةٍ لتحضيرِ ما يحبّانِهِ من طعامٍ للغداء والعشاء، وأحيانا أكثر من طبقٍ لأرضاءِ ذوقَيهِما المُختلف..

ثم يستيقِظانِ على رائحةِ الطعام، وتعلو وجهَيهِما ابتسامةٌ عريضةٌ وسؤال: ماذا تطبخين؟ إنّها رائحةٌ زكيّة..

وهكذا يبدأ النهارُ في البيتِ بعيداً عن الخارجِ وضجيجِهِ وحافلاتِهِ وقطاراتِهِ والغرباءِ، وما يصاحبُ ذلك من شتّى أنواعِ القلقِ عليهِما.. أنا وهُما فقط.. لتبدأَ بعدَها قصصُهم الأسبوعيّةُ بالظّهورِ والسّرد، منها ما لا أفهمُهُ دون أن يثنيني ذلك عن مُحاولةِ فهمِ عالمَيهِما، ومنها ما هو مضحك، ومنها ما هو مُحزِن قليلاً: إذْ تلسعُني مهاراتُهُما في الوصفِ والحديثِ لأدركَ أنّهما لم يعودا طفلَينِ كما أراهُما وكما أشتاق..

أشتاقُ لطفولتَيهما وأتمنّى لو أنها طالتْ ولو قليلاً، وأشتاقُ لهما عندما كانا يُهرولان باكِيَينِ شاكِيَينِ من أطفالٍ مُشاكسين، ثمّ أنتفضُ من مكاني لأحاربَ من حاولَ استفزازَهما حتّى لو كانوا أطفالا، ولأحاربَ أيضاً الكبارَ عندما حاولوا الإساءةَ لطفليّ وأدافعَ عنهما بشراسةٍ كامراةِ كَهف..

حينها كانا صغيرَين.. وهما الآنَ يدافعانِ عن نفسَيهما بذاتِ شراسَتي آنذاك وأنا أضحك.. وحين أضحكُ يسألانني: ما المضحكُ في الأمر؟ كان يجبُ أن نفعلَ ذلك! فأقولُ بخبث: أستغربُ كيف أصبحتُما بهذا العنفوانِ وشراسةِ الدفاعِ عن النفسِ والكرامة.. ولدهشتي يقولانِ بالحرفِ الواحد: التّفاحُ لا يسقُطُ بعيداً عن شجرَتِه!

لكنّهما بنظري ما يزالان طفلَين، وأتمنّى أحياناً أن تطولَ الإجازاتُ الّتي نقضيها معاً قبلَ الهرولةِ لِمعاركِ النّهار- معارِكي ومعاركهما مع الحياة..

كوني حنونةً أيّتها الحياةُ بِتَقَلُّباتِك ودروسِك وتجارِبِكِ عليهِما.. أعرفُ أنّهما يريدانِ تحدّياتٍ أكبر وأكثر مِمّا ترمين عليهما، ولكن: ألا يكفي أنّكِ نِلتِ مِنّي، وجرَّعْتِني تجاربَ قاسيةً بل مميتة أحياناً للجسدِ والرّوح؟ كونِي حنونةً وأعطيني أنا القسوةَ والخذلانَ واتركي طِفليَّ لتجاربَ عاديّةٍ، أعطيني كلَّ ما عندكِ فأنا جاهزةٌ بل ومعتادةٌ حتّى المناعة، لكن دعي طفليّ وشأنيهما.

حان موعِدُ نومِهِما الآن، فَغداً نهارٌ آخر لنا، نهارٌ مليءٌ بالأحداثِ، لنجتمعَ في المساءِ وكلُّنا مُتعَبون في انتظارِ عطلةٍ أسبوعيَّةٍ أخرى وأحاديثَ شيّقةٍ ومُفَصَّلَةٍ تجمَعُنا أنا وهُما فقطْ.. ومائدة.





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :