facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




القرار العربي يصارع الموت .. !


أ.د عمر الحضرمي
08-06-2016 02:20 PM

لقد اتشح أهل الفقيد باللباس الأسود، واصطفّوا لتلقي العزاء، بعد أن تأكدوا أن الموت هو مغيّب، لا محالة، "للقرار العربي".

ومنذ ولادة "الدولة" العربيّة، والقيود تتزاحم، اختيارا وعن إدراك مسبق، على امتهان التبعيّة، والنزوع نحو السقوط باتجاه الهاوية، بعد أن ضاعت سلامة المنهح في إتخاذ القرارات الرشيدة، وغابت سبل التغلّب على العقبات، وانتفت محاولة الفهم للكيفية التي يتم بها، فعلا، صنع القرار السياسي، والتي تشمل تحليل الأدوار المؤسسيّة، وتقدير عنصر التحكيم بين المصالح المتعارضة، وتقييم الأوزان النسبيّة للعوامل الداخليّة والخارجيّة، فضلا عن الأوزان النسبية لكل من الامكانات الاقتصاديّة والعسكرية والجيوسياسية والجيوعسكرية، وذلك عندما غدت جُلَّ ، إن لم تكن كُلّ، القرارات متخذة أساساً كرد فعل لإرادات أو لسلوك بعض القوى الخارجيّة، حتى بتنا نرتب حياتنا لتتوافق ونتائج انتخابات تلك الدولة العظمى أو تلك الدولة التي ترعاها الدولة العظمى، فالدولة العربية رهنت نفسها لما يجري في الخارج، بعد أن تنازلت عن كثير من أجزاء سيادتها، وبالتالي باتت قراراتها مرهونة لذلك الزعيم الخارجي ودولته، فما يقرر هناك نقرأه نحن حتى ولو بترجمة فاشلة أو بعيدة عن النص العربي.
إن قراراتنا، تعكس في صناعتها وطبيعتها ومدى رشدها، اختلاط الطموحات القوميّة بالطموحات الشخصيّة، التي تتضخم حتى تدخل في عتمة الاضطراب، والبحث عن الذات، قبل البحث عن مصلحة الدولة. هذا مع إداركنا أن ذلك الارتباك بين هذه المصلحة الفردية وبين ما يجب أن تكون عليه المصلحة القومية، التي تراجعت إلى الصف الأخير بعد أن تقدمت القطرية لتحتل المركز الأوّل، أمر غير وارد أصلاً.
وهنا نرى تراجعاً واضحاً وبيّناً لما يجب أن تحظى به قضايانا القوميّة من أهتمام وتضحية، التي وضعناها "طوعا" بيد الخارج، فلا القضية الفلسطينية ولا العراقية ولا الليبيّة ولا اليمنية ولا السورية، باتت قضايا "الاقوام العربيّة"، وذلك عندما ذهبت الدولة العربية إلى مطارح من الضياع أصبحنا معها مجرّد منفذين، رغم كل ما نملك من طاقات وثروات، وغدا موت المواطن العربي تحت اقدام الهمجيّة العالميّة "مسألة فيها نظر"، لا تثير في صدورنا ولا في قلوبنا أيّة غيرة، حتى أصبح "المعتصم" أصماً أبكماً أعمى، لا يعلم من معاني الكرامة أو الشهامة أو الأصالة العربيّة، أو الغيرة الاسلاميّة، أي شيئ، وقد تبرأ من كل ما يربطه بالمسلمين والعرب، الأمر الذي جعل من المواطن العربي عبارة عن "ظهر دابة" يمتطيه كل ساقط ونذل.
هل يعقل أن يجري في العالم العربي، ناهيك عن العالم الاسلامي، ما يجري دون أن يرف لنا جفن، أو يخفق لنا قلب، أو تثور في عروقنا حميّة، ولو كانت حميّة جاهليّة؟ هل يعقل أن يقتل الاسرائيليون وشذاذ الافاق من الغرب والشرق، أطفالنا ونساءنا وشيوخنا متى أرادوا، وكيفما أرادوا، وبكل دم بارد؟ وهل يعقل أن نحرم أنفسنا حتى من أن نكون بشراً مثل بقية خلق الله؟ هل من المعقول أن نملأ الدنيا طربا، في كل أرجاء الوطن العربي، لأن اسرائيل وافقت علي تسليمنا جثة الشهيد الشريف الذي قتله المارقون ونحن ننظر، وننقل صورة حيّة لعملية القتل هذه؟ هل من المعقول أن يقتل الأمريكيون والاسرائيليون وسكان أوروبا الالاف منا، ولا نفعل شيئا اكثر من أن أخذنا نرقص على جثامين الشهداء، ونلطم الخدود ونشق الجيوب، تماما كما تفعل نساء السبي المقهورات؟!
أيها التاريخ المبجّل، هل لي أن أقبّل رجليك، وانحني لألثم قدميك، على أن تبعد عني شرور الذكرى، ومساوئ الماضي، وأنا من جانبي أعدك أن أنسى كل ما يربطني ببدر والخندق واليرموك وبلاط الشهداء وباب الواد، وذلك بعد أن نسيت دير ياسين وقبيه " وخمسة حزيران" وقانا، ومئات الشهداء الذين سقطوا مؤخراً على أطراف الشوارع في فلسطين.
أيها التاريخ الموقّر، أرجوك أن تشيح بوجهك بعيدا عن الامّة العربية، وأن لا تسجلها كما هي على حالها، حتى لا تلعننا الأجيال القادمة، التي ستتبرأ منا لا محالة!!
أيها التاريخ المحترم، أتوسل اليك أن تقفز عن حزمة السنوات التي عشنا فيها عبيداً واقناناً، وهي، وانا معك، حزمة كبيرة وكبيرة، نسينا معها طعم الحريّة والاستقلال والكرامة والعزّة.
سيدي التاريخ الصادق، هل لي أن اشحدك مسامحة من جناب فضلك، وأن تستر علينا، الله يستر عليك، فنحن نقِر بأننا لا نستطيع أن نمارس حتى حقنا في الحياة. تصوّر يا سيدي، أنه أصبحت تمر بنا ذكرى المأساة فنقيم لها صرحا من النسيان، وندفنها في أخدود من التراب.
أكاد اومن شك ومن ريب هذي الملايين ليست أمة العرب
ولا حول ولا قوّة إلا بالله العلي العظيم، وإنا لله وإنا اليه راجعون.





  • 1 فهد الغبين 08-06-2016 | 03:26 PM

    كلام جميل ومعبر وليس بالغريب عن الاستاذ الدكتور عمر الحضرمي هذا الكلام العميق


تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :