facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




البنية المجتمعية للهوية والانتماء وفكر التسامح


د. سامي الرشيد
14-06-2016 11:17 AM

لقد شهدت البلدان العربية تراجعا مروعا في مجال الأفكار ,شمل مجالات التربية والثقافة ,وانتقل التراجع بسرعة الى البنية المجتمعية,حيث شمل الاجيال الجديدة التي أصبحت أسيرة لنزعة الاستهلاك والأغاني والأفلام والبرامج الفنية الهابطة، ولم يعد لديها رغبة او اهتمام بالقضايا العامة ,وأمام هذا الخواء لم تعد مواضيع الأنتماء والهوية من المواضيع الجاذبة للشباب ,مع ذلك فان من لم ينغمس في قضايا الاستهلاك ,غاص في واد سحيق, واستعاد الماضي في حلقاته الناتنة,وغاب الدور الحضاري الذي اضطلعت به الامة وما انتجته على صعيد العلوم والأفكار .

لقد استغلت قوى خارجية حالة الاحتفان، في وقت هان فيه كل شئ ,ضعف فيه كل شئ، ولم يعد من طوق نجاة للشباب ,سوى اللجوء للمتراس الاخير حيث يكمن التطرف .

الحرب التي شنها الغرب على الارهاب بعد 11سبتمبر (ايلول )2001,بدلا ان تكون عاملا في القضاء عليه ,غدت وقودا لتأجيجه ,فالهجوم على العرب والمسلمين منذ ذلك التاريخ ,صار حالة مألوفة ,تحولت الى احتلالات عسكرية وتعد على الكرامة الأنسانية ,وتصاعدت هذه الحرب من ثم لتصبح عدوانا على الذاكرة ,بأعتبارها الخط الاول في الدفاع عن الهوية ,والحاضن لما تختزنه الامة في وجدانها من مواريث دينية وأخلاقية تراكمت عبر العصور .

لأن الحفاظ على الذاكرة هو مقدمة لأزمة التظاهر مع ارادة البقاء وهو ايضا شرط لا مفر منه للتهيوء للمستقبل .

ان من المهام الحيوية الملقاة على عاتق المثقفين اعادة الاعتبار لقضايا الانتماء والهوية ,وايجاد مخارج وآليات لتجاوز الازمة الراهنة ,والانتماء هو السلوك المعبر عن امتثال الفرد للقيم الوطنية السائدة في مجتمعه بانتمائه للزمان والمكان .

أما الهوية فهي مجمل السمات التي تميز شيئا عن غيره او شخصا عن غيره او مجموعة عن غيرها .

عناصر الهوية هي شئ متحرك ديناميكي يمكن ان يبرزاحدها او بعضها في مرحلة معينة وبعضها الآخر في مرحلة أخرى.
الهوية الجمعية (وطنية أو قومية )تدل على ميزات مشتركة أساسية لمجموعة من البشر تميزهم عن مجموعات أخرى ,لكن أفراد المجموعة الواحدة اذا اختلفوا في عناصر معينة لكنهم يبقون مجموعة في وطن واحد ولهم تاريخ مشترك طويل يجمعهم ويوحدهم .
الانتماء هومسؤولية وطنية واخلاقية ,وليس فرض كفاية بل انه مسؤولية جماعية ينبغي ان يضطلع المفكرون والمثقفون ورجال الاعمال ,كل من خلال موقعه وقدراته .
,لكي تبزغ الامة مجددا من بين ركام الآلام والتحدي وتأخذ مكانها اللائق والفاعل بين الامم .

انها مسؤولية مركبة ومضاعفة من حيث ان عليها مسؤولية تجاه التاريخ والتركيز على ثوابت الامة ,واعادة الاعتبار لموروثها الحضاري باعتباره الحاضن الرئيس للذاكرة الجمعية للامة ,وذلك يتطلب التصدي لموجات التعصب والكراهية وتعميم ثقافة الانفتاح والتسامح .

التسامح هو ان ترى نور الله في كل من حولك مهما يكن سلوكهم معك ,وهو اقوى علاج على الاطلاق .
القرار بعدم التسامح هو قرار المعاناة ,كما ان قوة الحب والتسامح في حياتنا يمكن أن تصنع المعجزات .
تذكر ان الصفح عن الآخرين ,هو أول خطوة للصفح عن أنفسنا ,وأنه يمكننا ان نتسامح مع الآخر حينما فقط نتخلى عن اعتقادنا باننا ضحايا .

( الكلمة الطيبة كالشجرة الطيبة ,أصلها ثابت وفرعها بالسماء,تؤتي أكلها كل حين بأذن ربها )

عندما أرادوا ان يرجموا مريم المجدولية ,قال لهم المسيح عليه السلام:
من لم يكن منكم بلا خطيئة فليلقها بحجر, ولم يلق أحد عليها, لأنهم كلهم أخطاء .....



قال الفاروق عمر بن الخطاب رضي الله عنه:
اذا سمعت كلمة تؤذيك فطأطأ لها حتى تتخطاك .
قال الشافعي في التسامح :
لقد عفوت ولم أحقد على أحد
ارحت نفسي من هم العداوات
اني احيي عدوي عند رؤيته
أدفع الشر عني بالتحيات ,وأظهر البشر للانسان ابغضه
كما انه قد حشى قلبي محبات الناس
داء ودواء الناس قربهم ,وفي اعتزالهم قطع المودات .

قال ابو حسان التوحيدي :
من عاشر الناس بالمسامحة زاد استمتاعه بهم .
قال بيرتراندراسل:
الحياة اقصر من ان نقضيها في تسجيل الاخطاء التي يرتكبها غيرنا في حقنا او في تغذية روح العداء بين الناس .
قال تولستوي:
عظمة الرجال تقاس بمدى استعدادهم للعفو والتسامح عن الذين اساءوا اليهم .
قال غاندي :
اذا قابلت الأساءة بالأساءة فمتى تنتهي الاساءة ؟

أما الفكر فهو قدرة العقل على تصحيح الاستنتاجات بشأن ما هو حقيقي أو واقعي وبشأن كيفية حل المشكلات

البنية المجتمعية :هي مفهوم يرتبط بالسلوك الانساني وبتلك الظواهر التي تتأثر بالسلوك الانساني .
البناء الاجتماعي هو النظام الاجتماعي العام ,وهوعبارة عن مجموعة النظم الاجتماعية الرئيسية والفرعية داخل المحيط البيئي لأي مجتمع .
تتحدد طبيعة كل نظام اجتماعي بموجب هذا الترابط بين مجموعة الظواهر الاجتماعية المتعلقة بناحية معينة من السلوك الانساني التي تميز كل نظام اجتماعي عن الاخر .
النظم الاجتماعية الرئيسية هي نظام عائلة او قرابة ,نظام سياسي ,نظام معتقدات ,نظام اقتصادي ,نظام ثقافي...الخ

من جهة اخرى ضرورة المساهمة في تربية النشئ الجديد ,باستخدام احدث التقنيات والوسائل العلمية ,وتعميق الانتماء العربي ,بالتحولات الانسانية الكبرى التي تجري من حولنا ,والدخول في عصر تنوير عربي جديد ,يتفاعل مع ما هو مستجد علميا وانسانيا وتنشيط الذاكرة العربية ,وتعميق جدل العلاقة بين التاريخ باعتباره روح الامة ,والجغرافيا بكل تجلياتها باعتبار حضورها تجسيدا علميا لارادة الامة ولثقلها السياسي والاقتصادي ومهارة ادائها في المواجهة الحضارية ,وقدرتها على التقدم بثبات وجدارة ووعي .

ان مهمات كهذه بحاجة الى جهد عظيم يستخدم أحدث ما هو متوفر من تقنيات العصر ,وبشكل خاص ايجاد مراكز بحثية متخصصة ,واصداردراسات ودوريات وعقد ندوات في مختلف قضايا المواطنة ونشر فكر التسامح , وتشييد مواقع على الانترنت ,واستثمار مواقع الخدمة الاجتماعية .
على ان انجازذلك ليس بالعملية السهلة من حيث كلفها والقدرات الفنية المطلوب ضخها من اجل انجازها .
هي بالتأكيد ليست مشاريع يمكن ان ينفذها اشخاص بقدراتهم الذاتية ,من دون دعم من المؤسسات الرسمية وغير الرسمية المقتدرة اقتصاديا .
هذه المشاريع على اهميتها وحيويتها ,هي في عداد المؤسسات غير الربحية ,وتعتمد على جوانب كثيرة منها على الجهد التطوعي ,ولن تكون قادرة على أداء مهامها ما لم يتوفر لها المال المطلوب .

انها دعوة لرجال الاعمال واصحاب القلوب الكبيرة ,للمبادرة في ايجاد بيئة مناسبة ,ننقذ من خلالها شبابنا من محرقة الموت ,ونتمكن فيها من هزيمة ثقافة الحقد والكراهية الطائفية ,حيث تتراجع الهويات الجزئية ,طائفية وفئوية ,لمصلحة الهوية الجامعة وهوية الوطن ,ولتسود ثقافة المحبة والتسامح وهي مشاركة لا يستهان بها في الحروب الوطنية على الارهاب والتطرف .

dr.sami.alrashid@gmail.com





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :