المفــرح والمحزن فـي المحاولة الانقلابية * المحامي د. احمد محمد العثمان
20-07-2016 04:34 PM
حملت المحاولة الإنقلابية التي قام بها نفر من القوات المسلحة التركية النقيضين في آن معاً ، فقد حملت تلك المحاولة فرحاً عارماً ، كما حملت حزناً عميقاً ، وبيان ذلك على النحو الآتي:
أولاً : الجانب المفرح :
إن ما يفرح النفس ويثلجها في تلك المحاولة ، الجوانب التالية:
1- تصدى الشعب التركي على اختلاف أطيافه ومشاربه للمحاولة الإنقلابية ، وخروج الشعب لمقاومة دبابات العسكر والآلآت العسكرية الفتاكة ، فقد خرجت الجموع بأجسادها العارية وأيديها الخالية مـــن السلاح ، فكان أن أسقط الشعب التركي محاولة أولئك النفر لإلغاء إرادة الشعب الذي أوصل الرئيس وحكومته الى سدة الحكم ، فكانت إرادة الشعب أقوى من كل أدوات القتل والفتك.
2- إصطفاف كل أحزاب المعارضة التركية ضد المحاولة الإنقلابية من اللحظة الأولى دون إنتظار للنتائج التي ستسفر عنها تلك المحاولة . الأمر الذي يدلل على عمق إيمان تلك الأحزاب بالدولة.
3- إستجابة الشعب التركي لنداء الرئيس الذي طالبه عبر الهاتف بالنزول الى الشارع ومقاومة الإنقلابيين فكان للشعب ما أراد وبذلك تحققت مقولة الشاعر العربي المرحوم أبو القاسم الشابي الذي يقول:
إذا الشعب يوماً أراد الحيـــاة
فـــلا بــد أن يستجيب القـــدر
4- ظن ويظن الكثير من الناس أن الأحزاب التركية والشعب التركي دافع عن الديمقراطية ، وأنا أقول ربما كان ذلك صحيحاً ، لكن الديمقراطية وحدها لا تكفي لدوام الحكم أو النظام الديمقراطي ، بل لا بد وأن يعمل نظام الحكم على إشباع حاجات الناس ، إذ أن نظاماً ديمقراطياً لا يعمل على إشباع حاجات شعبه لن يدوم ، ونظام يعمل على إشباع حاجات شعبه بوسائل غير ديمقراطية لن يكتب له الدوام.
5- آن الأوان أن يعلم ويعي حكام الشعوب أن بقاء أنظمة الحكم رهـن بإرادة الشعوب لا بإرادة دول وجماعات من خارج الدولة ، فنظام ليست له حاضنة شعبية ، هو نظام آيل للزوال مهما بلغ من القوة عتياً ، لذا فإن أنظمة الحكم مطالبة بأن تؤسس لها حاضنة شعبية في بلدها إن أرادت البقاء والدوام.
ثانياً : المحزن في تلك المحاولة :
إن الوجه المحزن المبكي في تلك المحاولة يتمثل بالآتي:
1- لو أن ما حدث في تركيا حدث في إحدى الدول العربية وطالب رئيس تلك الدولة شعبه أن يخرج للشوارع لمقاومة العسكر ، فكم من شعبه سيخرج الى الشارع ؟ .ليست لدي إجابة على ذلك لكن الأمر يستحق المحاولة والتجربة لنرى ذلك على الواقع .
2- المحزن أيضاً هو عدد الضحايا الذين سقطوا موتى أو مصابين من جراء تلك النزوة أو المحاولة .
3- ردة الفعل من الحكومة التركية التي أعقبت فشل تلك المحاولة ، إذ كنت أتمنى أن يحال المسؤولين والمتورطين والداعمين الى القضاء ومن خلال إجراءات متوازنة ، من أجل أن تبقى الصورة زاهية وأن ينال المخالف جزاءه ضمن المنظومة القانونية النافذة .
وأخيراً نتمنى لمن توفي الرحمة ولمن أصيب الشفاء العاجل والسلامة والخير كل الخير للشعب التركي.