facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




عشرون عاماً على التخرج من كلية الطب!


د. بهاءالدين التميمي
25-07-2016 04:17 PM

لا زلت اذكر الى الان من عشرين عاما ، عاصفة الغضب التي اعتلت احد دكاترة مستشفى جامعي في الاردن اثناء دراستنا في كلية الطب، وأثناء الراوند ( المرور) الصباحي عندما انتزع الدكتور بطاقة باسمه موجودة أعلى سرير احد المرضى !

طبعاً ، من هول الصدمة، وجمنا جميعا، كنّا طلاب طب في السنة الرابعة وقد بدأنا بالتو الحياة السريرية،
لنعرف بعد دقائق سبب موجة الغضب العارمة تجاه التمريض في المستشفى ، كانت لانه ترقى مؤخرا الى أستاذ دكتور، بروفسور كامل الأركان، والمواصفات، وكان اسمه مكتوب ب د. فلان الفلاني بينما المفروض الاستاذ الدكتور ا.د. فلان الفلاني!
يا للهول! وكانت هذا احدى البدايات القاسية التي علمتنا ان الموضوع جدي وان الامر ( داخل على ثقيل)!
لم تنتهي القصة بعد، فهذا الدكتور الذي لم التقيه قط في حياتي من قبل ، راني وقد ابتسمت خلسةً من هول الموقف ، ولم أجرؤ على اكثر من ابتسامة تحمل في طياتها دهشة واستغراباً ورعباً في نفس الوقت، وما ان لاحظ هذه الابتسامة بعد هدوء عاصفته الا وان تجهم وجهه ناظرا الي ومهددا( اذا بقيت تبتسم طول الدورة بحطلك صفر! قلت خائفا: اسف حكيم!) بالطبع الاستاذ الدكتور يترقى بعد سنوات ليكون في منصب اداري مهم! في ذلك المستشفى
وتستمر عشرات القصص، في جنبات المستشفى ، من أهمها قصص كثيرة مع دكتور مشرف على مادة تؤهل الطلاب للطب السريري وكانت المحاضرة الصباحية صباحاً بالدقيقة، ومن دعت عليه أمه يأتي متأخرا خمسة دقائق، وكان على جميع طلاب الطب كتابة ملخصات لكل فصل، وكان الأطباء المقيمين التابعين لهدا الدكتور كشرطة الامر بالمعروف السعودية يقومون بالتأكد من كتابة التلخيصات، ومن لم يكتب يُطرد من القاعة ولا يأتي الا ويحضر احد أبويه! يا للهول!
ومن القصص التي حدثت طالبة مغتربة يعيش اهلها في دولة الإمارات ، ويبدو انه لم تلخص في احد الأيام فتم طردها ، وقيل لها ان لا تحضر حتى تحضر أبويها، فجاءت أمها على اقرب طائرة على عجل وخوف شديد ، خشية ان تكون ابنتها قد اقترفت أمرا عظيما! لتذهب الى مكتب الدكتور ، وتكتشف القصة لتطلق العنان صراخاً ناقمة على ما يحدث والضغط النفسي الغير مبرر!
وتمشي الأيام ، في الطب السريري، وضغط الامتحانات الرهيب والمستمر، وتستمر علاقة الطلاب بأساتذة الطب كما كانت منذ سنوات بل وتزداد اتساعاً ، فعندما ترى احد البروفسورات في ممر المستشفى لتقول له صباح الخير، لا تسمع اي همسة او حركة، لتعيدها بصوت اعلى لعله لم يسمع، ليستمر هو في مشيه ولا يلتفت يمنة ولا يسرة! كيف لا، وهو الاستاذ الدكتور ، والهيبة شيء مهم جدا بالنسبة لعملية التعليم كما يراها هو!
طبعا وتأتي الامتحانات وهذا فصل آخر من فصول الضغط النفسي، لدرجة ان بعض الأشخاص ازداد تدينهم من كثرة قراءة المعوذات والقرآن قبل الراوندات الصباحية او المحاضرات( السيمنارات) او الامتحانات، وكان عدد قليل جدا من البنات لا يكتمل مكياجهن وزينتهن الا عند الامتحانات، فلعل دكتورٌ هنا او هناك يتحسن مزاجه ان رأى وجها حسناً او صباحاً مشرقا فتقل شدة الأسئلة والرهاب النفسي !

وبعض البروفسورات كان يتلذذ يوميا بالتركيز على طالب دون غيره وعادة ما يختار الطالب الأقل بصماً وحفظا لمادة ما، وكان الأطباء المقيمون يتعلمون بشغف أساليب الارهاب والتعذيب النفسي الذي كانوا يعتقدون انه يؤدي الى صناعة أطباء جادين و (باصمين) للعلم وفي نفس الوقت خانعين لا يجادلون ولا يناقشون بل يقولون( طبعاً حكيم!) وأحيانا على العكس هذا الجو قد يخلق نوعاً من العناد على المعلومة ، والتشبث بالرأي، (وانا الصح) ، والدليل مذكور في الصفحة الفلانية من الكتاب الفلاني! وهذه من وسائل الدفاع النفسية للبقاء على الحياة!

وللاسف من شدة هذا الضغط ، طالب ذكي في دفعتنا، توفى منتحراً، قبل تخرجه بشهور، ويقال انه بسبب أمور عائلية او اجتماعية، ولكن اكاد أجزم ان الضغط النفسي العام لدراسة الطب كان له تأثير نفسي مساهم في الموضوع، رحمه الله!

وها هي عشرون عاماً تماما مضت في شهر حزيران الماضي، لنرى خريجي دفعتنا موزعين في أنحاء الارض في أحسن التخصصات وأحسن الأحوال بعد إكمال تعليمهم في أفضل جامعات العالم! يشهد لهم القاصي والداني ولا شك ان الفضل لله عزوجل ومن ثم لعشرات الأطباء الذين علمونا في كلية الطب، منهم من توفاه الله ومنهم من تقاعد ومنهم ما زال مستمرا على رأس عمله في المهنة وفي التعليم!
ولتتحول الذكريات المرَّة الى قصص يتندر بها الجميع ، ولا شك ان كثيرا من الجروح مع الزمن تندمل، وكثيرا منا لم يعد يذكر قصص دراسة الطب بالأردن، ولا ننسى فضلهم، غير أني بين الفينة والأخرى مازلت اجد احد الأطباء لم تندمل له قصة هنا او هناك، ولكني اذا نظرت لحاله، وجدته ناجحاً بكل المقاييس!

لا اعرف تماما أسباب اصطناع هذا الجو النفسي هناك، هل هو اُسلوب بريطاني قديم في التعليم يعتمد على التشددوالارهاب، ام هو انعكاس لحالة ثقافية مجتمعية معينة! ام غير ذلك !

كثير منا أتى للولايات المتحدة لإكمال تخصصه، ومن اول شهر لم نصدق كيف رأينا الفرق الفلكي في التعامل مع طلاب الطب هنا، فلم نتخيل ان نجلس على نفس الطاولة بالكافتيريا مع البروفسور ونتبادل النكات او نتكلم في أمور غير طبية وما اجمل حالة الانتشاء بعد كل شهر عندما يعزمنا الاختصاصي خارج المستشفى ويدفع هو ثمن الطعام! لكافة فريق الطب والراوند، وكان البروفسور بشكل عام لا يتقصد ولا يُحرج طالبا بعينه، ولا ينتظر معلومات دقيقة مفصلة مبصومة! وبعد شهور من الاندماج في التعليم الامريكي بدأنا نتعافى شيئاً فشيئا من النقاط السلبية التي اكتسبناها في التعامل مع الأطباء والأساتذة، في الاردن، ولتظهر اكثر فاكثر عبقرية مذهلة في بصم كل المراجع والكتب في كلية الطب، ليعترف الأمريكان رغماً عن انفهم بتميز كليات الطب في الاردن !

لا شك ان الأمور تغيرت في المستشفيات التعليمية في الاردن منذ عشرين سنة الى الان، ولا شك ان الأطباء الجدد من الجيل الجدد قد جدد الدم التعليمي ولكن في نفس الوقت أفاجئ من تعليقات طلاب طب في الاردن الان تؤكد ان الامر لم ينتهي ويبدوا ان هناك أمور ومشاكل مستحدثة مختلفة، منها زيادة عدد طلاب بصورة لوغاريثمية لزيادة دخل كليات الطب فلعل ذلك قد يدعو لتقليل الاهتمام بالطلاب او تقليل الوقت التعليمي المخصص لكل طالب ! عدا عن الاستمرار في الأسلوب التلقيني والضغط النفسي!

ها نحن او بَعضُنَا اصبح بروفسورات ايضا، بعد سنوات طويلة من تخرجنا وسنعمل المستحيل للاهتمام اكثر بطلاب الطب ، أينما كان، ولن نزيد في همومهم وسنساعدهم الى جعل هذه المرحلة مرحلة استمتاع وحب للمعرفة وحب للعطاء وخدمة الناس بدل ان تكون هماً قاسيا ومرحلة صعبة!

رحم الله من مات من أساتذتنا ، وغفر لهم، ومن مات من زملائنا ، ولنعمل سوياً على الرقي بمهنتنا وتعليمها في بلدنا الحبيب





  • 1 25-07-2016 | 06:03 PM

    ابدعت بهاء ...

  • 2 طبيب امتياز 25-07-2016 | 06:56 PM

    ما زلنا دكتورنا الفاضل نعيش الجو نفسه قبل عشرين عاما وما زلنا ننسخ الكتاب وما زال التعامل هو هو

  • 3 إياد سلطان 25-07-2016 | 07:31 PM

    أبدعت... وصف دقيق لمرحلة صعبة ومواقف مبهمة من كثيرٍ ممّن علّمونا فكانت المعاناة مضاعفة بسبب أساليبهم المرفوضة، شخصيّا قرّرت ألاّ أكون مثلهم.

  • 4 أمجد-طالب طب 25-07-2016 | 07:48 PM

    أبشرك الأمور ما زالت على حالها ، والتعامل السيء والتعالي على الطلاب ما زال بل يمكن انه زاد. نفتقر للمعنى الحقيقي لمهنة الطب السامية ولا نراها في اساتذتنا و دكاترتنا، كل ما نراه . ..........؛ بل أصبحوا يتفننون بطرق ترسيب الطلبة لان القاعات لا تسع لجميع الطلبة المسجلين في الكلية.

  • 5 طبيبة امتياز 26-07-2016 | 03:15 AM

    يعطيك العافية دكتور كم أنت رائع فمقالك يحصل الآن ويكرر.. عشرون سنة لم تكن مدتها كافية لتغيير أي شيء فالموضوع يورث من جيل إلى جيل الحمدلله تخرجنا وإن شاء الله ما بنرجع عمكان فيه ضغط نفسي مثل هيك إلا في حالة واحدة نقدر نغير هذه المنظومة بل الشبكة من الطس

  • 6 طبيبة امتياز 26-07-2016 | 03:16 AM

    يعطيك العافية دكتور كم أنت رائع فمقالك يحصل الآن ويكرر.. عشرون سنة لم تكن مدتها كافية لتغيير أي شيء فالموضوع يورث من جيل إلى جيل الحمدلله تخرجنا وإن شاء الله ما بنرجع عمكان فيه ضغط نفسي مثل هيك إلا في حالة واحدة نقدر نغير هذه المنظومة بل الشبكة من الطس

  • 7 ام اسلام 26-07-2016 | 05:59 AM

    مقال رائع جدا هذه الحالة ليست عند الأطباء فقط بل عند كل المسؤولين

  • 8 حراث 26-07-2016 | 07:18 AM

    لا ومبشرك بيتعاملوا في المستشفيات الحكومية والتابعة للدوله مع المرضي بشكل .......وكانهم شحادين وكانهم بيعطوا الناس ارواح جديدة الا اذا معاك واسطه فيظهرون لك الاحترام وقتيا ليرضي الواسطه لذلك الامور تعبانه .....

  • 9 Fareed 26-07-2016 | 08:38 AM

    نا تخرجت من كلية الهندسة منذ اكثر من عشرين سنه والوضع هناك كما وصفت بالضبط. نجاح بالكاد وتعقيدات ما الها لزوم. اكملت دراساتي العليا في امريكا بجهود لا توازي ١٠% من البكالوريوس وبتفوق ومنح من افضل دكاترة العالم. على شو دكاترتنا وجامعاتنا شايفين حالهم؟
    المحزن انه دكاترتنا معظمهم خريجين امريكا وبعرفوا تماما انهم ما كانوا يتعاملوا بهذه الطريقة ولما يرجعوا الاردن ما بطبقوا هذا الاسلوب في التعامل. فلسفتهم ابدا غير مبررة.

  • 10 العبابنه 26-07-2016 | 09:17 AM

    هلا عرفت من وين اطباء الأردن تعلموا كيفيه التعامل مع المرضى

  • 11 موفق المدارمه / طيار سابق 26-07-2016 | 10:16 AM

    دكتور يحفظك الحافظ .. المشكله ذات صله بثقافات متباينه تماما ..مع ملاحظه العجز عن التأثير بالمتلقين بغض النظر عن الاختصاص ... الدراسه بالغرب متعه نعم متعه ... المحاضرون لا يغرضون عضلاتهم / بغض النظر عن نوع العضلات علميه كانت أم طول خبرات ... يعملون بأمانه و لا يترددون عن اعطاء المزيد من الوقت و الساعات الطوال من أجل متدرب يطلب من العلم مزيدا ...نعم هم مختلفون و لن نتمكن من اللحاق بهم يوما لأنهم أناس غير فالسو عفوا ؟ وعذرا و أنا أتألم لواقع حالنا الذي يسر فقط العدى و دمتم

  • 12 موفق المدارمه 26-07-2016 | 05:37 PM

    هذا مقال يصلح كماده أساسيه تناقش بلقاء وطني تدعى له كافه الجامعات ..ول بدأنا بالمداس يكون المدود أفضل ... دولته محاضر قديم و متميز بحسن التعامل والتأثير على الجمهور فعساه يوعز لمؤتمر وطني و يكلّف وزارتي التعليم و العالي بالمهمه و تحت اشرافه ..دولته ومن قبل معهد الاداره العامه 1983 كان لي محاضرا بكليه الأركان الصغرى بسلاح الجو لماده الاداره العامه وكنا باهف ننتظر اللقاء به ..الأستاذ عبد الله عليان في حينه كان مدير معهد الاداره العامه و المقدم محمد العاصي للكليه امرا ..و دمتم ,و شكرا للدكتور

  • 13 أبو يوسف 26-07-2016 | 09:45 PM

    أبدعت دكتور أنا تخصصي ترجمة و أدرس في احدى الجامعات خارج الأردن .. أذكر قبل عشرين سنة أنه مباشرة بعد أن تخرجت بكالوريوس أني لم أترك هذا الموضوع يمر بسلام كما فعلت حضرتك .. في احد الممرات امسكت برئيس القسم الذي كان سيء التعامل و قلت له شايفني أنا احسن منك و ابوي احسن من ابوك و عشيرتي احسن من عشيرتك و انا علميا اتحداك و اذا كنت رجل لاقيني خارج باب الجامعة لأنه هناك لا تستطيع أن تكلمني بنفس الطريقة .. صديقي المشكلة نفسيات وضيعة و شخصيات لئيمة أكثر منها أي شيء آخر و الحقيقة أني أرى أمثال هؤلاء أقلية و أنا أحب دائما أن أرى النصف الملآن من الكأس ..

  • 14 بشار 26-07-2016 | 11:45 PM

    اعتقد ان الامر يمتد مع الأطباء ولا أعمم لترى الجفصة وعدم الرحمة في تعاملهم مع المريض. ويصبح المريض عبارة عن صندوق من الدنانير، ويتسابق الأطباء على حساب المريض بشراء أفخم السيارات والعمارات والمزارع ...

  • 15 طالب طب بده ينتحر 27-07-2016 | 05:26 PM

    الوضع ما زال كما هو تماما؛ النسخ والبهادل والإرهاب النفسي والتشدد..

  • 16 رامي أنيس إيراني 28-07-2016 | 01:01 AM

    هذا ليس مجرد تنفيس او فشه خلق كما يقولون ، هذا مقال هام يستحق التمعن ويستحق ان يكون منطلقا لحوار يرتكز على تقبل النقد وعلى النيه الحقيقيه للاصلاح ،، عملت لفتره وجيزه محاضرا في كليه الطب وعانيت الامرين الى ان تركت الجامعه ، فحتى كمحاضر وليس طالب طالني سوء التصرف

  • 17 طب الهاشمية 30-07-2016 | 04:54 PM

    بالجامعة الهاشمية أغلب الدكاترة بيعاملو الطلاب بأحترام



    لكن البهدلة و الضغط النفسي في أنه الطالب بينذل بسبب عدم وجود مستشفى جامعي



    بيتدربو بمستشفى ممنوع أنهم يستخدمو مرافقو. .. ممنوع استخدام المصاعد

    عدد كبير من الطلاب بالمجموعة



    كليات الطب بالأردن صارت فقط عبارة عن بترول "مصاري"


تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :