facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




انقلاب التّحريك لا التّحرير والعرب


27-07-2016 10:12 AM

كتب: سيف الله حسين الرواشدة

دعونا في البداية نتفق على أنّ الانقلاب الأخير في تركيا لم يدعم من الخارج أملًا في نجاحه بقدر ما دعم أملاً في تحقيق ظروف تفاوض أفضل مع الحكومة التركيّة أثناء حدوثه، و أنّه كان تجسيدًا لمقولة السّادات "هذه حرب تحريك لا تحرير" هذا لأنّه لا عاقل يغامر باستقرار تركيا و من خلفها استقرار الشّرق الأوسط و أوروبا و يبدّل نظامها المنتخب بنظام عسكري فاقد لأي غطاء سياسي، وأنّ الدعم الخارجي قد حصل فعلاً لأنّ الجيش التركي بعلاقاته المتشابكة مع الناتو و الولايات المتحدة لا يمكن أن يقوم بانقلاب من غير جس نبض هذه الأطراف على الأقل، و كل هذا لا ينفي بالضّرورة نيّة الإنقلاب الفعليّة لمن أعطوا أوامره على الأرض و نفذه من ضباط و جنود، و لسنا هنا بصدد الحديث عن مجريات الإنقلاب التي أسهب و أطنب بها الكثير، و لا عن أخطائه وتردد بعض الجنود في اسطنبول (أو قلة خبرتهم) و شراسة معركة أنقرة، لكنّها هي ثلاث نقاط توجب الحديث عنها، أوّلها أحداث ما قبل الإنقلاب من عام 2004 إلى اليوم، وثانيها ما نظنّ أنّه سيتغيّر في السّياسة التّركية (أو ما هي الشّروط و التّسويات) الجديدة، و الثّالثة هي ردود الفعل العربيّة الشّعبية بين نتائج تنظير أوغلو (قوس الإسكندر) و البحث الدّائم السّاذج عن الدّولة الجامعة و حلم النّهضة و النموذج الجاهز للتعميم . و يجدر بنا في البداية الإشارة إلى أنّ السّياسة هي لعبة تحقيق أفضل ما هو ممكن في ظل الظّرف القائم، تحكمها المواقيت و التوازنات لا قصص الخرافة البطولية، و من هنا بالذات نشهد لأردوغان بالدّهاء و الفطنة و الحنكة السّياسية. بدأت قصّة أردوغان و جماعة الخدمة بالظّهور في وسائل الاعلام عام 2004 لما أصدرت صحفية ( طرف ) التركية وثيقة لمجلس الأمن القومي التّركي تدعو إلى محاربة جماعة الخدمة بسبب بثّها للكراهيّة في المجتمع التركي، صائغ هذا القرار كان الجنرال (شينار ارويجور) و قد تصدّى له أردوغان وقتها بالرّفض، الذي تمّ استغلاله سابقًا في دوريّات الجماعة الدّاخلية لحشد التأييد لأردوغان و لاحقاً في (طرف) لمهاجمته مع اغفال موقفه (الرّافض) حينها و إثبات وجوده في الاجتماع للتلميح على موافقته للقرار، و هذا الجنرال نفسه قد سجن لاحقاً في قضية أرغينيكون الشّهيرة، و بعدها برزت قضيّة المدارس التّابعة لجماعة الخدمة التي يريد أردوغان إخضاعها للمناهج الرسميّة وتحويلها لما يشبه المدارس الخاصة بحجج رفع مستوى الطّالب التركي الأكاديمي، وتمّ تقديم هذا المقترح بمباركة فتح الله و جماعته بداية في عام 2004 و رفضه الرّئيس نجدت شيزار لأنّ نفقتها ستشكّل ضغطًا ماليًا على دولة. أمّا بعد استلام حزب أردوغان الحكم قوبل هذا المقترح برفض حازم من الجماعة تحت شعار ( لا تغلقوا أبواب الجنة ) و تبعتها سلسلة الخلافات من سفينة مرمرة المتّجهة إلى غزّة، و تعيين هاكان فيدان مديرًا للاستخبارات (القرار الذي لم ترحّب به واشنطن و تل أبيب)، و محاولة محاكمة الرجل في قضية محادثاته مع الأكراد ( القضية التي حصّنه بعدها الرئيس من أي ملاحقة قانونية) ، و أحداث تقسيم، و تهم فساد وزراء الحزب الحاكم في ديسمبر 2013 التي طالت أردوغان وابنه بلال أيضًا، و فكرة الكيان الموازي المتداخل في ومع صراعات الشّرطة والمخابرات الداخلية التي أشار لها أردوغان في ذكرى تأسيس الشرطة 170 عام 2015، التي هي كانت سبب مغادرة كولن البلاد عام 1999 بعد تسريب تسجيل له يحثّ أنصاره على التّسلل إلى مفاصل الدّولة و تشكيل هذا الكيان، الذي بالطّبع نفاه كولن واتهمه بالفبكرة وتجدر الإشارة هنا أنّ أعداد النّاخبين الموالين لكولن حسب التّقديرات هي من 3% إلى 8% و قد تعكس هذه الارقام تعداد هذا الكيان الموازي . وهناك أيضًا خلافات البيت الدّاخلي للحزب الحاكم بين الريس و الأستاذ تبعًا لملف البجع ( اتهم اوغلو بالتباطؤ في صياغة النّظام الرئاسي الجديد و سحب البساط من تحت أردوغان و لمّح الى إمكانيّة التضحيّة بالرّئيس في سبيل مصالحة كبرى إضافة الى إتّهام الرجل بجر تركيا الى الصّراع السوري لأنّه لا يفرّق بين التّنظير الأكاديمي و أرض الواقع) هذا الملف الذي لم يعلّق عليه الرّئيس و لم ينفيه، كما فعل مع تسريبات سابقة طالته و ولده سابقًا، و لهذا أيضًا وُصِف الملف بأنّه اغتيال سياسي لأوغلو، و الخلاف أيضًا مع عبد الله غول. هذا إضافة إلى المواقف التركيّة الخارجيّة مع سوريا و روسيا و الغرب و مصر و السعودية و قطر و الإمارات التي تتقارب و تتباعد هي أبرز صفات المشهد التركي قبل الإنقلاب المستعجل قبل أوانه. أمّا المشهد بعد الإنقلاب فهو يعكس مزاج المفاوضات الحاصلة أثناؤه بين الحكومة التركية و القوى العالمية ( التي يبدو أنّها حصلت و أردوغان بأضعف حالته و هذا يعكس ذكاء الرجل الذي اختار هذا التّوقيت للتفاوض فهو يغري المفاوض بضعفه و يلقي بورقة الشرعية و إنزال النّاس إلى الشّارع و مقاومة الشّرطة إلى تلك اللحظة فيكون هو الضعيف القوي الذي لا مناص من التّفاوض معه و الوصول معه هو فقط إلى تسوية ) و يحمل هذا المشهد أيضًا تصفية حسابات لما كان قبل الإنقلاب، يتجلّى هذا بالاعتقالات التي لا نعترض على وجودها و لكن يريبنا تشعّبها بين العكسريين والأمنيين والأكاديميين و موظفي الدّولة والقضاء و غيرها و عددها الكبير نسبيًا، ورمطالبة صريحة برأس فتح الله و مهاجمة علنيّة للولايات المتحدة ( قد تخفي تحت نبرتها العالية اتفاقًا مسبقًا) وهناك أيضًا الظّهور المبالغ فيه أحيانًا للخصوم في البيت و الواحد مثل أوغلو و غول إضافة إلى أحزاب المعارضة بجانب الحكومة و هذا ما قد يفسّر بتسجيل مواقف خوفًا من تصفيات حساب مستقبليّة، أمّا المشهد الإقتصادي صاحب نسبة التّضخم 6 % فهو متماسك بعض الشّيء إلى الآن مع تراجع لقيم الصّرف بالنّسبة للدولار بنسبة 6 % و 10 % منذ أبريل المنصرم و وعود حكوميّة للإستثمار الأجنبي بمتانة الإقتصاد التركي و دعوة للبنوك بالقيام بتسهيلات للإستثمارات المحليّة. و من هذا قد يبدو للمشاهد ما هي مكاسب الحكومة التركية من (مفاوضات) انقلاب التّحريك هذا، من تصفية للخصوم و استقرار اقتصادي حذر ( غير متوقّع حدوثه بعد أي انقلاب عسكري في بلد يعتمد بنسبة جيدة على الإستثمارات الأجنبية و السياحة) أمّا مكاسب الأطراف الأخرى ستحملها قادم الأيام بالذات في ملفات تركيا الخارجيّة و علاقتها بالأزمة السّورية و التّسوية الكردية . أمّا ردّة الفعل العربيّة الشّعبية بعيدًا عن تفاصيل الإنقلاب و مجرياته و نتائجه، فهي مستقطبة بين مبجّل لأردوغان يكاد ينزع عنه صفة النّقص الآدميّة ويجد له مبررًا دائمًا ( استناد إلى الصورة المبالغ في كمالها التي يرسمها تاريخنا لخلفاء دولنا التاريخية وسلاطينها) و بين مشيطنٍ له لا يعترف له و لا لحزبه بفضل أو منجز يحاربه كمن يخفي الشمس بغربال، و كلاهما ينظر الى الحزب الحاكم التّركي على أنّه نسخة من الإخوان المسلمين أو أحزاب الإسلام السياسي العربية متناسين خصائص الدّولة الأمة التركية الحديثة، أضف إلى هذا أمراض العصر العربية من شخصنة الفكرة و عبادة الشّخوص في البحث الدائم عن الشّخصية الجامعة التي تعيد الأمل و النّهضة الفقيدين و النّظرة الحالمة إلى الماضي التي لا تبحث عن شراكة بين التّراث و الحاضر بل تريد استرجاع الماضي كما هو فقط أو تريد إقصاؤه و الانقطاع عنه، ستحصل على صورة مغايرة للواقع لا تعترف بأحكام السياسية العالمية و لا لواقع الدّولة التركيّة ومجتمعها التي ترى أتاتورك بطلاً و غازيًا كالفاتح مثلًا، وأنّها الدّولة الأمّة القوميّة و المسلمة أيضًا، التي تسحب قوصها إلى الشّرق بأقصى اتساع حتى يتوغّل سهمها غربًا لأقصى مسافة. و هذا الخلل في الرّؤيا يحمل إشارات واضحة لكلل الشّباب العربي من رموزهم و دولهم و بحثهم عن نماذج رومانسيّة يتبعونها لتغطية الواقع، و يحمل دلالات واضحة على عدم إلالمام بعلوم الإقتصاد و السّياسية و حتّى التّاريخ عند شريحة واسعة منّا و على تغلّب العاطفة الدينية على المنطق عند شبابنا، ردّة فعل الشّارع العربي على الإنقلاب تحمل دلالات المرض بنفس القدر الذي حملته ردة فعل الشّارع التركي على الإنقلاب من دلالات للعافية إلّا من رحم ربّي طبعاً.





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :