facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




أنا عندي حنين


احمد حسن الزعبي
01-08-2016 02:47 AM

يبتسم ويحيّي شرطي الجوازات الذي يختم مرور مئات الزائرين في اليوم ، الشرطي يعتبر عمله روتيناً مملاً فغالباً ما يردّ بأقل عبارات ممكنة ، الا أن المغترب يراه شيّقاً وشقيقاً فينتبه لأي حرف يخرج من فمه خلف «فترينة الزجاج» ..يحمل المغترب أوراقه وحقائبه وينطلق ، يشكك بنوايا المُرحّبين وعارضي الخدمات الواقفين على جانبي طريق العربة ، خارج البوابة الكهربائية يعرف أن ثمة تسعيرة موحدة لتكسي المطار فيطمئن قليلاً ، يحاول أن يبني صداقة مع السائق ويبدي دماثة مضاعفة ..يحاول أن يتعرّف عليه بالاسم وأن يتحقق من اسم العشيرة..لتبدأ قصة «شو بيجي لك فلان»؟!..طوال الطريق والسائق لا يتوقف عن الكلام ، يحاول المغترب أن يسترق النظر إلى الجديد في البلد ، إلى لوحات الإعلانات..أرزّ بسمتي..شركات الاتصالات..عروض الجامعات الخاصة...الأردن ينتخب...هو يتنفس هذه التفاصيل من شباك السيارة الجانبية ويتمتم بصوت لا احد يسمعه: «الله يحمي هالبلد»...

**

تموز جميل ، فيه أضواء المطاعم الرابضة فوق التلال العمانية ، فيه صوت الصحون التي ترفع من على الطاولات الممتدة آخر الليل ، وفيه طقطقات ملقط الفحم في يد العامل المصري، فيه رائحة الدرّاق التي تعطر سيارة « الافانتي» على طريق جرش ، فيه أطفال سمر يقفون خلف صناديق الفراولة ، يؤشرون لكل المارّين على طريق مادبا، يطمعون قليلاً بالسيارات الحديثة و»النمر الخليجية» لكنه طمع بريء «نصف دينار» زيادة لا يعوض سمرة الخدين من حرارة الشمس..في تموز هناك قطوف عنب ينحني المغترب تحتها كلما أراد المرور الى «بيت الحجة» ، هناك ماء «البير» الذي يغلي تمهيداً لكوبين من الشاي..هناك كلام عن هناك..وهناك كلام عن هنا..في الليل ضحكات صادقة مجلجلة ، وشوق مطوي تحت شفة الابتسام ..هناك سهرات تحاول أن تُطيل عمرها بأي حجة كي لا تنتهي..لحظة!!! «القهوة ع النار»، شو رايك «دكّ نسكافية»؟؟ دقيقة «جيبوا لنا شمام»!!...ستبدأ مباراة بعد قليل دعونا نحضرها!!ا...في تموز يسترق الشجر الحكايا ، يختزلها ،يحفظها، يرقص لجمالها، ثم يبوح بها زهراً فثمراً ..نقطفه ونتغنّى بحلاوته...انها حكايانا..انها ضحكاتنا العالية ، في تموز هو أعاد إنتاجها ليس الا..

**

في تموز انا عندي حنين ، لكل المغتربين الذي يحاولون أن يُسعدونا ليسعدوا ، يحدّقون في ملامحنا لحظة الشرود وكأنهم يخبزون ذاكرتهم على وهج عيوننا، هم يستعيدون أيامهم بنا ، نحن ماضيهم ، نحن رائحة المكان ولون الزمان و»غبرة» الحواري ورائحة الأمهات هكذا يقرأوننا...في تموّز أتمنى لو أنّي أطوي الليل وأضعه على طاولة خياط الزمن ليطيله قليلاً، ليصنع له جيوبا من حكايات وزناراً من ياسمين...في تمّوز أصبح مثل عجوز طاعنة في أمومتها وفي وحدتها ..تفرح كلما هزّ الريح بابها أو أسقط القط كوب ماء من على الخابية... فقط لتطمئن ان ما زال في الحياة حياة..

الراي





  • 1 محمد فتحي-دبي 01-08-2016 | 06:21 AM

    لا زالت الحياة هي الحياة يا صديقي ...ولا زالت في الحياة حياة
    ولانك جربت الاغتراب اخي ابوعبدالله فانت تعرف قيمة عبارة :بدأت الطائرة بالهبوط التدريجي نحو مطار الملكة علياء الدولي

  • 2 ناصر سلهب 01-08-2016 | 09:31 AM

    أبدعت في الوصف يا أستاذ أحمد.

  • 3 مغترب 01-08-2016 | 12:09 PM

    الحمد لله ان من هناك في بلدنا مع يذكرنا بخير فقد نسينا انفسنا خارج الوطن يسمونا اجانب وداخل الوطن مغتربين ,,, بوركت ايها الرمثاوي

  • 4 سامي /الكرك 01-08-2016 | 01:50 PM

    رائع استاذ احمد

  • 5 عبد الكريم الزعبي 02-08-2016 | 12:19 AM

    ابدعت أستاذ احمد وحمى الله الاْردن وشعبها


تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :