facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




دولة المفتي

04-08-2016 12:41 PM

يوجد لدينا في الأردن دائرة مستقلة استقلالاً مالياً وادارياً تسمى دائرة الافتاء العام ،ويعين المفتي برتبة وراتب الوزير، ويُنظم عملها قانون الإفتاء لسنة2006 ومن اهم مهامها إصدار الفتوى في الشؤون العامة والخاصة وفقا لأحكام القانون ودائرة الإفتاء مؤسسة دستورية ،وتؤدي دوراً بنّاء في استنباط الحكم الشرعي على واقعة معينة من اشخاص متخصصين بالفقه الإسلامي، وكذلك حصر الفتوى بجهة رسمية واحدة حتى لا يخوض فيها الأفَّاكون وأصحاب الأهواء.
ما نرغب بالولوج إليه هو مناقشة فلسفة الإفتاء وحدوده وضوابطه في ظل الدولة المدنية ودولة القانون والمؤسسات على ضوء الإقبال المتزايد بالآونة الأخيرة على طلب الفتوى في أمور هي بديهيه وساذجة لا تستحق عناء الإجابة كطلب الفتوى في حكم بيع الذهب للرجال، وفيما يؤثم المتوفي إذا أقامه ولده ووريثه وليمة بأموال ديّن، أو حمل شخص لصورة والده بالمحفظة أو جواز الترحم على الجار غير المسلم ولم يبقى للبعض الآخر من المعطلةُ عقولهم إلا استفتاء المفتي بجواز شرب الماء من زجاجات البلاستك ،او جواز شراء مسبحة من ايطاليا، وهناك فئة اخرى لا تعلم بوجود قوانين في البلد وتستفتي عن حكم الترشح للانتخابات وحكم بيع الكروكه لشخص آخر، وحكم نبش القبور وحكم اطلاق المفرقعات، وحكم قراءه الكف والتنويم المغناطيسي....وغيرها.
بعض هذه التساؤلات يقع من باب تَرف وعبث التساؤل ، وإضاعة وقت المفتي الثمين، أما بعضها الآخر فقد عالجتها القوانين المعمول بها فبيع الذهب للرجال نظمه القانون المدني كعقد بيع والترشح للانتخابات حق دستوري، وقد نظمه قانون الانتخابات وله شروطه المدرجة بالقانون، ونبش القبور والتنجيم بقراءة الكف جرم مستوجب عقوبة منصوص عليها بقانون العقوبات.
ورغم كل ذلك تتطوع دائرة الإفتاء التي نقدر ما تقوم به من دعوة للتسامح والوسطية – بالسماح للإفتاء بهذه الامور مما يشجع كل من يرغب بتَغيّب عقلة الى السؤال عن تحليل او تحريم امر بسيط، وساذج في حياته، وقد يتشجع البعض لمخالفة القانون في امر قد تكون الفتوى التي يتم الرجوع لاستنباطها الى كتب ومصادر ائمة - نجّلهم ولكنهم (ليسوا مقدسين) - كتبوها بعد مرور مائة وستون سنه على موت الرسول عليه السلام واختلفوا فيما بينهم في كثير من الفتاوي التي تأسس جزء كبير منها على احاديث نبوية غير متفق عليها بالإجماع كالتي وردت بكتاب سيرة ابن إسحاق والذي قال عنه الإمام مالك: "أنه دجال من الدجاجلة".
مخالفة التشريع في دولة القانون والمؤسسات الي تبجّل العقل والإنجاز ولا تخالف الدين الذي احتجزه مجموعة من النصيّين، وذوي الأفق الضيق اللذين اسهموا في تجميد حركة العقل والتفكير وشجعوا على الاستسلام للسائد، والخضوع للواقع، والتقليد في حين أن العقل هو حجر الزاوية للإيمان والفلاح والفعل والانجاز وقال تعالى: " وتلك الامثال نضربها للناس وما يعقلها إلا العالمون" (العنكبوت/43).
الزمن يتغير والاعراف كذلك وعلى مؤسسة الإفتاء مراعاة الأعراف والتعويل عليها ويقول الامام القرافي "يظهر غلط كبير من الفقهاء والمفتيين ، فانهم يجرون المسطورات في كتب ائمتهم على اهل الامصار في سائر الاعصار (والمقصود العصور) دون مراعاه لتغير العرف".
نقدر ما يقوم به فضيلة المفتي، وأرجو أن يتسع صدره الى القول انه يجب تقنين الإفتاء بالأمور البديهية، التي لا يستحسن نشرها، فهناك منظومة قيم اجتماعية واعراف وعادات ذات طبيعة انسانية،وعلينا تعزيزها وتطويع النصوص لإسلام معتدل يستلهم الرؤية الملكية بالتسامح، والمناداة بالمواطنة كمكون اساسي في بنيان العقد الاجتماعي، وفي اطار دولة يتسع مضمونها ورحابها لكل المواطنين بصرف النظر عن توجهاتهم ومعتقداتهم ومكافحة التطرف الأخلاقي والديني والأخذ بمكنون رسالة عمان أحد انجازات الدولة الأردنية لمكافحة التعصب والدعوة الى الوسطية والتيسير واتباع قاعدة "أن الأصل هو الحلال والتحريم هو الاستثناء "، فمثلا القول بجواز تعزية الصديق أو الشريك أو الجار الأردني المسيحي، أو العلماني، ورغم أن قصد المفتي كان شريفا بالإجابة الا أن السؤال كان مستهجناً ، وهو يعادل الاستفتاء حول هل يجب ان يحب الإنسان أمه وأبيه؟!، وكان من الواجب رصد السائل وتحويلة الى القضاء بتهمة ازدراء الأديان على غرار ما قام به وزير الثقافة الاردني المحترم بإنشاء وحدة لرصد توجهات التطرف، او كان على المفتي ارشاده وعدم نشر الفتوى ، فحسبنا قولة تعالى :"قل الله اعبد مخلصا له ديني فعبدو ما شئتم من دوني"( سورة الزمر/14-15). او قوله تعالى "ما المسيحُ ابن مريم إلا رسولٌ قد خلت من قبله الرسل وامُه صدّيقةٌ ........"(سورة المائدة / 75).
نناشد رئيس الوزراء المحترم ومن ورائه فضيلة المفتي الذي نحترمه الانتباه الى موضوع فلسفة الإفتاء وأبعاده وحدوده وعدم التوسع فيما لا يلزم الإفتاء به، لأن من سمات الدولة المدنية التي تنادي بها بسيادة القانون على جميع ابناء المجتمع الواحد المساواة وحفظ الكرامة بغض النظر عن أي علامة اجتماعية او دينية فارقة، فإذا ادخلنا كل تصرف او مشيئة او مشروع تجاري في دائرة الفتوى فإننا نبتعد عن مربع الدولة المدنية.. دولة القانون والمؤسسات والعدالة والمساواة وندخل في مربع دولة المفتي ... مع تقديري لشخص المفتي العام على التعزية المشهودة.





  • 1 ربى الناصر 04-08-2016 | 01:15 PM

    مقال رائع اتمنى الاخد به

  • 2 04-08-2016 | 11:44 PM

    أحسنت أخ أبو هشام وكثيرا ما نسمع على إذاعتنا مثل ما تفضلت به وهو شيء محزن نسئال ألله التوفيق لكل مجتهد في خدمة الوطن مع كل الاحترام والتقرير

  • 3 متابع 05-08-2016 | 08:49 PM

    قد يكون السؤال بالنسبة للكاتب بدهيا لكنه ليس كذلك للسائل فآلات الضخ اﻹعلامي التي تحمل رسائل الكراهية والتطرف كثيرة ومن ضمن رسائلها عدم جواز تعزية المسلم لغير المسلم لذلك كان لا بد لسماحة ابمفتي أن يتكلم وإلا كان سكوته رضى ولو ضمنيا عن فتوى المنع وعدم الجواز.

  • 4 علي الشطناوي 06-08-2016 | 03:43 PM

    الله يهديك ويدلك على الحق وتعلم ان في الاسلام ثوابت لا تغيرها قوانين الارض ولا عقول البشر. والمفتي مطالب ان يصدع بالحق وان يجيب الأسئلة التي لا تروق لك كعلاقة المسلمين مع أهل الكتاب وغيرهم.


تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :