facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




يحشون أدمغة الناس بالخرافات


د.عودة الله منيع القيسي
05-08-2016 12:35 PM

في الساعة الرابعة والنصف من يوم السبت-27 –رمضان-1437 –الموافق-2-8 -2016-استمعتُ إلى رجل يتحدّث في إحدى الإذاعات المحلية, يقول حكاية خرافية. مؤدّاها ..أن رجلاً غنياً اشترى , يوماً, دجاجة مشوية, فقسمها نصفين: نصف له, ونصف لزوجته. وقبل أن يبدآ بالأكل .. طرق الباب طارق, فنهضت الزوجة لكي تستطلع الأمر . فوجذت على الباب شحّاذاً, يطلب طعاماً ليفطر عليه في هذا اليوم الرمضاني..فعادت الزوجة تعرض على زوجها الغني أن يعطوا هذا الشحاذ الفقير نصف الدجاجة., فأبى.. وأكل الغني وزوجته الدجاجة ( أقول: بالهناء والشفاء ).ولكن هذا الغني, بعد سنوات, أفلس.. فباع أخر ماعنده حتى الدار !!- وعند إذ ٍ.. لم يكن أمامه إلا أن يبيت في الشارع, فاضطرّ أن يطلق زوجته...هذا هو الجزء الأول من الحكاية الخرافية.

- أما الجزء الثاني.. فهو أن زوجة الغني الذي أفلس, تزوجها رجل آخرُ غني, وفي مساء من مساءات رمضان .. طُرق الباب طارق.. فنهضت هذه السيدة لتعرف الأمر..فوجدت شحاذاً يسأل فطوراً له .. فعادت الزوجة وأخبرت زوجها, فقال: أعطيهِ نصف الدجاجة... وعندما أعطت الشحاذ نصف الدجاجة ورجعت ..كانت تبكي...فسألها زوجها الغني : لماذا تبكين , يا زوجتي العزيزة, ونحن عملنا معروفاً , ففطرنا شحاذاً صائماً ؟- ولكن, بعد تلكؤ.. أخبرته أن هذا الشحاذ هو زوجها السابق الذي كان غنياً , فأفلس !!! فكانت- مفاجأة.. ولكن الفاجأة الثانية أن زوجها الثاني هذا الغني هو ذاك الشحاذ الذي لم يسمح لها زوجها الأول ,عندما كان غنياً أن تعطيه نصف الدجاجة....!!!-

هنا انتهى الجزء الثاني من الحكاية. وقد سردها هذا الرجل المتحدث في الإذاعة..لكي يقدّم عبرةً للمستمعين بأنه يجب عليهم أن يتصدقوا, لأن الغني.. قد يصير فقيراً, والفقير قد يصبح غنياً ...

- حكاية مسلية قد تدغدغ مشاعر البسطاء...ولكنها تحشو عقولهم بالخرافات والأوهام- فتنشئ, وأمثالها.. عقولاً تقبل كل ما يقال ,لا تفرّق بين—الخمس من الطمس—كما يقول المثل الشعبي المعروف ..

- التعليق: أولاً=هذه كلها مصادفات اخترعها خيال مريض لبعض الفقراء .( وكلنا فقراء إلى رحمة الله) فعندما يعيش في أحلام اليَقَظة.. يرى نفسه قد قام بعملٍ ما , فأخذ يحلب له الدنانير حلباً, فإذا هو قد أصبح غنياً مليونبراً !! ولماذا لا..؟ أليس الله القدير بقادر على أن يحوّل الغني فقيرأ, والفقير غنياً؟؟ فيؤكّد -أجلْ يستطيع...ولكنه عندما تناديه زوجته تطلب كيلو من اللحم , يستيقظ من أحلامه, فإذا هو لا يملك ثمن كيلو اللحم !! أو – وعندما يطلب فقير من غني أن يقرضه عشَرَةَ دنانير , فيأبى الغني عليه ذلك...,- يقول, بينه وبين نفسه :الله كبير- الله قادر أن يفقرك ويغنيني... ثم يأتي الفقير صاحب الخيال الواسع والتصوّر الخرافي, فيحول هذه المعاني إلى حكاية خرافية لا تصح إلا في الأحلام –كهذه الخرافة!!- وهنا.. أقول: أجلْ, الله لا يحدّ قدرته شيء: (وما كان اللهُ ليُعجزَهُ من شيءٍ في السماوات ولا في الأرض )- فاطر- 44- ولكن قدرته متسقة مع قدَره, ومع عدله .

ولذلك .. لا يغني الله تعالى كسولاً خاملاً, إلا من باب المصادفات النادرة جدّاً, لأمر يريده الله يتعلق بنظام الكون, هو أوسع من إدراك عقولنا...وأهم من هذا أن الله القدير العادل خلق في الكون نواميس وقوانين يسير عليها, فليس الكون فوضى, وليس عبثاً: (أفحسبتم أنّما خلقناكم عبثاً, وأنكم إلينا لا تـُرجعون؟؟)—المؤمنون—115 لهذا.. قد يغتني فقير واحد مجتهد, من كل رُبع مئة فقير مجتهدين!! ولهذا أيضاً قد يفتقر غني واحد من كل ربع مئة من الأغنياء المجتهدين.

- -هذا أولاً.. أما ثانياً =فمثل مصادفة هذا الغني الذي افتقر, والشحاذ الذي اغتني, بحيثُ وقع للأول أن طلق زوجته, وللثاني أن تزوجها نفسها– هذه المصادفة المركبة بل المعقدة – لا تقع إلا في أحلام اليقظة, أو في أحلام النوم من جائع عضّه الجوع ُبنابه . أما أن يتقبلها رجل يعظ الناس في الإذاعة, فهذه مصيبة,تدعو الناس أن يبنوا حياتهم على الأوهام, لا على الواقع الحيّ الذي يعيشونه , في اليقظة, لا في الأحلام!!

- وثالثاً= هاذان الغنيان بخيلان : لا يشتري كل منهما إلا دجاجة واحدة, مع أن الذين يكتفون بدجاجة واحدة هم الفقراء ّ-ثم.. هما نذلان, لأنهما لا يقبلان الشراكة مع الزوجة, فهو له نصف الدجاجة ,و هي لها النصف الآخر.. أما أن تشبع أو لا تشبع, فذلك لا يعنيه ..ثم أين الوداد والانسجام بين الزوجين؟ بحيثُ يأكلان معاً, وهما يتحادثان , فيكون في الأكل مَراءة وسعادة. إن الزوج والزوجة , في هذه الخرافة كالقطُيْن اللذين يأخذ كلٌ منهما طعامه, ويكمن في زاوية يتلذذ به !!مثل هذا التطابق في الأفعال لا يقع إلا في الأحلام أو الأوهام !!

- ورابعاً :ما هذه المصادفة التي لا يقبلها إلا دماغ بائس (لا عقل فيه)- التي توحّد بين الإفطارين : هناك دجاجة.. يقسمها الزوج الغني البخيل الذي يخلو من المشاعر الإنسانية , وهنا دجاجة يقسمها الزوج الغني البخيل الثاني الذي يخلو من المشاعر الإنسانية !!- الله تعالى, على طول الدهر وتعاقب الأجيال لم يخلق شخصين بنفس الجينات إلا هذه المرة.. سبحان الله !- وهل الله العظيم الحكيم يستثني في صُنْعِهِ كما نستثني نحن- البشرَ , لأن طبيعتنا تخلو من الانضباط الكامل ؟؟- أما كان حريّاً بصاحب الخيال الواسع المجدب – (سعةَ صحراء القطرانة التي لا تقوّم كلها بعشَرِة دونمات في عمان) -أن يتفتق خياله هذا..عن دجاجة عند أحد الرجلين الزوجين, وطبخة مقلوبة عند الثاني ؟؟ أهما صورتان لوثيقة واحدة ؟

- وخامساً : والناس في القديم , لصعوبة المواصلات, وسطوة النظام العشائري( لا كما هي الحال , اليوم)- لا يزوجون بناتهم , بنسبة -95بالمئة- إلا للأقارب أو لرجال البلد ..إذنأما كان الزوج الأول يعلم علم اليقين أن زوجته قد تزوجها فلان ابن فلان من القرية نفسها ؟ أتدلّه نفسه بعد ذلك أن يذهب إلى داره يستجدي إفطاراً له في رمضان؟ - ألم يكن في القرية من يتصدق عليه بإفطار إلا هذا الرجل البخيل الذي تزوج من امرأته؟؟-وبهذه المناسبة أريد أن أُرفـّهَ على القارئ, فأذكر له ثلاثة أبيات شعر تُروى في –معجم لسلن العرب- لفتاة زوّجها أهلها في قرية مجاورة. فما طاب لها العيش بعيداً عن أهلها,خاصةً أن زوجها عـُنّنَ عنها, فقالت:

- ( فمن يسقني من ماء بقعاءَ شُربة ً-----فإنّ له من ماء لينة َأربعا)
- ( لقد زادني شوقاً لبقعاء أنني------وجدتُ مطايانا من العيس ظُـلّعا)
- ( فمن مبْلغٌ تِرْبَيَّ بالرمل أنني-----بكيتُ فلم أتركْ لعيْنيَّ مدمعا ).

- =وبقعاء هي قريتها. ولينة, هي القرية المجاورة التي تزوجتْ فيها.أما الشطرة الثانية من البيت الثاني.. فالعيس فيها تعني: النوق . ومعنى الشطرة أن زوجها كان- عِنّيناً- والرمل : في البيت الثالث, اسم مكان.( وقد عرضتُ لهذه الأبيات الثلاثة, بتوسّع في كتابي:- منابع الشعر ومكانة الشاعر-).

- وآخر رقم, حتى لا أُطيل, وهو السادس, أقول:الرجل الأول الذي كان غنياً, وافتقر..أما كان بإمكانه أن يعمل : يرعى إبلاً, يرعى غنمأ , يحرس بستاناً, يزرع أرضاً لغيره, عن طريق المرابحة, ويعيش ؟؟ ألم يجد له الكذاب صاحب الخيال الواهم -الجديب .. وسيلة للعيش سوى الشحاذة؟ خاصةً أن الاحتمال الأكبر أنه كان شاباً أو كهلاً, لأنه لم يخلف ذرّية, فليس في داره إلا هو وزوجته !! والشابّ أوالكهل –يستطيع أن يعمل ,وأن يعيش, بكرامة , لا بخسّة ونذالة!

- وبعدُ.. فكل هذه ملاحظات وتساؤلات تؤكّد أن هذه الحكاية –خرافة ,لا أصلَ لها في واقع حياة الناس,وأنها وأمثالها تجعل الأوهام تبني أعشاشها في عقول كثير من الناس , ثم تبيض, ثم تُفرّخ... وصانعها الأول كذاب وبخيال واهم–جديب – ومصذّقها وهو راويها , في هذه الإذاعة, لم يفكّرفيما فيها من أوهام , وإنما همّه أن يحكي َ ما يُدغدغ مشاعر العامّة, ويقدّمه للناس , كواعظ ذرِبِ اللسان, يخلط عامّبة بفصحى... وقد استمعتُ, خلال سنة الى كثير من مثل هذه الخرافة. فلا بُدّ.. أن راوي هذه الخرافات, لديْه كتاب وُضِع في عصور الانطاط.. وهي عصورتدهور العقول وحُلوك الظلام !!

والله تعالى هو المستعان.





  • 1 محمد 05-08-2016 | 05:18 PM

    ياما سمعنا كذب من هيك أشخاص وكنا نصدق لما كنّا صغار.

  • 2 حسان 06-08-2016 | 01:08 AM

    القصه رمزيه تعني يوم لك ويوم عليك والولد الصغير يفهم ذلك اسمحلي أقلّك ضيعت وقتك ووقتنا بتحليل ما في داعي اله ............

  • 3 حسان 06-08-2016 | 05:42 AM

    القصه رمزيه تعني يوم لك ويوم عليك والولد الصغير يفهم ذلك اسمحلي أقلّك ضيعت وقتك ووقتنا بتحليل ما في داعي اله الا اذا انك ........

  • 4 ابو عواد 08-08-2016 | 03:45 AM

    يا ريت تالف كتاب توضح فيه الخرافات. وتنقدها.

    او مقالات


تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :