facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




انه الكتاب يا سادة


د.مخلد البكر
18-10-2016 06:34 PM

مذ تفتحت عيناي على هذه الدنيا و مذ بدأت اعي تقلباتها و متغيراتها و اميز غثها من سمينها وجدت ضالتي في صديق صدوق لم يخذلني ابدا... هذا الصديق الذي منحني من معارف هذه الدنيا و ثقافة اممها و سير قادتها ورجالاتها و مفكريها الكثير الكثير .... انه الكتاب الذي لم يفارقني طوال سنين مضت في حلي و ترحالي فأينما ذهبت كان معي و الى جانبي .

كان الالم و الحزن يتملكني في سني عمري الاولى اذا ما سمعت بكتاب قيم و لم استطع اقتناؤه او قراءته و كنت اسعى جاهدا لامتلاكه و حتى اتمكن من ذلك واثناء طفولتي كنت اجمع المال من مصروفي اليومي لشراء الكتب و اقتنائها و النهل مما تكتنزه من ذخيرة معرفية و ثقافية تغني و تفيد و تساعد على صقل شخصية المرء و تزيد من مخزونه الثقافي .

و مما اذكر انني في مرات عديدة كنت امضي ليلي الطويل في قراءة كتاب جذبني و استهواني حتى يبزغ فجر يوم جديد يذكرني بأنه يجب علي الاستعداد لمحاضرتي الصباحية في الجامعة الاردنية في الساعة الثامنة من صباح ذاك اليوم .

و الحديث عن المحاضرات و الجامعة يذكرني بالأيام الاولى لي في مكتبة الجامعة الاردنية في مرحلة البكالوريوس هذه المكتبة العتيدة العريقة اذ كنت امضي جل وقت فراغي فيها انهل من كتبها و مراجعها و دورياتها دون ان يضطرني ذلك لانفاق المزيد من المال فهذه الثروة المعرفية و الثقافية مفتوحة امامي بلا مقابل فكيف لي ان افوت هذه الفرصة الذهبية كنت استمتع بانتقاء الكتب عن رفوفها و انا اهمس في اذني احد الاصدقاء حول قيمة كتاب وقع بين يداي او عندما ارى في ردهاتها بعض ممن قرأت لهم او عنهم من كتاب و شعراء هذا الوطن و هم يجولون في اركانها فاشعر بسعادة غامرة بمجرد وقوع نظري على احدهم .

ولا يمكن ان انسى تلك المرة التي انفقت فيها قرابة الخمسمائة دينار لشراء و اقتناء مجموعة من الكتب من معرض عمان الدولي للكتاب كنت في حينها اعمل و اعكف على دراسة الماجستير في الجامعة الاردنية فجن جنون والدتي التي اصبحت تضيق ذرعا بكل هذه الكتب و الاوراق لا بل و حتى قصاصات الورق التي تستوطن في المنزل هنا و هناك فلا يكاد يخلو مكان من كتاب او ديوان شعر او رواية .. لم تكن والدتي الحبيبة تدرك مدى تعلقي بالكتاب و الثقافة و المعلومة و لم تكن (حماها الله ) تشعر بمدى الرغبة الجامحة لدي في سبر اغوار العلم و المعرفة و قراءة ثقافات المجتمعات و تاريخها و التعرف الى ابرز قادتها و مفكريها و موروثات هذه الامم وتراثها و تقاليدها و ابرز شعرائها و كتابها و مثقفيها .

ان صداقة الكتاب رحلة جميلة و مفيدة فهي تضيف اليك و تعطيك من تجارب الاخرين و تبني مداميكا في شخصيتك و تعجل في بلوغك سنــا لم تبلغه بعد و تهذبك و تزيدك رشدا و عقلانيـــة و رزانة قد يفتقدها كثير ممن تجاوزوك في العمر , كما انها تساعدك على مواجهة الازمات و المشكلات اليومية و التحديات الاجتماعية و تعطيك دافعية للعمل و العطاء و الانجاز و التقدم رغم رياح الحياة العكسية التي تجذبك و تدفع بك الى الخلف و تمنحك الفرصة لرؤية
الحياة من زوايا قد تغيب عن بال الكثيرين من حولك فالمعلومة تلقي الضوء على نقاط كانت معتمة بالنسبة لك قبل ان تعرفها .

اقول ما قلت و قد اجتاحت مواقع التواصل الاجتماعي من حولنا كل صغير و كبير و استنزفت جل وقتنا في متابعتها وإضاعة اوقاتنا عليها _ و انا هنا لست ضدها و لكنني لست مع سيطرتها على عقولنا وحياتنا بهذا الشكل _ فلكل عصر ادواته اما ان تنزعنا هذه الادوات من ثقافتنا و تاريخنا و نصبح اسرى لها فالأمر مرفوض بكليته , فما احوجنا اليوم لإعادة انتاج جيل مرتبط بثقافته و تقاليده و موروثه الاجتماعي الجميل المبني على جملة من القيم و المبادىء تمنعنا من كثير من الممارسات اليومية التي كنا في يوم من الايام نتغنى بها و اصبحت جزءا من التاريخ و الماضي الجميل الذي بدأنا بالترحم عليه .

في الختام اقول اننا مطالبين افرادا و مؤسسات بإعادة الهيبة للكتاب عبر تضافر كل الجهود و خلق بيئة خصبة للقراءة وصولا لخلق جيل مرتبط بالكتاب و المعرفة و الثقافة ... ثقافة تعيد ابناؤنا الى احضان امتهم و جذورها و عاداتها و تقاليدها و منظومتها القيمية التي انهارت بفعل ممارساتنا و سياساتنا التي انتجت جيلا فارغا مرتبطا بالغرب و ادواته و مغرياته فاستيقظنا على انفسنا مسلوبي الهوية مجهلين و نسير في مؤخرة ركب الامم . نعاني ما نعاني من مشاكل اجتماعية اقلها الجهل المتفشي بين المتعلمين و حملة الشهادات الذين و للأسف الشديد لا يقوون على كتابة سطر بلغة الضاد دون اخطاء املائية و هو امر يثير في الحزن و الحيرة معا و اخطر هذه الالمشاكل و التحديات افة تعاطي المخدرات على انواعها و اشكالها و ترويجها و المتاجرة بها.

و على النقيض تماما انتجنا من خلال هذه التخبط المتراكم مع النشىء وعلى مدار عقود خلت جيلا ناقما مظطربا كان بمثابة اللقمة السائغة لمنظري الارهاب و تجار الحروب الذين عبثوا بعقول و افكار و تفكير شبابنا و تمكنوا من جرهم الى مستنقعات التطرف و الغلو فرفع هؤلاء الفتية السلاح في وجه الاخ بدلا من العدو فلو كانوا محصنين بالعلم و المعرفة و الثقافة و من قبل ذلك بوسطية الدين القويم و اعتداله لم وقعوا في براثن هذه الحركات المتطرفة و لما سهل على الآخرين جرهم و التغرير بهم و قذفهم في آتون حروب طاحنة لا ندري ما هو مداها و الى اين ستنتهي .





  • 1 احمد المصري 19-10-2016 | 12:41 PM

    انه مخلد بكر يا ساده

    مذ عرفته وانا انعم بصديق عزيز كنت اتردد اليه بين الحين والآخر في ذلك المكان الذي تسقفه ضبابة من الدخان اذكر تفاصيلها حتى اللحظه ،،، نعم انه الانسان الذي ما رأت عيني من جيلنا انسانا كمثله كان متميزا بكل شي ،،،، ترددت اليه وتقربت منه كما تقرب من صديقه الكتاب ولكن بطريقة مختلفة نوعا ما كنت اسمع منه عن كل شي لاني كنت اجد فيه شخصا يحمل روحا مرحه ومثقفه في نفس الوقت ،،،احببت مجالسته كما احب الكتاب لاني كنت ارى فيه كنزا من العلم والمعرفه ،،،،

    جميل ما قرأت وعظيم نا خطته يداك ابا هاشم وما انا هنا الا لاثني على كلماتك واكون عليها خير شاهد مع كل الاحترام والتقدير لاحبتي واخواني

    اخاك وصديقك ومحبك

    احمد المصري

    ابو لؤي


تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :