facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




العودة إلى الدولة والإصلاح بأجندة وطنية


د. محمد أبو رمان
29-09-2008 03:00 AM

ثمة ضرورة ماسة لحسم ملفات حيوية شغلت الرأي العام، واستغرقت المشهد السياسي والإعلامي خلال الشهور الأخيرة، وشكلت رحى السجال الساخنة بين النخب والكُتّاب والسياسيين. بخلاف ما يدّعي "البعض" فإنّ السجال العام كان صحياً ومفيداً، وساهم في رفع سقف الحرية والنقد والاشتباك مع السياسات والتوجهات العامة. لولا أنّ هنالك قلة محدودة حاولت الإطاحة بالعنوان الحقيقي للنقاش وحرفه باتجاهات إقليمية وجهوية ومحاولة تصويره وحشره في زاوية مغلقة وكأنه صراع شخصي أو بين مراكز قوى. العنوان الصحيح للحسم المطلوب لا يعني بحال من الأحوال انتصار طرف معين أو تعزيز لفئة اجتماعية مقابل أخرى، لكنه ترجيح لخيارات استراتيجية لمواجهة استحقاقات المرحلة القادمة التي تختلف في ملامحها العامة. إحداثيات المرحلة القادمة، في تقديري، تتمثل في ملفات حيوية وأساسية: العودة إلى الدولة، "الإصلاح السياسي بأجندة وطنية" ومكافحة الفساد.

العودة إلى الدولة تتمثل تحديداً في الملف الاقتصادي وفي الإدارة العامة. فالمتغيرات العالمية المرتبطة بالسوق الأميركية بالتعانق مع ظهور ثغرات واضحة في برنامج الإصلاح الاقتصادي تؤول إلى نتيجة واضحة وهي خطورة المبالغة بالرهان على إلغاء الدور الاقتصادي للدولة بالكلية وترك السوق يعمل وحيداً ليصوغ السياسات الاقتصادية والاجتماعية.

لا يعني ذلك تراجعاً عن السياسات الاقتصادية الليبرالية بالكلية أو العودة إلى الهيمنة الكاملة للقطاع العام أو منطق الدولة الرعوية والعلاقة الزبونية، فهذا الخيار لم يعد مطروحاً بأي حال من الأحوال. بل هنالك إيجابيات ومخرجات جيدة ومفيدة حققتها السياسات الاقتصادية الحالية، في المقابل ثمة جوانب خلل هيكلية تجدر معالجتها.

أحد أبرز جوانب الاستدراك على الإصلاح الاقتصادي، والتي قادها الملك بمبادرات ذاتية، لكن يجب مأسستها وموضعتها في صلب السياسات الاقتصادية، يتمثل في استعادة دور الطبقة الوسطى في القطاع العام، وحماية الطبقات الفقيرة من غوائل الفقر والجوع والحرمان من خلال استراتيجيات واضحة ومبرمجة. المطلوب الانتقال من الليبرالية "الصلبة" (المتوحشة) إلى الليبرالية "الناعمة"، التي تراعي الجوانب الاجتماعية والسياسية، وتتصدى لدور يتجاوز مفهوم "حراسة السوق" إلى "الإدارة الجزئية للسوق".

ولعلّ أحد أوجه أزمة البورصات الأخيرة أنّها تعكس حالة "الفوضى الاقتصادية" التي سادت خلال الفترة الأخيرة، وتعدد المرجعيات وضياع البوصلة فيمن يمثل مرجعية ويرصد الحالة الاقتصادية ويواجه الخلل الناشئ عن آليات السوق وخروجها عن المسار الصحيح.

عودة الدولة تقتضي أيضاً إنهاء ظاهرة المؤسسات والهيئات والإدارات التي نشأت بموازاة الحكومة ومؤسساتها، وأنشأت تضارباً في المرجعيات والصلاحيات، ما ساهم – من زاوية أخرى- في ترهل القطاع العام تحت وطأة الإحباط والعجز عن التكيف مع المتغيرات الكبيرة. كان يتعين كأولوية التركيز على تأهيل القطاع العام وإعداده بصورة متميزة للقيام بمهمات حيوية وأساسية يتعذر على القطاع الخاص القيام بها.

الخيار الأمثل ليس "نفض اليد" من القطاع العام وهجاءه المستمر من قبل بعض المسؤولين، والتحريض على خصخصة جميع مؤسسات الدولة وممتلكاتها، بل هنالك خيار استراتيجي يمكن أن يخلق حالة من التوازن بين القطاعين العام والخاص، ويعيد الاعتبار للقطاع العام، ويتمثل في مبدأ "خصخصة الإدارة" بدلاً من "خصخصة الموارد".

عودة الدولة تعني، أيضاً، استعادة الحكومة والبرلمان لكامل ولايتهما الدستورية. ويشتبك هذا العنوان مع عنوان آخر يتمثل في المضي بمشروع الإصلاح السياسي قُدُماً، لكن وفق الشروط الداخلية التي تحمي مشروع الإصلاح وتمنع من القيام بـ"قفزات في الهواء" غير محسوبة، بخاصة وأنّ الإصلاح الداخلي يشتبك مع متغيرات حساسة وخطرة في مقدمتها المعادلة الداخلية ومخرجات القضية الفلسطينية.

إحدى ضرورات الانفتاح الداخلي تتمثل في استعادة الوزن التقليدي لجماعة الإخوان المسلمين وإعادة الاعتبار لها باعتبارها ركنا أساسيا من أركان الحياة العامة والسياسية، تعكس مصالح ومطالب شريحة واسعة من المجتمع، ما يؤكد على "التوازن في المعادلات الداخلية"، ويحول دون صعود أدوار مقلقة لـ"نخبة جديدة" تحاول قلب المعادلات السياسية بمداخل مختلفة ومتعددة وجدت وزناً أكبر بكثير من حجمها الحقيقي في البرلمان ومؤسسات أخرى. في المقابل؛ فإنّ جماعة الإخوان مدعوة لإدراك طبيعة اللحظة السياسية الراهنة وأن تتفاعل معها بصورة ذكية وواقعية لدفع مسار الإصلاح السياسي والاقتصادي إلى الأمام.

وهو ما يعود بنا إلى مطلبين رئيسين يمثلان حجر الرحى في علاقة الجماعة بالدولة: عقلنة الخطاب والممارسة وتوطينهما. فتح ملف الإصلاح وتحريك المياه الراكدة يعكس الإدراك الرسمي لحجم التحولات الإقليمية والدولية وضرورة تمتين الجبهة الداخلية وعدم ترك فراغات معينة فيها، وهو ما أدى إلى الانفتاح على حركة حماس والتحرّز بصورة كبيرة من تنامي دعوات لدور أردني في الضفة الغربية يكون مقدمة لتحميلها إلى الأردن وتخليص إسرائيل من "العبء الأمني". الإحداثية الأخيرة الحيوية تتمثل في تعزيز مؤسسات وآليات مكافحة الفساد، وبصورة خاصة مواجهة ظاهرة تسخير الموقع العام من قبل عدد من المسؤولين لصالح البزنس الخاص بهم، وهي ظاهرة باتت تحتل مساحة واسعة من الاهتمام العام، مما يدفع إلى تطبيق سياسات تفصل بين المجالين بصورة صارمة.

"المرحلة القادمة" لها شروطها المختلفة ومخاطرها وتدفع إلى تناغم مؤسسات الدولة وتكاملها، وفي سياق موازٍ توحيد الجبهة الداخلية وتعزيز مناخ الانفتاح والحوار والتفاهم مع القوى السياسية المختلفة.
m.aburumman@alghad.jo ...





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :