facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




موت غير جميل لمتحمس لم يكن وغدا


د. رلى الفرا الحروب
14-10-2008 03:00 AM

أيها المبدع الساكن فينا رغم قسوة كل السرطانات وقمع كل السلاطين... أيها الثائر على كل التقاليد والمقاتل رغم كل الهزائم......

لم أعرفك كثيرا محمد، ولكنني عرفتك طمليه... قليلة كانت كلماتك ..وكأنما كنت تقطعها من لحمك كأنتونيو المسكين في ملهاة شايلوك... ولكنها كانت ماضية دوما كحد السيف، نافذة كسن الرمح، مؤلمة حد الضحك، ضاحكة حد البكاء.... كثيرة هي الأساطير التي نسجت حولك، ولكن أجملها ما نسجته أنت بقلمك وصغته بمدادك....

لم تكن وحدك البخيل بالكلمات، فكأنما كانت الدنيا تتجاوب مع أصداء تقتيرك، ورغم قلة ما أعطتك، فقد نجحت في قشط زبدتها مع أن وعاء اللبن كان يفر من يديك كلما أمسكته... أيها الفلسطيني الكركي....أيها العربي العالمي....أيها الإنسان الجميل في زمن بات يضن حتى بالموت الجميل.... أين أنت منا الآن، وأين نحن منك!!!

هل وجدت الحق في دار الحق أم ما زلت تبحث عن إلهك بين الآلهة؟!! هل عانقك التراب كما عانقت المرض في سنوات كن أطول من البرزخ؟!! هل صادقتك الأرواح الهائمة بين السماء والأرض أم أرحت نفسك أخيرا من كل العناء وسلمت نفسك لليقين؟!

هل فررت من أم العبد لتحتضن الجواري العين، أم بحثت حتى في الجنة عن حبال الغسيل وسلة التين؟! ما زال المتحمسون أوغادا أيها الصديق، ولا أدري إلى متى سيطاردهم الدرك وتلسعهم سياط الجلادين..! ما زال عالم السلطان يضيق بهم ويضيقون به، وما زال حجّاب السلطان سلاطين بل وفوق السلاطين... غادرتنا فارتحت وأتعبتنا، وأغمدت الحسام على مضض، لتشهر بدلا منه آلاف الخناجر... هل بات الحب في زمن الكوليرا وباء، وهل بات الصدق بلاء؟! لماذا يفر السلطان وأعوانه من كلمة الحق، ولماذا يقتلون الرسول؟!

ولكنهم لم يقتلوك، فقد عشقوك..كنت حالة استثنائية في زمن غير استثنائي، ولكنك بقيت منا رغم محبة السلطان... أين أنت الآن؟ أين غابت كلماتك؟ هل أودعتها طيات الكتب وغادرت إلى حيث الأقلام بلا مداد؟! ماذا خلفت لنا من بعدك سوى تلك الكلمات المريرة في زمن بطعم الحصرم ولون الليمون؟! في كل مقال أنشأته كنت تفقد قطرات من عصارة عمرك، حتى استنفدت رصيدك مبكرا ولم يعد أمامك إلا أن تغادر...

لماذا كان عليك أن تعصر من تلك الروح وتقتطع من ذلك العمر؟ لماذا لم تفعل كغيرك ممن يخيطون مئات الأثواب بمئات الألوان ولا يكتفون بارتدائها بل يبيعونها لغيرهم؟! هل ما زلت تبحث عن ذلك الطفل في داخلك؟ هل صالحته بعد أن فارقت روحك الجسد أم لعله ما زال يلاعبك ويفر منك أملا في أن تعود؟! كيف كانت رحلتك في أيامك الأخيرة؟ هل وجدت العزاء في نفسك أم في كلماتك؟ وكيف لنا أن نعزي فيك بعد أن رحلت؟! وهل رحلت حقا وهل بقينا؟! أيها الجاد الملتزم المصر على سلوك الطرق الوعرة بحكمة شيخ مجرب وسخرية طفل غر....

أيها الربان المبحر في محيطات الظلمة..أيها الريح العاصفة بين الوديان، والروح السابحة بين الجثث...أيها الإنسان الباحث دوما عن الجذوة...أيها الشاعر، أيها الكاتب، أيها الأديب...يا من حملت الأمانة رغم ضعفك بعد أن رفضها الأقوياء.. لم تحتمل عبء الحياة كثيرا مع أنها كانت محبوبتك وملهمتك.. كنت تلهث خلف طيفها الساحر ليل نهار، تغازلها وتهجوها، تعاتبها وتشكوها، فلما أوشكت أن تلين لك فاض بك الوجد حتى فارقت روحك الجسد .... هل ما زال الحب حراقا حيث ذهبت...هل فقدت شهيتك وأصابك النحول..هل ما زلت ترانا وتراقب ما يحدث بذهول لتسطره في أناشيد جديدة لم تنظمها القوافي وتقيدها الأوزان؟! هل وجدت سحابة أغويتها وعزمتها على صحن فول؟

وهل وجدت هاشم حيث أقمت الوليمة؟ هل عانقك المطر بعد طول غياب، وهل وجدت مزرابك الفصيح الذي لا يلدغ بالماء؟ هل ما زالت نصوصك تخدش الحياد العام حيث تحيا الجثث ويختنق الأحياء؟! هل ما زالت الأصفار تطرق بابك حين تغيب الآحاد، فتصر على أن لا تفتح، وهل كان الزوار الذين لم يجيئوا جميلين؟ هل ما زلت تتنقل بين الحر والصقيع أم اخترت أن تعانق الجليد مرة وإلى الأبد؟

هل هنالك من جويدة حيث الحر فظيع، أم أن المنخفض القطبي الذي اشتهيته رافقك أخيرا بعدما ازرق الجلد وبردت الأطراف؟ أما زلت تشتاق إلى جلعاد والموجب أم شغلتك آفاق أرحب حيث ذهبت؟ لا تقل إنك ما زلت تستر عورتك في غرفة العمليات! وما نفع الثوب الأبيض إذا؟!

وهل من ملائكة رحمة هناك؟!
لم تمت يا طمليه حيث ذهبت، ولكننا نموت كل يوم حيث بقينا.....

rulaalhroob@yahoo.com





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :