facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




خلود الوطن حاضنة الروح ..


جودت مناع/ لندن
17-10-2008 03:00 AM

يعتبر الزمن عنصرا هاما من تكوين الحياة، وفيه تختلف كل لحظة عن غيرها في ساعات اليقظة رغم ثباتها المطلق على خط الزمن المستقيم باستثناء تلك التي نستغرقها في النوم.

ولو أمعنا النظر جيدا في صور ثابتة التقطت للحظة عابرة من تلك اللحظات، فإننا سنتوصل إلى نتائج مختلفة بين لقطة وأخرى يشوبها الضحك والعبثية في الحياة تحت وطأة الاحتلال.
والمرء لا يدرك أهمية الزمن الذي يستحوذ على الوقت باعتباره جزيئيات مستديمة في حياتنا، وتتوقف هذه الجزيئيات عن العمل عندما تطفئ العين نور الشمس، حينئذ يسعى المرء لململمة تلك الجزيئيات ليسرد تاريخا يشكل مضمونه مسارا للأمم المتعاقبة، فإما حياة مبنية على الأخوة والتعايش أو حياة يكتنفها صراعا مستديما.

لذلك عندما سألني أحد الصحفيين عن أخطر عدو أواجهه، فأجبته هو الزمن رغم قناعتي السشخصية بأنه شيء غير مرئي، لكنني أشعر به من حين لآخر، كما لوكان خيالا مارقا رغم أن الخيال أصبح واقعا بفعل قدرة العلماء الذين أثبتوا صحة تهيئاتهم لما هو غيبي بتجارب لقيت استسحسانا تارة وعقابا تارة أخرى، لذلك لم تعد أوهاما تذوب في حديقة الذكريات.

ومرجع هذه القدرات هو فلسفة الحياة التي يعتنقها كل إنسان، فسلوك البشر الاجتماعي لا يتماهى مثلما هو سلوك الطبيعة، فعلى سبيل المثال لا الحصر تملك سلوك الطبقة الأرستقراطية نمطا مصطنعا هو أرقى أنواع السلوك الاجتماعي حين وضعت قواعد أسبقية لسلوكها وتعاملها مع الآخرين قبل عدة قرون لتتميز به عن غيرها من الطبقات وتكريس سيادتها في المجتمع، لذلك حافظت على استمرارية بروتوكولات فيما بينها رغم تأثيرات الزمن.

وباعتقادي أن هذا الاختلاف في السلوك هو سر النجاح والفشل، وعليه تتشكل عبر العصور درجات متراكمة من التطور الإنساني بتباين واضح تنعكس نتائجه على حياتنا اليومية التي تنفث غبار الحب والكراهية في كل اتجاه.

والزمن مسيرا وليس مخيرا، لكنه لا يأبه لما حوله ويمضي متحديا بحيث أصبح يتحكم في منظومة البشر خلال الحياة فمن يلتزم به وصل ومن تخلف أخفق في تحقيق مراده.

وبموازاة ذلك يحتل الزمن مكانة مرموقة تؤخذ بالحسبان وهو معيار لقيمة البشر، ومقياس وجوده، ومحدد بقائه، لذلك نجد الفرق شاسعا بين السلوك الإنساني من مجتمع لآخر، وفي دولة دون أخرى، وهو أيضا الشيء الذي يحدد حجم الإنتاج والتطور والقوة التي بها يهيمن إنسان على آخر وتسيطر دولة على أخرى.

لذلك أخال نفسي في سباق مع الزمن كما لو كان ماراثونا لا يتوقف، ويزداد هذا الشعور مع تقدم العمر، وتختلف هذه الرؤيا بين شخص وآخر، ويرجع اختلاف الرؤية إلى الارتباط العضوي والفسيولوجي للإنسان بطبيعة الحياة التي تؤثر في الإنسان والأرض بما تزخر به من هواء ونبات وتقلبات مناخية تعكس حالها بصور جمالية تجد مستقرا مرحليا لها في هذا الكون بين السماء والأرض، وتحدث تغيرات على الطبيعة التي تترك بصماتها على تكوين صورة الإنسان بملامح وجوه وبنيات أجسام مختلفة.

ونفاذ هذا الصراع مرده رغبة وطموح الفرد في رؤية صفاء ذاكرته وفي الانتهاء من قطف الورود والأزهار التي تعمر في حديقة ذكرياته كي يعبق بها التاريخ قبل أن يغيبه الموت. لذلك هناك فرق بين شخص وآخر، منهم من يصنع التاريخ بأفعاله ومنهم من يكتب للتاريخ بفلسفته الخاصة.
تخطفني هذه الخواطر في بلد غير موطني إلى خيال أعتقد بأنه ينفي ماقبله من خيال نسج نظريات غير قابلة للتأويل، فالقول أنني في سباق مع الزمن يعكس حجم الصراع بين الإنسان والزمن، فالزمن ثبت أن ترك آثاره على الطبيعة والإنسان معا. إذا هو مادة غير مرئية لكنه لا زال يتدخل في تكوين طبيعتنا وسلوكنا.

ويمتد الصراع بيني وبين الزمن إلى أبعد حدود، تارة أستسلم له لوهلة من الوقت الذي هو أيضا من جزيئياته، ولكنني سرعان ما استنهض همتي واستجمع أفكاري منطلقا من فلسفة عمل قطاع التكنوقراط لأساهم في هذه الحياة، لكن مساهمتي ضعيفة لا يمكن التقاط صورة لها وهي على خط الزمن المستقيم في وطن مثقل باحتلال وإرهاب صهيوني وكان له النصيب الأكبر من الكراهية التي عكست حالها على البشرية في تاريخنا المعاصر في هذا الكون. تلك هي نتاج القوة التي تملكها الإنسان بإرادته في صراعه مع الزمن.

ولكي يمكننا التقاط وتوثيق ما أسهمنا به في الوطن للأجيال القادمة، علينا مضاعفة جهودنا في صراعنا المضطرد مع الزمن ولملمة جراحنا النازفة لنستعيد قوتنا كي نحدث تغييرا متراكما لا ينضب، وذلك يتطلب إجماعا وطنيا تنبثق عنه القوة في مواجهة عدو الحرية ألا وهو الاحتلال.
إذا هناك ارتباط بين الوطن والخلود، فهل أنال من الزمن قبل أن ينال مني؟ أعترف أنه لا يمكنني تحقيق ذلك دون تواؤم متكامل في المجتمع، فالتواؤم له مغزى هو خلق حالة تنتمي لها الروح ... هو استمرار لوجودنا الإنساني الضال في الجبال والأودية والسهول وتحت الأشجار في وطن يئن تحت وطأة استعمار يأبى أن يجمعنا كي نحقق خلود الوطن.

فبالإجماع نحقق استمرارية الإنسانية التي نبحث عنها مثلما نبحث عن الأشياء المفقودة بين بين ركام البيوت المدمرة والحجارة المتناثرة التي صمدت في مواجهة الزمن.

سوف يأتي اليوم الذي يبتهج فيه جيل غير جيلنا وذلك منوط بوقفنا لتداعيات الزمن وهو أساس لاستمرار الإنسانية وردم هوة أحدثتها قوة الزمن بين المقاتل وأخيه، ولأن البهجة هي في صلب استمرار وجودنا على هذه الأرض التي نسعى لها فلا بد من تخليص الخلود الذي ينتظره الوطن من قبضة الزمن ففي خلوده راحة الروح. وكما قال الشاعر:

(وطني لو شغلت بالخلد عنه ... نازعتني إليه بالخلد نفسي).

Jawdat_manna@yahoo.co.uk





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :