facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




لماذا نتربص ببعضنا البعض؟


حلمي الأسمر
19-01-2017 03:16 AM

ما أن يقع أحدنا بزلة لسان، أو حتى خطأ بسيط، أو تفلت منه كلمة عابرة، حتى نجرد ألسنتنا، وربما سيوفنا وبلطاتنا ومشانقنا، للقضاء المبرم عليه، باعتباره مس محرمات ومقدسات أو انتهك حرمات، لا يجوز الاقتراب منها، وكل ما فعله المسكين أن التعبير خانه، أو حتى أخطأ في وصف حالة، أو التعليق على حدث، أو حتى خرج عن النص لفرط ما يعانيه الإنسان المعاصر، ليس في بلادنا فحسب، بل في بلاد الدنيا كلها، والويل ثم الويل إن كانت «الضحية» أحد رجالات العمل العام، صحافيا كان أو نائبا أو وزيرا أو رئيس جامعة، حيث تتنمر السكاكين للإجهاز عليه، ويشتد الصياح لتصفية الحساب معه، ولو كان كفر بالله ورسوله والبعث واليوم الآخر، لكانت جريمته أقل!

لقد تكررت الحوادث الخاصة بمثل هذا النوع من «الجرائم!» وشغل القوم بإعمال سكاكينهم في «الضحايا» مع علمهم وعلم الجميع، أن الحقيقة هي أن لا جريمة في زلة لسان، ولا قصد في كلمة شاردة هنا أو هناك، تفلت من فم صاحبها، والغريب أن الاعتذار من صاحب «الجرم» المفترض بالكاد يكفي، بل تطورت بعض الأقوال ووصلت على تحريك دعاوى وقضايا في المحاكم، وشغل جهازنا القضائي بقضايا عادة ما تنتهي بعدم المسؤولية، ولو راجعنا سجل المحاكم، لرأينا أن ثمة عشرات القضايا التي حركت ضد صحفيين متهمين بالقدح والذم، كلها أو غالبيتها الساحقة انتهت بعدم المسؤولية!

في مجتمع متسامح مستريح، لا يتربص الناس بعضهم ببعض، ولا يقفون لهم على زلات ألسنتهم، ويتركون القضايا الكبرى في مأمن، بل يتسامحون إلى حد المسيحانية مع من ينهبهم ويصادر حيواتهم، ويحيلها إلى جحيم، لأنهم لا يقدرون عليه، أما «المسكين» الذي يقع إذ تفلت منه كلمة هنا أو هناك، فيتصدى له البعض باعتباره مجرما يستحق القتل، فيما المجرم الحقيقي في مأمن من أي عقاب، وثمة مثل سائر باللهجة المحكية يجمل المشهد، إذ يقول أن فلانا يأتي للهايفة ويتصدر، والأمور الهايفة كما نعرفها هي التافهة التي لا تستحق التوقف، أما الأمور الكبيرة والخطيرة، فمتروكة ولا يكاد يذكرها أحد!

طيلة سنوات ونحن نتغنى بكون مجتمعنا مجتمعا متسامحا، ولكن يبدو أننا لم نعد كذلك، والأمر لا ينطبق على الأردن فحسب، بل إن ظاهرة القيل والقال والنميمة العلنية والتصدي للأمور الهايفة ضربت كل مجتمعاتنا العربية، فلم نعد نتسامح مع القضايا الصغيرة، ونتسامح بكثرة وكثافة مع الأمور الجسيمة، لأن التصدي للهايف من الأمور غير المكلفة، فيما الانشغال بما قاله هذا النائب أو تلك الوزيرة، أو رئيس تلك الجامعة، غير مكلف، ولا يوجد فيه مغامرة، فلنشارك إذا في الحفلة، ولنسهم في تجريد السكاكين لذبح «البقرة» التي زلت بها القدم!

فيا أيها الإنسان، قبل أن تنضم لجوقة المنادين بالثأر من هذا أو ذاك، ممن أفلتت منهم كلمة «هيك ولا هيك» ترفق فالمعركة في مكان آخر، وخصمك الحقيقي الفقر والظلم والاستبداد والاحتلال وأكل أموال الناس بالباطل، وغياب العدالة وتكافؤ الفرص، وكل الجرائم البشعة التي ترتكب بحق شعوبنا، فتجعلها تعيش في ضنك وضيق عيش، وتعاسة، تدفع البعض لارتكاب جرائم بشعة لم نكد نعرفها من قبل، كأن يقدم المرء على قتل أسرته وينتحر، أو يذبح أطفاله الرضع، أما التربص بزلات اللسان، بل حتى الكلام الصريح الخارج عن النص، فهو استسهال لخوض معارك لا جدوى منها، وتربص بالحائط الواطىء، وترك القضايا الكبرى في منأى عن النبش والنكش والعلاج!





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :