facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




عدك يا دبيس ما غزيت ..


د. صبري ربيحات
30-01-2017 12:08 PM

الثقافة الشعبية الاردنية غنية بالأمثال والحكم والمأثورات الشعبية التي تقول بوضوح ودقة واختصار ما لا تستطيع ان تقوله المحاضرات والخطب والبيانات والتحليلات. وتستطيع مصفوفة الامثلة والمقولات والحكم المستخدمة في اي ثقافة ان تعطي صورة صادقة عن القيم والعادات وموجهات التصرف وتوقعات المجتمع من قادته وافراده .

في الريف الاردني يردد الكبار والبعض من متوسطي الاعمار مثلا من الامثال الذي لا يعرف اليافعين والصغار مناسبته ويختلفون على المعاني التي يختزلها والمناسبات التي تستدعي استخدامه.

المثل القائل "عدك يا دبيس ما غزيت" مثل ولد في منطقة برما الواقعة الى الغرب من جرش ويعود تاريخ المثل الى أكثر من قرن من الزمان. وتقول القصة التي تولد منها المثل ان مهاجرا من الجزيرة العربية يدعى دبيس استقر في منطقة برمه.....وقد كان الرجل كريم النفس ندي الكف يطعم الضيوف ولا يكترث لمال او ثروة أكثر من اكتراثه لإكرام من ينزل ضيفا عليه او لمراعاته لاحتياجات من يستجير به او يطلب مساعدته.

وتقول الرواية ان دبيس الذي تنتسب اليه عشيرة كبرى من عشائر برما اليوم قد أفنى ما يملك من القطعان وأصبح في حال لم يمكنه من الاستمرار مما دفعه الى الهجرة شمالا نحو ديار الشام....حيث تمكن بعد سنوات من تكوين ثروة شجعته على ان يعود الى دياره في برما وهو عازم على ان لا يعود لنمط الاستهلاك الذي ميز سيرته واكسبه السمعة التي انتشرت بين سكان الديار والامصار المجاورة والبعيدة.

وما ان عاد دبيس الى اراضي برما التي غادرها ليغير من سيرته التي افقرته...حتى تدافع الاهالي للترحيب به وبعودته وللتعبير عن الابتهاج بقدومه...وما كان من دبيس الا ان باشر بإعداد القرى واطعام الاهل الذين توافدوا تباعا وعلى مدى ايام وايام... وتمكنت عادة الكرم والاسراف من دبيس مرة اخرى واخذت ثروته تتلاشى شيئا فشيئا...فلامه بعض المحبين والحاسدين......فلم يحتمل دبيس اللوم ...واستمر في البذل والاكرام لكل من حل في دياره وهو يقول "عدك يا دبيس ما غزيت"

في بلدنا الكثير من البرامج والمبادرات التي لم تكتمل ولم تحقق اهدافها. وبرامج ووعود والتزامات بان ننهج نهجا تقشفيا ونتوقف عن استخدام السيارات الفارهة والخلوات الفندقية وزيارات الوفود الكبيرة والذهاب الى مؤتمرات لا نحضرها فعلا وغيرها وغيرها. وفي كل مرة نقطع وعدا ونتراجع عنه بحجج مختلفة فتارة نعبر عن احباطنا بالذهاب نحو تعديل التشريعات او تشكيل اللجان او اصدار التعميمات او الحديث في اجتماعات متلفزة وكأن المسألة عائدة لنقص في معرفة من يقومون بذلك لحقيقة انهم يخالفون القانون. او ان التشريعات غير كافية ...فالعلة ليست هنا ولا هناك.

 

المشكلة اننا نسير خطوة للأمام وخطوتين الى الخلف......وفي كل مرة نجد ان لا منطق يفسر هذا التراجع ويقدم له التبرير غير المثل الجرشي الذي اهدته قرية برما الى ذاكرتنا الشعبية الأردنية......وعشنا لنبرهن صحة المثل في كل اجراء من اجراءاتنا الرسمية وغير الرسمية.....
فشكرا لك يا دبيس فقد اهديت اهلك لحما وخبزا....واهديتنا حكمة تساعدنا على فهم نفوسنا الغامضة.





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :