facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




سقوط

08-04-2007 03:00 AM

في فجر يوم مشمس من أيام أيار ولدتُ.. سقطتُ من رحم أمي إلى هذه الحياة.. فكان هو السقوط الأول كالأخرين تماماً.. وفي الثالثة والنصف من عمري ولدتْ شقيقتي الصغرى فسقطتُ من حمّى الغيرة.. وعندما أخذوني إلى المدرسة عنوة في أول يوم أذكر بانني هربتُ فلقد سقطت فريسة لإحساس مخيف بالغربة، ثم تعلقتُ حباً بمعلمتي مس حنان حتى رحلت.. وسقطتُ حزناً على رحيلها..

وبوفاة والدي في آب 1989 كان سقوطاً عاصفاً.. ومنذ ذلك الحين تتابعت حلقات السقوط في حياتي.. حتى سقطتُ في الكتابة.. وعندما كبرتُ أكتشفت بأننا كنا قد سقطنا منذ الازل.. أذكر بأن جدي لامي رحمه الله كان من مواليد العام 1889، ولقد كنت طفلةً محظوظةً كفاية لأتذكر ملامح وجهه.. سجادة صلاته.. عكازته الخشبية، فمن النادر جداً لأبناء جيلي أن يكون قد التقى في صغره بشخص من مواليد قرن أكل الدهر عليه وشرب وأنقرض جميع معمريه.

هذا بالإضافة إلى أن جدي مات عن عمر يناهز مائة عام وواحد حيث أتاحت له هذه العقود العشر أن يشهد ما يكفي من نكبات إذ أنه شهد الحربين الأولى والثانية، وعاش مأساة النكبة بتفاصيلها.. نكبة حزيران، وكنتُ أتسائل كثيراً كم من العمر يلزمنا –نحن أبناء هذا الجيل- لنشهد مزيداً من النكبات..!!

وعندما كنت أستمع لقصص والدتي المجبولة بالحزن والفجيعة والتي لم تنقطع أحاديثها يوماً عن القرية بالرغم من مرور أكثر من أربعين عاماً على النكبة، اكتشفتُ حينها باننا كنا قد سقطنا مذ كنا في رحم أمهاتنا.. سقطنا من قبل أن نولد حين سقط أباؤنا وأمهاتنا في نكبة حزيران..

سقطنا ونحن نحلم بالحياة.. وسقطت أحلامنا على بوابات اللجوء.. فكانت هذه هي بداية السقوط ومن سقوط إلى سقوط.. حتى شهدنا بدورنا سقوط بغداد.. فسقط نخيلها و أشجارها.. كما سقط أطفالها قبل رجالها ونسائها.. ولم يعد للخبز طعم.. ولا للعصافير صوت..!! بغداد التي أصبحت في عامها الرابع مجرد مدينة "برسم الموت".. في النهاية عزاؤنا الوحيد أن الموت هو السقوط الاخير على كل حال..!!





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :