facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




مخاتير .. بلا أعضاء


د. صبري ربيحات
12-02-2017 10:42 PM

على مدى عقود طويلة ظل المختار مكونا من مكونات نظام الحكم العثماني ومن بعده الانجليزي ويقوم على فكرة تسمية اشخاص في القرى والارياف ممن لهم دراية بالقراءة والكتاب واقناع الاهالي بتسميتهم على اعتبار انهم يمثلون ارادة الناس. وبواقع واحد للقرية الصغيرة ومختار لكل عشيرة من العشائر متوسطة الحجم والكبيرة.

في الزمن العابر كان للمختار دور مهم في تعريف السلطات بالمجتمع المحلي ومعاونتهم على تنفيذ الاحكام وجمع الضرائب و لهم صورة متناقضة في مجتمعاتهم فهم ينتمون قرابيا للقرية لكنهم يحسبون على من يحتلونها، الامر الذي يكسبهم شيء من الاحترام في الحضور وفيض من النقد والشتائم في الغياب .

غالبا ما يكلف المخاتير بالتمهيد لتنفيذ كل الاجراءات القمعية التي تمارسها السلطات على ابناء جلدتهم كما يتولون امتصاص ردات الفعل الغاضبة والعنيفة من قبل الاهالي جراء الظلم الواقع عليهم...في كثير من الحالات يكلف المخاتير بالشهادة ويساعدون السلطات ويلعبون دور المخبرين وربما التبليغ والاخبار والوشاية التي تضر بمن يظنوا انهم يمثلونهم...

كان الانجليز ومن قبلهم العثمانيون يختارون الرجال الاكثر قوة ونفوذا في مجتمعات الريف ويصبغون عليهم مكانة المختار..وغالبا ما يضع المخاتير استراتيجيات خاصة لأداء ادوارهم..

بعض المخاتير ممن لا يملكون مواهب حقيقية او جاذبية يعمدون للكذب والفتنة...اخرون منهم يوطنون الرشوة والجباية الاضافية من اجل الافادة من خصخصة ادوارهم...

في معظم القرى والارياف يتعاون المخاتير مع الجباة الذين ينظمون كشوفات النفوس والمواشي والاراضي لغايات الضرائب..ويشكلون مع طوافوا الحراج وحارس البلدة والمؤذن اركان الحكومة المحلية...
يعتبر نظام المخاتير الجذر الذي تغذى منه النظام النيابي واثر على طبيعته وصورته النمطية ...فالبعض يرى أن النائب وريث للمختار وتطور من الادوار التي كان يقوم بها.

ولا يرى البعض اختلافا في الطريقة التي ينتخب فيها النواب عن تلك التي يختار فيها المخاتير ..حتى وان استكملت صوريا بانتخابات.

في قريتنا كان هناك خمسة مخاتير بعدد العشائر الاكبر وكانت العشيرة السادسة قد خولت احد المخاتير لينهض بخدماتها بالإضافة الى مهامه الاصلية.

كان لكل منهم خصائص وطباع، بعضهم هادئ الطباع ..بعضهم بارع في فض النزاعات ..وبعضهم يحب اشعالها لكنهم جميعا كانوا يلبسون قمبازا نظيفا ومنديلا ابيض وعقالا غير رفيع.. وعصا من اشجار اللوز او البلوط ..جميعهم يدعون لكل المناسبات ... ويصاحبون الحكام في حلهم وترحالهم..

اليوم تقلص دور المخاتير..لكن شبحهم بقي في كل مكان وظلالهم تخيم على كل جوانب حياتنا... 
عبقرية المخاتير لها طبيعة خاصة يجهلها الناس فهي عبقرية هجينة لا يتقن ادوارها غيرهم لانهم يضربون على دفوف السلطات ويرقصون على جراح الاهالي.

رحم الله مخاتير امتنا واختامهم واعضاء هيئاتهم والخوابي التي كانوا يملؤنها من بيادر الفلاحين والاوراق التي يستخدموها لطلبات الاسترحام ويمهروها بالطوابع التي يستلونها من دفاتر الحسابات وسجلات الاحوال المدنية التي يتولون ادامتها في القرى البعيدة...

للمخاتير طريقة خاصة في السير فيها الكثير من الزهو والخيلاء والغرور...مشية فيها بطء وتهادٍ يجعلها تختلف عن مشية الفلاحين الذين يهرولون في سباق مع دوران الشمس......واخيرا لقد اختصر الرحابنة ما يمكن ان يقوم به المختار....في احدى اجمل الاغاني:-
يا مختار المخاتير خبرني الحكاية...انا ما بحب الشرح كتير ولا فيه عندي غايه...بدي تفللني بكير...وخلي هالزير بهالبير....هني كانوا زعلانين انا شو بدي فيهن.....يا مختار المخاتير.

لإكساب اعمال واجراءات المختار شيء من الشرعية كان لكل مختار عضوان يمثلان اتجاهات العشيرة المختلفة احدهما لين سمح والاخر عنيف متشدد ويعبران بمواقفهما واتجاهاتهما عن ما في القرية من خير وشر. الجديد في نظام المخترة الحديث ان الكثير منهم بلا اعضاء يحملون الاختام في جيوبهم ومحافظهم ويتقاضون على كل معاملة تحتاج لاختامهم المبالغ التي يرونها مناسبة دون رقيب او حسيب.....بعضهم يمكن ان يوصل خدماته للزبائن اينما كانوا شريطة ان يستجيب العميل للشروط والمتطلبات التي تتماشى مع تسعيرة الخدمات المتجددة.....رحم الله مخاتير قريتنا الذين بقيت اسماء بعضهم على شهادات ولاداتنا وعقود زواج امهاتنا وبقيت صور احاديثهم ورواياتهم الواقعية والخيالية عن ما انجزوه لقرانا وعشائرنا حاضرة في اذهاننا نرويها للأجيال التي لم تعد تكترث للتفاصيل التي اعتقدنا انها سبقا اعلاميا في ذلك الزمان.





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :