facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




تاريخ الاتصال العربي خلال 1500 سنة


07-03-2017 04:40 AM

عمون - محمد م. الارناؤوط- بعد أربعين سنة من تدريس مادة "الاتصال" بأقسام الصحافة والإعلام في جامعات أردنية وعربية وأجنبية ومؤلفات مرجعية تُدرّس في الجامعات، مثل "المدخل إلى الاتصال الجماهيري" الذي صدرت طبعته السابعة في 2012، أراد الأستاذ عصام الموسى أن يتوّج عمله في البحث والتأليف في هذا الكتاب "تاريخ الاتصال والإعلام العربي: 150 ق.م – الحاضر الرقمي" الذي صدر أخيراً في عمّان (دار زمزم 2016)، في 360 صفحة من القطع الكبير.

أخذا بعين الاعتبار أن الموسى درس في الولايات المتحدة، حيث تحوّل "الاتصال" Communication إلى مادة في كليات الصحافة بالجامعات منذ قرن وأصبحت هناك نظريات حوله ترتبط بأسماء معروفة مثل هارولد انيس H.Innis ومارشال ماكلوهان M.McLuhan وأنتوني سميث A.Smith وغيرهم، فقد أراد أن يقدّم جديداً بالاستناد إلى نظرية الاتصال التاريخية التي تعتبر تطوير وسائل الاتصال الفاعلة بمثابة المفاصل التاريخية في نهضة الشعوب. ومن هنا فقد سعى الموسى في كتابه هذا، الحاشد بالمعلومات والنظريات والتحليلات، إلى أن يعاين الثورات الأربع الكبرى في تاريخ الاتصال خلال الـ1500 سنة الأخيرة وأن يبيّن دور العرب فيها أو انعكاسها على العرب.

وينطلق الموسى من أن الاتصال "علم حديث لم تدرس آثاره على الحياة العربية منذ نشوئها دراسة وافية"، حيث كاد أن يقتصر في المنطقة العربية على "الإعلام" Information، ولم يدرس كما يجب في ميادينه الكثيرة التي تصل إلى حوالي الأربعين، ومنها "الاتصال الجماهيري" (بعد اكتشاف الورق واختراع المطبعة والكومبيوتر)، و"الاتصال الذاتي"، وصولاً إلى "الاتصال التبادلي"، الذي جاء بالرقمنة Digitalism. والمهم هنا أن المؤلف اجتهد في مقاربة الوضع العربي عبر التاريخ من خلال نظرية الاتصال التاريخي التي تفرّعت إلى مدارس حسب مقاربتها للثورات الكبرى في تاريخ الاتصال وتأثيرها في تغيير العالم ونشوء حضارات جديدة.

أما الثورة الأولى، فهي "ثورة الأبجدية" التي نشرت حولها نظريات ومؤلفات تتعلق بالموطن الأصلي للأبجدية الأولى وانتشارها لدى الشعوب مع التغيرات التي طرأت عليها من شعب إلى آخر، وما أحدثته من نهضة أو حضارة جديدة. ويأخذ المؤلف هنا بالنظرية التي تقول إن الأبجدية الأولى ظهرت في سيناء قبل حوالي 3500 سنة وانتقلت إلى أرض كنعان، كما كان المصريون يسمون بلاد الشام، وطوّرها الفينيقيون حوالي 1200 ق.م ونقلوها إلى اليونان حوالي 900 ق.م، ومنها انتشرت بأشكال مختلفة (مع إضافة الحروف الأخرى التي تعبّر عن حروف العلة)، بينما أضاف إليها السريان النقط والحروف.

ونظراً لأن المؤلف معني بتاريخ العرب وتاريخ الخط العربي، فقد أوضح دور الآراميين في تطوير الأبجدية الفينيقية وإدخال حروف تعبّر عن حروف العلة، كالياء والواو، وما أدى إليه ذلك من انتشار اللغة والحروف الآرامية في المنطقة. ومن هنا يركز المؤلف أكثر على دور الأنباط العرب كحلقة وصل بين الحروف الآرامية والحروف العربية، كما أصبحت تعرف لاحقاً، حيث تدل النقوش العديدة التي اكتشفت في المنطقة التي امتدت فيها مملكة الأنباط (نقش أم الجمال ونقش جبل رم ونقش النمارة الخ)، على هذه اللحظات التاريخية في القرون الأولى للميلاد.

وأخذا بنظرية الاتصال التاريخية التي تربط بين اكتشاف وسائل الاتصال الجديدة وآثارها في نهضة الشعوب، سعى الموسى إلى إثبات كيف أن إسهام الأنباط في تطوير الأبجدية قد ترافق مع بروز "إحساسهم بذاتهم" وإحداث "تغيير" في نظمهم الاجتماعية والسياسية والاقتصادية، وبذلك "أقام الأنباط أول مملكة عربية ذات كيان سياسي مؤثر" امتد من دمشق إلى مدائن صالح.

ونظراً لأن المؤلف يركز على إسهام العرب في اكتشاف وتطوير وسائل الاتصال الجديدة، فقد توقف طويلاً عند دور العرب في تطوير صناعة الورق، من سمرقند إلى بغداد ودمشق خلال القرن الثامن الميلادي، حيث ساعد استخدام الورق في الكتابة على انتشار المعرفة بشكل لم يسبق له مثيل، وهو ما سمح بانتشار الأفكار الجديدة بين الشعوب المجاورة للعرب، بما في ذلك النهضة الأوروبية الحديثة.

ومع النهضة الأوروبية ارتبطت الثورة الثانية في تاريخ الاتصال (المطبعة) التي بدأت في 1439 مع يوهانس غوتنبرغ، وانتشرت حتى نهاية القرن الخامس عشر بإطلاق حوالي 1700 مطبعة في 300 مدينة أوروبية، كان أول نتائجها نشر أكثر من 300 ألف نسخة من مؤلفات مارتن لوثر التي سمحت بانتشار الثورة الإصلاحية في الكنيسة. ومع أن الموسى ينتقد تعظيم الباحثين الأوروبيين لهذه الثورة الثانية حتى أنهم يعتبرونها تتفوق على الأولى، إلا أنه يهمل هنا دور العرب (كما حدث مع الورق) في اكتشاف وتطوير الطباعة بالقوالب الخشبية التي أخذوها من شرق آسيا وطبعوا بها الكتب في مصر، إلى أن تدخل الفقهاء ومنعوا هذه الطباعة بدعوى أن ضرب القوالب على الورق للطبع يسيء إلى ما في المؤلفات من آيات قرآنية وأحاديث نبوية، ولم يبق من هذه "الثورة المنسية" سوى حوالي خمسين كتاباً طبعت في مصر خلال أربعة قرون تقريبا (900-1350 م) ولا تزال محفوظة في المكتبة الوطنية في فيينا. ومع أن هذه المعلومة المهمة وردت في كتاب لعالم أوروبي معروف في هذا المجال (ألكسندر سيبتشفيتش، تاريخ الكتاب)، تُرجم إلى العربية في 1993، فلا أعرف باحثاً عربياً اهتم بها لتوضيح الحلقة المفقودة بين الطباعة بالقوالب الخشبية (أي بالحروف المصنوعة من الخشب التي تجمع في قالب يمثل صفحة من الكتاب) وبين الطباعة بالحروف المعدنية بعد قرن من الزمن في ألمانيا، وعن توقف مثل هذه الطباعة في مصر إثر منعها من رجال الدين المحافظين.

ونظراً للأثر الكبير الذي أحدثته المطبعة في النهضة الأوروبية، حسب نظرية الاتصال التاريخية، فمن الطبيعي أن يتوقف الموسى عند حرمان العرب من ثمرات هذه "الثورة الثانية" نتيجة لموقف رجال الدين المحافظين في الدولة العثمانية، إلى أن صدرت فتوى من شيخ الإسلام في 1827 تحت ضغط رجال الإصلاح الذين لمسوا ما أحدثته المطبعة في أوروبا، مع أن هذه الفتوى استثنت طبع الكتب الدينية بطبيعة الحال للسبب ذاته. ولذلك لم يتلمّس العرب ثمرات هذه "الثورة الثانية" للاتصال إلا في النصف الثاني من القرن التاسع عشر مع طباعة الكتب والجرائد التي نشرت الأفكار الجديدة، التي حرّكت مشاعر العرب وأفضت إلى حركة عربية مطالبة بالإصلاح.

أما "الثورة الثالثة"، فقد جاءت بعد اختراع الكهرباء والتلغراف الذي حوّل الرموز إلى نبضات إلكترونية حوالي 1835، وتتوجت باختراع وسائل أخرى كالهاتف واللاسلكي والسينما والراديو والتلفزيون وصولاً إلى الكومبيوتر في منتصف القرن العشرين. وقد أدت هذه الثورة، كما يرى المؤلف، إلى "نتائج خطيرة قلبت ميزان القوة من جديد وتركت العالم في حالة هيمنة يمارسها قادة الفكر في تطوير الإلكترونيات والمعلومات"، وصارت هذه المجتمعات تعرف الآن بـ"مجتمعات المعلومات".

وأما "الثورة الرابعة"، فهي ثورة الانترنت الرقمية التي اكتسحت العالم في نهاية القرن العشرين وربطت أطرافه بخطوط متشابكة غير مرئية (الشبكة العنكبوتية العالمية). وقد تميزت هذه الثورة الأخيرة في أنها حملت تقنية تميزت بدقتها في تخزين المعلومات، وبسرعتها في معالجتها وتحليلها واسترجاعها، كما أن من نتائجها الخطيرة أنها دمجت جميع قنوات الاتصال في جهاز صغير يسهل حمله (الهاتف الذكي).

وحسب نظرية الاتصال التاريخية التي تتنبأ بنتائج مهمة مع كل اكتشاف لوسائل اتصال ثورية، توقّع المؤلف في مقالة بمجلة "المستقبل العربي" (يونيو/ حزيران 2010)، بمتغيرات كبيرة جاءت لاحقاً مع "الربيع العربي" الذي انطلق في 2011. وبحسب المؤلف، أدت الثورة الرابعة إلى تحولات كانت تحت السطح ثم برزت بقوة، ومن ذلك توسع المشاركة، حيث إن "الإعلام العربي" قبل الرقمنة نجح في إيجاد "متلقين سلبيين" يحسنون الاستماع ولا يجادلون، بينما تغير الأمر مع الرقمنة، وتحرر المرأة التي تشكل نصف المجتمع، حيث "أخذت تخرج من حالة الاستكانة إلى حالة الحركة المطالبة بالحقوق"، واختراق الإعلام الدولي، حيث تمكنت بعض القنوات العربية من "اختراق احتكار الإعلام الدولي جزئياً وكسر أسلوب سريان المعلومات الذي ظل سائدا لصالح دول المركز"، والتعددية في الأصوات بين القنوات الرسمية الخاضعة لوزارات الإعلام والقنوات الرسمية الموجهة إلى كل العرب والقنوات الخاصة الموجهة من الحكومات وقنوات الإعلام الدولي، حيث لم يمنع كل هذا من ظهور "قنوات الزعيق" أيضاً، ومواجهة الاستعمار الإلكتروني الذي "حلّ محل الاستعمار القديم"، نظراً لأن الرقمنة "وفرت لأنظمة المركز وشركاتها الرأسمالية ذراعاً طويلة تطرق بها عقول المتلقين وقلوبهم"، والاحتواء الناعم الذي يمثل ردة فعل الأنظمة العربية التي سعت بوسائل مختلفة إلى مواجهة هذه الثورة باحتواء الصحافيين والإعلاميين بطرق مختلفة ما بين الترغيب والترهيب وذلك بهدف "تكريس الوضع القائم لا إلى إحداث تغيير جوهري فيه"، والرقمنة والوحدة العربية، حيث يرى المؤلف مع المتفائلين، أن الإعلام الرقمي "كسر حواجز اللهجات" و"خلق سوقاً واحدة مشتركة" تتجاوز الحدود الرسمية بين الدول العربية "مما يترك الباب مفتوحاً على احتمالات تحقيق الوحدة والتقارب في سوق مشتركة".

وإذا كان المؤلف قد نجح في تنبؤه في 2010 بنتائج "الثورة الرابعة" (الربيع العربي)، ولكن تنبؤه الأخير يبقى محل تساؤل طالما أنه لم تكتمل ملامح النتائج لـ"الثورة الرابعة" على المجتمع العربي حسب نظرية الاتصال التاريخية التي يقوم عليها هذا الكتاب، الذي يغري بالقراءة لمعرفة مآل العرب بعد استعراض 1500 سنة من تاريخهم في ضوء الثورات الأربع للاتصال.

نقلاً عن العربي الجديد





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :