رغم كل المشاغل وهموم الدولة الاردنية التي يحملها منفردا بسبب تقصير الحكومات ورغم الضغط الرهيب الذي يسببه تزاحم جدول نشاطاته ورغم الظروف الاستثنائية التي تمر بها منطقتنا إلا ان الملك المفدى يستمر مبدعا في إنتاجه الفكري الريادي والذي يشكل في محتواه أيقونة للتميز والتمايز أيضا من منظور البحث العلمي والذي يمتاز أيضا بالواقعية ومحاكاة الظروف الفعلية وليس فقط استخدام المعرفة في الإسهاب في بناء النظريات . 

في البحث العلمي وفِي ادبيات الكتابة العلمية التحليلية فان اي نشاط ذهني يبدأ بظاهرة تستحق المتابعة والتحليل والنقد وذلك لان الباحثين يَرَوْن ان فهمنا لهذه الظاهرة ما زال قاصرا لأسباب بعضها معلوم وبعضها الاخر لا زال مبهما، ولذلك يبدأ النشاط الاستقصائي للباحثين بقراءة عميقة وتحليلية منطقية علمية بعيدة عن العواطف والمشاعر وتقوم في جوهرها على تسجيل وجهات النظر الموجودة وربطها بالظاهرة المدروسة وتحديدا في عواملها المستقلة والتابعة اي بمدخلاتها ومخرجاتها والاليات العملياتية ما بين السبب والنتيجة ومن ثم البحث عن كل العوامل المؤثرة من داخل بيئة الظاهرة نفسها او من البيئات المجاورة لها. 

المتمعن في الأوراق النقاشية للملك المفدى لا يستطيع الا ان ينحني اجلالا واكبارا لمستوى الجهد المبذول من سيد البلاد في محاولاته التي لا تتوقف في سبيل البحث عن التشخيصات الدقيقة لعديد من المشكلات التي يعاني منها الاردن باستمرار ولقد شكلت أوراق الملك النقاشية في كل ما جاء فيها انتاجا فكريا استثنائيا ليس فقط بجودة التشخيص وعمق القراءة ودقة التحليل وإنما أيضا في قدرتها على تنشيط النقاش حول الظاهرة المعنية في كل ورقة وآخرها موضوع التعليم وتطويره والنهوض به، وتميزت أصلا بشموليتها لكل الجوانب التي ترتبط بالظاهرة المدروسة والتوصيات التي تعتبر دليلا اضافيا على متابعة الملك الحثيثة لكل التفاصيل الخاصة بكل الظواهر والمشاكل التي يعاني الاردن فيها .

انتاج الملك الفكري المميز ليس بالشيء الغريب على رجل نذر نفسه لخدمة شعبه ووطنه بكل ما اوتي من قوة وفكر وجهد ومصادر، ولكن التساؤل الذي طرحته سابقا وما زلت مصرا على طرحه هو في الفرق الهائل والكبير والذي لا يخفى على احد بين مستوى المجهود الذي يبذله الملك في كل الملفات الخارجية والداخلية وهو الذي يجهد نفسه وأكاد اجزم انه لا يكاد يرتاح أبدا، وبين الجهد السلبي والقليل القليل الذي يقوم به أعضاء السلطة التنفيذية ممثلة بالحكومة وهيئاتها وهذه الفجوة أضحت الْيَوْمَ شاسعة ولا يمكن إنكارها أبدا. 

الملك أراد من اوراقه النقاشية ان ينخرط الاردنيون جميعا في عملية اعادة بناء لكل المنظومات الحياتية للأردنيين ولإعادة الحياة لجوانب شبه ميته وهي الممارسة السياسية الكاملة للمواطنين ومشاركتهم في صنع القرارات وتحفيزهم على الانخراط في كل الجهود الوطنية لبناء وطن أقوى اقتصاديا واجتماعيا وهذا لن يحصل دون تطوير حقيقي وملموس ونوعي في العملية التعليمية التي هي أساس المخرجات في راس المال البشري الذي هو بدوره أساس نهضة اي أمة. 
أتمنى من حكومة الملقي التي امتهنت تجاهل الإرادة الشعبية وتجاهل الشباب الأردني واستمرت في نهج التنفيع والتعيينات المثيرة للجدل ان ترتقي لمستوى الجهد الذي يقوم به الملك قبل ان لا تترك للأردنيين مجالا الا للعمل على إقناع الملك بتغييرها ان استمرت بسياساتها الفاشلة وان استمر وزراؤها بسياسة استفزاز مشاعر المواطنين وتجاهل الشباب الأردني الذي ركز عليه الملك في العديد من اوراقه وخطاباته. 

 

حفظ الله قائدنا وجيشنا واجهزة امننا 
حفظ الله شعبنا