facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




زكية الدرويش .. وقائد الوطن


عدنان الروسان
10-04-2007 03:00 AM

كانت زكية تقف في الطابور الطويل في مستشفى البشير وهي تخرج من حنجرتها التي تختزن آلاف الأعاصير الشمالية التي مرت على سهول حوران الأردنية ، أهات وتأففات من الضيق وطول المعاناة في "البشير" وهي بانتظار دورها وما أصعب الدور في المستشفى ، ولو أصبحت يوما وزيرا للصحة لغيرت اسمه للنذير ، وبينما هي واقفة وإذا بجنود الحرس الملكي يطلبون من الناس إفساح الطريق لزائر كبير ، ولما كانت زكية في تلك اللحظات "عايفة حالها" ومرارتها "مفرية" فقد قالت دون خوف أو وجل لأحد الضباط ، ومين دخيلك هذه الشخصية الكبيرة ، وإذا بصوت خلفها يقول لها "أنا هو يا ستي" ، وكان الملك ...
وقف الملك مع زكية ، وسألها عن أحوالها فتأرجحت بين الشكر لله والشكوى من الأحوال ، واستطرد الملك على عادته في مثل هذه المواقف ، اطلبي ماذا تريدين ، بماذا يمكن أن أساعدك ، فطلبت زكية أن يفسح المجال لابنها في الانتساب إلى صفوف الأمن العام ، وأن يقرب لها الملك الدور في العلاج لأن ساقيها لا تحملانها ، وطمأنها الملك إلى قضاء حوائجها واستأذن منها بالانصراف ، إلا أن زكية نادت على الملك بكل عفوية ودون النظر إلى أصول المخاطبات ، وبلهجتها الشمالية المميزة ، "هيه وين رايح" ولما التفت الملك إليها مجددا وسألها عن حاجتها ، قالت له خذ الإضبارة "إذا بدك تعجل لي الدور ، بدون الإضبارة مش رايحين يردوا عليك" ، وضحك الملك وضحك جنود وضباط الحرس والحضور ، على هذه العفوية في الخطاب والطمأنينة في المواجهة ، وقضيت طلبات زكية فدخل الولد إلى الأمن العام وعولجت هي ورفعت يديها وما زالت بين الحين والحين تفعل داعية الله أن يطيل في عمر الملك ويحفظه .

هذه لوحة من لوحات الوطن الجميلة والتي كانت شيئا عاديا ذات زمن من أزمان الوطن الحبيب ، ولم يتغير الوطن ولم تتغير القيادة ، ولكننا تغيرنا نحن ، خاصة النخب السياسية أو جلها والنخب الثقافية ، جلها إن لم يكن كلها أيضا ، تغيرنا وقررنا أن نتآمر على أنفسنا ، وأن يصبح الوطن حلبة للصراع بين النوادي السياسة المدعمة بفريق ممن يكتبون لا لوجه الله ولا لوجه الوطن ولكن لوجه التشكيل الحكومي المقبل أو ما بعد التشكيل المقبل أو ما بعد بعده ، لا يهم ، المهم أن يبقى أولئك في الساحة يملئونها صراخا وانتقادا ويسهرون على أشلاء الكثير والكثيرين من الوطن والمواطنين ، وبين الكثير من رجال البزنس السياسي ، الذين يدفعون لمن يضرم النار في شوارعنا وفي قلوبنا وفي مؤسساتنا وفي ثقتنا بوطننا من خلال مديح كاذب أو نقد جارح ولا هذا صادق ولا ذاك فالكتابة ليست على قدر المحبة ولا على مقدار الكراهية ، ولا يحكمها ضمير ولا وازع ، بل يحكمها دفاتر شيكات سميكة تنطلق من جيوب فتعمي القلوب التي في الصدور ، حتى صار من عندهم ضمير متهمون بالهبل وعدم معرفة من أين تؤكل الكتف ، وأصبح اللعب على الحبال ولعب الثلاث ورقات على طاولة الوطن فهلوة وشرفا ورجولة .

ما أجمل الأردن حينما نستشعر فيه وطنيتنا ومحبتنا وانتمائنا ، وما أصعب أن نستشعر أننا لسنا قادرين على ضم الأردن إلى صدورنا وتقبيل وجنتيه لأن هناك من يمنعوننا من هذا الحب العذري وهذا العشق الغريزي .

نسأل الله أن يعيد فينا نخوة الأردنيين الذين كانوا يوما أنقياء كماء الأردن ، طيبون كعطر الليمون وعفويون كزكية الدرويش ، لأننا نفتقد في الوطن أشياء كثيرة وأملنا بالله كبير وبالقيادة بعد ذلك أن تصلح الكثير مما اعتوره من خلل وخراب ، أصبحنا نتكلم فلا يسمع لنا ونكتب فلا يقرأ لنا وننادي فلا يستجاب لنا ، رغم أننا لا ننادي لمطلب شخصي ولا لمسألة أنانية ، وأصبح أملنا الوحيد أن تسنح لنا الفرصة التي سنحت لزكية الدرويش علنا نقول فيسمع لنا مرة واحدة ، فلم يعد هناك إلا مستمع واحد في هذا الوطن وهو الذي استمع لزكية الدرويش .. عبد الله الثاني فقط .
adnanrusan@yahoo.com





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :