facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




مشروع قانون الضمان الاجتماعي الجديد الإصلاح من أجل الاستمرار ..


موسى الصبيحي
04-12-2008 12:32 AM

تشهد نظم التقاعد والتأمينات الاجتماعية في كل دول العالم تغييرات بنيوية من وقت إلى آخر تبعاً للتغيرات الاقتصادية والاجتماعية التي تمرّ بها مجتمعاتها، والتي يصبح معه من الضرورة تكييف هذه النظم مع تلك التغيرات، بهدف إحداث نوع من الملاءمة بين المنافع التي تقدمها نظم الضمان الاجتماعي والتغيرات الطارئة في مستويات الحياة المعيشية والتي غالباً ما تأخذ اتجاهاً تصاعدياً.
هذا الأمر ليس جديداً في الأردن التي تحاول في هذه المرحلة إدخال إصلاحات مهمة على قانون الضمان الاجتماعي في ضوء حقائق لا ينبغي بحال أن تغيب عن صاحب القرار، لا بل باتت تشكل جزءاً مهماً من المسؤولية الملقاة على عاتق مؤسسة الضمان الاجتماعي بوصفها المسؤول الأول عن تطوير وسلامة وديمومة نظام الضمان الاجتماعي في البلاد، وهي مؤسسة تشارك كافة الأطراف في إدارتها من حكومة ومؤمن عليهم(مشتغلين) وأصحاب عمل، وبالتالي فإن هذه الأطراف مجتمعة تتحمل المسؤولية عن سلامة التطبيق وإدامته..
وتأتي أهمية تكييف النظم التأمينية التي تفرضها التغيرات الاقتصادية، ليس فقط لمواجهة تحديات وضبط النفقات، وإنما أيضاً لتوفير مزيد من الحماية للإنسان، وقد سبقت إليه الكثير من الدول، فقد شهد المؤتمر الثامن للدول الأمريكية الأعضاء في منظمة العمل الدولية المنعقد في أوتاوا (سبتمبر 1966) بحثاً لقضية ملاءمة الرواتب التقاعدية مع التغيرات الاقتصادية في ظل انخفاض القوة الشرائية للنقود، وخرج المؤتمرون بنتيجة حول ضرورة مواءمة المعاشات التقاعدية مع التغيرات الحاصلة في الأوضاع الاقتصادية، لكي تظل المعاشات تكون قادرة على تحقيق أهدافها في الحماية الاجتماعية والاقتصادية لأفراد المجتمع..
ونفس القضية كانت مثار نقاش مستفيضاً على مائدة المؤتمر العالمي الرابع عشر للضمان الاجتماعي، والتي أكّد فيها خبراء في نظم التأمينات على أن قضية ملاءمة المعاشات مع التغيرات الاقتصادية في المجتمع لا ترتبط فقط في المدى الطويل بالتضخم، وإنما ترتبط أيضاً بالارتفاع في مستويات المعيشة نتيجة لارتفاع مستوى الأجور، وبالتالي تصبح قضية الملاءمة ضرورية للحفاظ على القيمة الحقيقية للمعاشات، وهذه الملاءمة تتخذ جانبين رئيسين هما جانب الاشتراكات التي تدفع لصندوق الضمان، وجانب المزايا والمنافع التي يقدمها الصندوق للمستحقين..
ومن هنا فإن موضوع الملاءمة الذي يفرض عملية إصلاح نظام الضمان الاجتماعي على جانب كبير من الأهمية، باعتباره المحرك الدافع لاستمرار النظام في أدائه لوظيفته..

وأعتقد أنه من المنطلق برز مشروع قانون الضمان الاجتماعي الأردني الذي تسوق مؤسسة الضمان مبررات موضوعية مقنعة حفزت على التقدم بهذا الإصلاح، وذلك في ضوء الدراسات الاكتوارية التي أجرتها في هذا السياق، والتي أظهرت نتائج قد تكون كارثية ما لم يتم إصلاح نظام الضمان وتطويره بالصورة التي تحافظ على كفاءته وقدرته على الوفاء بالتزاماته مستقبلاً، وبخاصة في ظل تفاقم ظاهرة التقاعد المبكر، وهي مشكلة معقدة وخطيرة كانت ولا تزال تؤرق معظم الدول التي تطبق نظم الضمان والتأمينات الاجتماعية، لكنها في الأردن اتجهت اتجاهاً تصاعدياً خطيراً لا يجوز بحال السكوت عليه، فأنْ تصل نسبة المتقاعدين مبكراً إلى (73%) من مجمل حالات التقاعد، فهذا يعني أن تقاعد الشيخوخة عند السن القانونية للتقاعد لم يعد موجوداً سوى بالاسم فقط، وأن أجيالاً كثيرة باتت تنظر إلى التقاعد في سن مبكرة (سن ألـ 45) كسن مثالية للخروج من سوق العمل، والاستمتاع بمعاش تقاعدي لفترات طويلة..!!
إن أهم ما اشتمل عليه مشروع قانون الضمان الاجتماعي الجديد أنه وضع مزيداً من الضوابط على شروط استحقاق راتب التقاعد المبكر، للحد من ظاهرته المخيفة، وهو أمر طبيعي جداً، تتطلبه المرحلة والظروف الاقتصادية التي يعيشها المجتمع الأردني، وكذلك الأوضاع والحقائق المالية لصندوق الضمان، فلا يجوز السكوت على حالة الاستنزاف التي يشهدها الصندوق جرّاء استمرار أفواج المتقاعدين مبكراً قبل بلوغ السن القانونية للتقاعد.. وهي مصلحة اقتصادية مجتمعية في أن نحدّ من هذه الظاهرة قدر الإمكان، نظراً لأضرارها الفادحة على الاقتصاد الوطني، جرّاء خروج آلاف الأيدي العاملة المنتجة والماهرة من سوق العمل.. من الإنتاج والعطاء إلى البطالة والخمود.. ناهيك عن انضمام جيش المتقاعدين مبكراً وتحولهم -ومعظمهم في سن الشباب والنضج والخبرة- إلى مستنزفين لصندوق الضمان، ما تقول الدراسات الإكتوارية أنهم باتوا يشكلون خطراً حقيقياً على الصندوق، خاصة إذا علمنا أن ما يتقاضاه المتقاعد مبكراً من رواتب تقاعدية يزيد على (10) أضعاف ما يكون قد دفعه من اشتراكات لصندوق الضمان، وهو ما يتناقض مع مبدأ التكافل الاجتماعي الذي تقوم عليه نظم الضمان والتأمينات الاجتماعية.. كما تشير الدراسات، في حال استمرار الوضع على ما هو عليه، إلى أنه من المتوقع أن يصبح مقابل كل متقاعد من الضمان مشترك واحد فقط مع منتصف القرن الحالي.. فهل هناك نظام ضمان أو تقاعد يستطيع الاستمرار إذا وصل إلى درجة أن يصبح فيه مشترك واحد يمول متقاعداً واحداً..!!!؟؟؟ لاحظوا أننا نتكلم هنا عن حقوق أجيال عديدة قادمة وليس جيلاً أو اثنين أو ثلاثة..!!
كما كشفت الدراسة الاكتوارية الأخيرة لفحص المركزها المالي لصندوق الضمان عن نقاط التعادل في هذا المركز، ودقّت ناقوس الخطر في حال استمرار نظام الضمان دون تعديل، حيث أبرزت نقاط التعادل الثلاث التالية:

1) بحلول عام 2017م سوف تتساوى الإيرادات التأمينية مع النفقات التأمينية.
2) بحلول عام 2028م سوف تتساوى الإيرادات التأمينية وعوائد الاستثمار مع النفقات التأمينية، ما تضطر معه المؤسسة إلى البدء بتسييل موجوداتها وأصولها للوفاء بالتزاماتها التأمينية.
3) مع حلول عام 2038م سوف تنفذ أموال الصندوق، وستبدأ بعدها مرحلة العجز التراكمي.

إن دواعي إصلاح نظام الضمان الاجتماعي الأردني أكثر من قوية حفاظاً على المبادىء والمرتكزات التي يقوم عليها هذا النظام وأهمها التكافل والديمومة والكفاية.. ومن الجميل أيضاً أن نشير إلى أن المشروع الجديد أضاف مزايا لنظام الضمان ليس أقلها أنه وضع سقفاً للأجر الخاضع للاقتطاع حدده بـ (5000) دينار وذلك لحماية أصحاب الرواتب والأجور المتدنية والمتوسطة، وهم يشكلون الغالبية العظمى من المشتركين، كما وسّع من مظلة الضمان الاجتماعي لتشمل فئات أخرى من الناس، كالعاملين في المنشآت الصغيرة وأصحاب العمل والعاملين لحسابهم الخاص وربّات المنازل، مما يسهم في زيادة رقعة الحماية الاجتماعية، ناهيك عن أن المشروع تضمن إضافة تأمين الأمومة، وتأمين التعطل عن العمل، وتطبيق التأمين الصحي للمستفيدين من مشتركين ومنتفعين، والأهم أيضاً أن المشروع الجديد ربط الرواتب التقاعدية ورواتب الاعتلال بالتضخم أو بمعدل النمو السنوي لمتوسط الأجور للحفاظ على قيمتها الحقيقية من التآكل في حالات التضخم وارتفاع معدلات الأجور، وهي خطوة تأتي كما سبق أن أوضحنا في سياق معالجة قضية ملاءمة المنافع والمزايا مع الظروف والمستجدات الاقتصادية في المجتمع..

نأمل أن يُفهم مشروع القانون فهماً صحيحاً وتُدرك مبرراته جيداً، ويضع أصحاب القرار والمجتمع بأسره مصالح الأجيال الأردنية القادمة في الاعتبار أولاً وقبل أي شيء.. فهذا الإصلاح من أجل الاستمرار.. وليس لشيء آخر..

• مدير إدارة الإعلام وعلاقات المشتركين
المؤسسة العامة للضمان الاجتماعي
*******





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :