facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




حمرا حمد


د. محمد عبدالكريم الزيود
22-06-2017 11:29 PM

تمر الطائرة من فوق عمان نحو تخوم الزرقاء ، تقترب أنت من النافذة وتلتصق بزجاجها ، فرح يلامسك وأنت ترى صحارى خو وحمرا حمد ، المرور لحظة بعمر الزمن والسرعة والفيزياء ، ولكن وحدك تتشبث بتلك النظرة ، وتطالع وحدك وجهها ، فقط العسكر يعرفون حمرا حمد ، من السماء تشاهد آثار جنازير الدبابات التي تدربت على رملها ، يعرف العسكر تلك التلال كعروق أيادي أمهاتهم ؛مرتفع ١٠١ ، مريجيب الفهود ، الأدعم ... كأنك تسمع صوتهم هناك ، وتشم رائحة البارود مع الغبار وهدير المحركات وتشويش جهاز اللاسلكي ، وصوت قائد السرية ( مجموعة تسعة واحد الآن بسم الله )، تذكرهم وقد تكحّلت وجوههم بتعب المناورات ، لكنهم فرحين أنهم أصابوا أهدافهم بدقة ، حتى لو تأخرت "كونتيننتال الأرزاق"، وأصبح الغداء عشاء .
حمرا حمد صنعت وطنا بزنود العسكر ، لم تصنعهم عطور السكرتيرات ، ولم تصنعهم جماعة البرزنتيشن والان جي اوز ، هؤلاء الملتحفين بصخور الصحراء ، وفولاذ السلاح يعرفون وجع البلاد ، لم يدرسوا الوطنية في هارفرد ، ولم يحضروا ورشات الفنادق الخمس نجوم ، أنجبتهم تلك البوادي والقرى ، وعندما نادهم الوطن لبّوا النداء ، قدّموا دمهم رخيصا ، لم يتمننوا بتضحيتهم وغيرهم يحمّلنا جميلة بأنهم قبلوا بالمناصب ، هؤلاء لم يغادرهم الوطن ، ولم يغيّرهم الجوع أو الشبع ، لم يدرسوا في مدارس خاصة ولكنهم درسوا في مدارس الحكومة الفقيرة من كل شيء ، وحتى لو لم يأت معلم التاريخ فصلا كاملا ، عرفوا تاريخ الوطن ولم ينكروه يوما .
رجال حمرا حمر خرجوا من القرى والبوادي المنسيّة ، نعتوهم بالأقل حظا وقد صدقت الحكومة في هذه ، أقل حظا في الرواتب ، وأقل حظا في التعليم وفي مكاسب التنمية ، ولكنهم الأكثر حظا في العطاء بلا منّة ، والأكثر حظا أنهم صنعوا وطنا وحموه عندما غاب الآخرين .
يأتي صوت كابتن الطائرة بالتأكيد على ربط الأحزمة ، يقترب الهبوط من المدرج ، وتبتسم المضيفة بلا سبب ، تغيب حمرا حمدا وكل القرى والمدن ، ولكن لا يغيب الوطن ويبقى مشرقا في قلبك وقلب كل العسكر ملح البلاد.





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :