facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




العمل التاريخي أوركيديا… الحوار عوضا عن الصورة


27-06-2017 10:52 PM

عمون- يعود حاتم علي هذه المرة أيضا إلى التاريخ، متخليا عن البذلات الرسمية وربطات العنق وحبكات الفساد التي كانت عناوين أساسية في مسلسله «العراب» بجزئية، متبنيا نمطا مختلفا من الأردية، ومضفيا على التاريخ الذي اختاره رائحة «تريند» كان سائدا في عالم الموضة يدعى «ماكسي».

أصر المخرج على أن يكتسي كل رجال المسلسل بالرداء الطويل ذاته، الذي يخفي الساقين ويظهر القامات والأيدي أكثر أطولا، كان الرداء جزءا من المشهد، شارك في صياغة الدراما وطبع الشخصيات بهيئة الأعمدة الحجرية الحية، وقد أجُبرت الشخصيات في أحيان كثيرة على أن تتنقل سيرا على الأقدام في ردهات القصور الطويلة أو حول ساحات الممالك التي يدور فيها الصراع، مستعرضة الزي الطويل بزركشاته المختلفة، قد يبدو من المستغرب أن نخص الرداء الطويل بهذا المنولوج، ولكنه في الواقع كان الأثر الأبرز في هذا المسلسل، فيما عدا الرداء الطويل كانت «أوركيديا» حكاية صراع تقليدية تستخدم البنى الأخلاقية المعروفة والمعروضة بكثرة، كالحب والكره والانتقام، تعامل المخرج مع هذه الخلفيات بحسب إجراءات درامية معتادة، تبناها كما وردت في نسخها الأساسية في مسلسلات وأفلام التاريخ التي أنتجت خلال القرن الماضي.

تتركز الحبكة في الجيل الأول ويتم اطلاع المشاهد عليها عبر نبؤة العرافة، ثم يُفسح المجال للجيل الثاني لتنفيذ ما تم التنبوء به، فاحت رائحة السيناريو الخام من بين المشاهد فكانت الشخصيات تقرأ ما يفترض بالكاميرا أن تظهره وتبهر به المشاهد، فتكاسلت الصورة وأفتقرت إلى النشاط الذي تتطلبه الفانتازيا.
يحمل السيناريو القصصي تناصا وتقاطعات عديدة مع أساطير يونانية وفرعونية، دون أن يصل إلى مرحلة الاقتباس، ولكنه استفاد من متاح درامي دون أي تخصيب، ارتكزت الحكاية على عدة مسارات تنطلق أصلا من نقطة واحدة، لتتشعب بهدوء لتشكل متوازيات درامية ثم يُقسم التصوير على الممالك الثلاث بالتساوي، وليتجنب السيناريو التعقيد يلجأ إلى إضافات دراميه مفاجئة تشبه الصفقات التجارية السريعة، تحافظ على التوازي الذي يبدو أنه شرط من شروط المخرج، كاختلاق وجود حصن العنقاء الذي التجأ إليه سيف العز، رغم أهميته كمفصل درامي، كان يجب أن ينمو كما نمت المسارات الأخرى، ولكن الحصن وجد فجأة بنضوجه وشخصياته وعلاقات سيف العز العميقة فيه، وهذه الحلول البسيطة التي لا تتطلب إلا بعض الصفحات الإضافية من السيناريو، كانت خطة أساسية في بناء الحكاية نفخته بموارد لم يتم استيرادها من المواد الأولية للمادة الدرامية الأساسية، وهي عملية أقرب إلى تركيب أطراف صناعية، بدلا من الأطراف السليمة، فجاءت حركتها متكلفة ومتعبه وسهلة الكشف، رغم دورها الأساسي في تطوير الحدث، بما لا يتناسب ومقدرتها على التحريك بظهورها المريب، كالنتوء الدرامي الذي نبت فجأة وجاء بعائلة مؤهلة لاحتضان الطفل المهدد بالموت، ولم يتكلف الأمر أكثر من مشهدين اثنين لينكسر التوازي المفروض على نحو مفاجئ وليتحرك كل شيء بسرعة نحو نقطة النهاية، حيث القصر الملكي في أوركيديا المسرح الذي يجب أن تتحقق فيه النبؤة.

الشخصيات أيضا ليست أصلية فمعظمها مستعار، بسلوكها ولواعجها ونزقها، من نماذج شهيرة وعريقة مع القليل من العبث بمظهرها الخارجي، أو مكوناتها النفسية أو الوظائف التي تحتلها، فشاهدنا بعضا من حورس وست، والملكة غوينيفير عشيقها لانسلوت وحتى مجنون «رملة» كان حاضرا بانكساره وتوهانه الذهني، حملت كل الشخصيات جانبا واحدا فمثل كل منها كسرة شخصية، أنمار الشخصية الخاملة والعاشقة، وعتبه الشخصية النزقة التي تخفي فوبيات عديدة، ولم يظهر من حكمة براء الحكيم شيء، وبعضها كان خامدا تماما ويمكن أن يستعاض عنه ببضعة جمل حوارية، كالملك الجنابي، وتركت بعض الشخصيات تمرح بحرية خلال السيناريو، فتظهر مرارا دون مردود فني، كالشخصية التي أداها إياد أبو الشامات، ولم تفلح الشخصيات النسائية في لعب دور نساء القصور، فغابت مؤامرات النساء وظهرت بدلا منها شخصيات مصنعة تحمل نمطا محددا أدته طوال فترة المسلسل، دون أن يعني لها تطور المسلسل شيئا. فكن أدوات درامية تحتاج إلى تحريض شديد أو محرك خارجي لتشارك في الفعل.

اعتمد المسلسل على الحوارات الطويلة والمفصلة، والكثير منها يختصر الأحداث ويقدمها عبر جمل تعجبية وإخبارية، فينقلب السرد إلى حوار تعلو فيه الصياغات المسرحية، وسهلت كاميرا المخرج المهمة بقطع الشخصية التي تتحدث من كتفيها، وأبقت المشاهد ملتصقا بمخارج الحروف، ليعرف ماذا يحدث هناك في الخارج، فبردت الصورة وتخامدت درجة جاذبيتها، وتحول المشاهد البصرية إلى «مسامع» إذاعية طويلة تكثر فيها التواصيف، وقد غالب الممثل في تحميل نبرته أكبر قدر من الانفعال ليلائم اهتزازات حباله الصوتيه في تغطية الصورة، وفي المرات القليلة التي تجرأت الكاميرا لتوسع حدقتها، وتظهر مشاهد العربات التي تجرها الخيول، كان المحتوى ضعيفا وإدارة الحركة مقتصرة على عدد قليل جدا من الكاميرات ذات العدسات المفتوحة على قياس، وكأنها لا تعرف معنى «الزووم»، فظهر الممثل بطيئا وثقيلا لا يحسن حمل السيف، ولا يتقن المبارزة الصحيحة رغم أن السيناريو يقدمه على أنه فارس مغوار.

لم يقدم المخرج حلا بصريا مقبولا لمسلسله، فكاميراته لا تسير، وكادت الحلقات تخلو من اللقطات المأخوذة من الأعلى، وكأنه يرغب بمسايرة المجتمع الذي بدا بدون انتماء ديني واضح، فالأحداث كلها أرضية رغم الإيماء القوي إلى القدر، الذي يختبئ ضمن تلافيف النبؤة. كان مهموما أكثر بإلقاء حوارات السيناريو وحشد الشخصيات أمام الكاميرا بأعداد قليلة، لتخبرنا عما يعتمل داخلها، وعما يحصل في الخارج، وتلخص لنا سير المعارك والمؤامرات، وحتى انقضاء الزمن جرى تسريعه بعبارة وحيدة على الشاشة تقول، بأن عشرين سنة قد انقضت، في حين بدت الأمكنة مكررة، ولم تؤثر فيها العشرون عاما المنقضية حيث أعتاد المشاهد على ديكورات المكان وحفظ معظمها، فكانت كاللازمة عند تكرار المكان، كاللحم المعلق في مطابخ القصور، وقد تكون هذه الصورة مأخوذة من أسواق اللحوم في العواصم العربية، فحفظ اللحوم في القصور لا يكون بتعليقها أمام الكاميرات، وكانت هناك فجوة كبيرة بين صور الجرافيك التي تظهر القصور الضخمة، في حين كانت أعداد الخدم قليلة، بما يدعو للشك في أن الملك قادر على إدارة شؤون هذا القصر الضخم بحاشية تعد على أصابع اليد الواحدة، حتى اضطر الملك الجنابي إلى تلقي كل شي عن العالم الخارجي عبر موظف كهل يحمل لقب صاحب القلم، فكان هذا الرجل ينقل له أخبار الجيوش، وأخبار من هرب من السجن، وعندما أراد هذا الرجل حياكة دسيسة لم يجد إلا ابنه ليتآمر معه، وقد استطاع الشخصان إخضاع جيش المدينة الذي يحسب له حساب بجملة واحدة قالها «نامق» قيس الشيخ نجيب «كل شي أصبح تحت السيطرة.»

أوركيديا مسلسل ناء تحت وطأة الحدث البطيء، والحركة الكسولة والقصة المقروءة، لم يساعد فقر الصورة المشاهد على الاقتناع بما يقدم له على أنه رواية تحدث بين ممالك كبيرة، اعتمد على جملة درامية قليلة البلاغة فيها ارتجال حين وضع السيناريو نفسه في مآزق لم يحسب لها حسابا منذ البداية، فتملص بانحرافات درامية أقرب إلى الحيل الارتجالية، جعلت قراءة الأحداث ركيكة، لم يكن هناك ضابط لسرعة الحدث فاستهلك المسلسل أكثر من عشرين حلقة ليقص حكاية الجيل الأول، ثم بدأ يلهث لينتهي من سرديته، قبل تحري هلال شهر شوال، ولم تظهر الآثار الإخراجية على الصورة، حيث يتطلب من المخرج أن يتواجد بكثافة حين يمتلك جيشا من المحترفين، فوضعهم في مأزق عندما تم زجهم في كادر ضيق يتململون فيه تحت أرديتهم الطويلة المفروضة عليهم.

القدس العربي





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :