facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




تاثير التخلي عن الأطفال مجهولي النسب على مستقبلهم .. سبع مؤسسات تقدم الخدمات الايوائية لهم ومطالبات بتفعيل نظام الاحتضان بشكل أكبر


25-12-2008 03:12 PM

تحقيق – عبير هشام أبو طوق
........................
تستذكر (رنا) بأسى كلمة (يا أولاد الحرام) التي كانت تخاطبهم بها المربية، ورغم أنه تم احتضانها عندما كانت في الخامسة عشرة من عمرها من قبل عائلة أردنية سافرت لدولة عربية مطلع التسعينات، إلا أنها كانت ضحية لهذا الاحتضان؛ فالعائلة التي احتضنتها كانت تمتلك بيتاً للدعارة وكان الهدف من هذا الاحتضان برأيها "وجود فتاة تعمل بهذه المهنة مقابل أجر مادي كبير".


مجهولوا النسب بالأرقام


و(رنا) البالغة من العمر ثلاثين عاماً، ما هي إلا مثال لمجهولي النسب الذين يتم العثور عليهم سنوياً في الأردن، ويؤكد الرائد (محمد الخطيب) الناطق الاعلامي لمديرية الأمن العام أن "مجموع هؤلاء الاطفال في الأردن لعام 2007 بلغ (34) طفلا، منهم (17) في محافظة العاصمة".


شروط الاحتضان


عاشت الفتاة في أحد مراكز الرعاية التابعة لوزارة التنمية الاجتماعية منذ ولادتها إلى أن تم تحضينها لإحدى الأسر التي انطبقت عليها شروط الاحتضان بحسب تعليمات وزارة التنمية الاجتماعية : وهي أن تكون الأسرة مسلمة، غير قادرة على الإنجاب لكلا الزوجين أو إحداهما، وتتمتع بمستوى اجتماعي واقتصادي جيد بحيث لا يقل الدخل عن (350) ديناراً شهرياً، وهذه الشروط "لضمان توفير الحياة الكريمة للطفل" بحسب (جمال أبو عبيد) رئيس ديوان أحوال الزرقاء. ويعتبر الاحتضان من الواجبات الإسلامية التي يجب القيام بها "لأن احتضان مجهولي النسب يعتبر في الشريعة الإسلامية فرض عين على كل مسلم" كما يقول الدكتور ( إبراهيم زيد الكيلاني) وزير الأوقاف الأسبق.



احتضان ولكن


لكن رنا التي استقر بها المقام في الأردن منذ سنتين لم تجد رعاية من الأسرة التي احتضنتها لقولها "كنت أعتقد أن حياتي ستكون أفضل في ظل أسرة بديلة تعوضني عن المعاناة التي عشتها في المركز، لكن هذا الاحتضان قضى على مستقبلي الذي بدأته بالعمل في الدعارة"، وتضيف "حاولت الهرب أكثر من مرة، لكنني نجحت بعد تكرار المحاولات وحضرت إلى عمان بعد توقيعي عقد عمل كراقصة في ملهى ليلي بداية عام 2006".


ومع أن دور وزارة التنمية الاجتماعية "لا ينتهي عند صدور قرارالموافقة على الاحتضان" بحسب الدكتور (محمد الصقور) وزير التنمية الاجتماعية الأسبق، بل يتعداه ليشمل "إعداد تقرير سنوي عن حالة الطفل والأسرة المحتضنة له من خلال الزيارات الميدانية للأسر المقيمة داخل الأردن، أما المقيمة بالخارج فيُعد التقرير كل سنتين مرة من خلال السفارات الأردنية". إلا أن (رنا) تصف هذا التقرير بأنه "لا يتعدى كونه حبر على ورق"، فلم يكن يسأل عنها أحد من طرف الوزارة أو السفارة الأردنية في البلد الذي كانت تقيم فيه، ولذلك تعتبر أن مهنتها الحالية كراقصة في إحدى الملاهي الليلية في عمان ما هي إلا "تحصيل حاصل لأنني مجهولة النسب"، وتتساءل "ماذا تتوقعين من فتاة لقيطة، لقد تحولت إلى مومس والآن راقصة، ولا اكتفي بذلك بل امارس الجنس مع الزبائن مقابل أجر مادي جيد"، وقد اكتشفت الفتاة قبل عام أنها مصابة بفيروس الايدز وهي تتوقع أن هذا "نتيجة العلاقات الجنسية المتعددة التي أقمتها مع الزبائن، وخصوصا أولئك الذين يدفعون لي مبالغ مالية كبيرة عند عدم استخدام الواقي أثناء الممارسة الجنسية"، وتتابع قائلة "رغم ذلك لن أتوقف عن العمل في هذه المهنة فهي تشكل الدخل المادي الوحيد لي"، وتشير (رنا) بأن لها زميلات في المهنة هن أصلا مجهولات النسب وتقدر عددهن بــ (20) فتاة.



مراكز الرعاية وسوء المعاملة


وتجسد (هيلين) مع صديقتها (نور) قصة أخرى، فبعد انتهاء مدة إقامتهما في المركز خرجتا بهدف البحث عن عمل، تصف (هيلين) حياتها في المركز بالسيئة حيث أنها "لم تكن تقتصر على سماع أبشع انواع الشتائم من المربيات اللواتي يعتبرن أننا مشروع عاهرات، لأننا أطفال غير شرعيين"، وتعرضت (هيلين) - التي تعمل حالياً في مركز للمساج والعناية الصحية يدر عليها دخلاً مالياً يفوق الألف دينار شهرياً – للاغتصاب أكثر من مرة من قبل رئيسها في العمل الذي يستغل وضعها الاجتماعي كونها مجهولة النسب، "وقد بلغ به الأمر أن هددني بالطرد من العمل إن أخبرت أحدا عن العلاقة الجنسية التي يقيمها معي" بحسب (هيلين).


أما (نور) فتنتقد الحياة في المركز بقولها "كنت أسمع في نشرات الأخبار بأن هذه المراكز تقدم خدمات جيدة من ناحية الطعام والشراب والتعليم، لكن الواقع يختلف تماما"، وتشرح (نور) التي تعمل كموديل في تصوير أغاني الفنانين مدى سوء هذه الخدمات "كانت المربية تجبرنا على تناول طعام قديم، مضى على إعداده أيام، وعندما كنا نرفض تناوله كانت تصرخ قائلة : لماذا الاحتجاج؟ هكذا تعامل الحيوانات".


ينتقد (محمد شبانة) مدير مديرية الأسرة والطفولة والمرأة وشؤون المعوقين التابعة لوزارة التنمية الاجتماعية هذه التصريحات، لأنه يعتبر "المربيات مؤهلات ومتخصصات في مجال التربية الخاصة، ويخضعن لدورات تدريبية لتقديم الرعاية لمجهولي النسب"، لكن الدكتور الصقور يرى أن هذه التصرفات السيئة للمربيات رغم وجودها "إلا أنها فردية، ومع ذلك نخشى تكرارها".



وتقر إحدى موظفات مركز رعاية لمجهولي النسب وجود مثل هذه التصرفات، وتقول "في أحيان كثيرة تقوم المربية بضرب الأطفال لأبسط الأسباب، كما أن الخدمات المقدمة للأطفال ليست كافية من الناحيتين المادية والمعنوية، فالملابس الجديدة لا تتوفر إلا بالمناسبات والأعياد"، ويتفق مع هذا الرأي الدكتور الخزاعي الذي أعد دراسة عن مجهولي النسب جاء فيها "إن دار الرعاية لا يمكن أن توفر للطفل حنان الأمومة، لأن الموظفات غير مؤهلات على التدخل المهني الفعال واللازم للأطفال، فليس هناك أي رابط بين الطفل والموظفة الراعية له، كما يعاني الأطفال الذين يعيشون داخل دار الرعاية من العزلة، وهذا يمنع نموهم النفسي والعاطفي واللغوي أيضاً "، تعترف المحامية (رحاب القدومي) "بأنه من الممكن أن يكون هناك نقص في مستوى الخدمات المقدمة للأطفال، لكن هذا لا يعني أنها غير جيدة على الإطلاق".



تستأجر كل من (هيلين) و (نور) شقة في إحدى مناطق عمان الغربية حيث تدفعان أجرتها مبلغ يتجاوز (700) دينار شهريا، ومع ذلك تقولان "لا نعيش براحة، نشعر أننا محط أنظار السكان المجاورين، فهم يراقبون تصرفاتنا ويضيقون علينا لمعرفتهم بطبيعة عملنا".




(إيهاب) والمعاناة الجنسية


يتفق (ايهاب) الذي تخرج من مركز الرعاية عندما بلغ الثامنة عشرة من عمره مع مسألة تأثر النمو النفسي والعاطفي لمجهولي النسب، ويشرح معاناته "تزوجت قبل عام وطلقت زوجتي بعد أسبوع من تاريخ زواجنا لأنني لم أستطع الدخول بها"، ويعلل (ايهاب) سبب ذلك "لم يكن المربي في المركز يتطرق لموضوع الحياة الجنسية في حديثه معنا رغم تجاوزنا – أنا وزملائي – عمر الثامنة عشرة آنذاك، وأذكر أنني عندما سألته ذات مرة عن موضوع يتعلق بهذا الجانب، قام بضربي وقال (اخرس، هذا اللي ناقص نعلمكم الجنس)". لا يملك (إيهاب) الذي يعمل كبائع للصحف على الإشارات الضوئية المال الكافي ليتعالج من المشكلة الجنسية التي يعاني منها، لأن "كل ما أتقاضاه شهريا لا يتجاوز الخمسين ديناراً، بالكاد تستطيع تلبية احتياجاتي الأساسية" حسب قوله.


المؤسسات الإيوائية


وفي دراسة لم تنشر بعد بعنوان (الأدوار الحالية والمستقبلية للمؤسسات المعنية في قضية الأطفال مجهولي النسب في الأردن، والسياسات الضامنة لزيادة كفاءتها وفاعليتها) أعدها الباحثان (الدكتور فواز الرطروط، الدكتورة منى هندية وحنان الظاهر)، خلصت إلى أن "هناك سبع مؤسسات تقدم خدماتها لهؤلاء الأطفال"، ويبين الدكتور الصقور أن هذه المؤسسات تنقسم إلى "حكومية وتطوعية، تقدم خدماتها للأطفال حسب ثلاث فئات عمرية : (من عمر يوم واحد – 6 سنوات) ، (من عمر 6 – 18 عاماً) و مؤسسات ترعى من هم فوق (18) عاماً".


وبخصوص فئة من هم فوق الثمانية عشرة عاما، يبين شبانة "من الناحية التشريعية والقانونية تنتهي مسؤولية الوزارة في تقديم الرعاية لهؤلاء عند بلوغهم هذا العمر، فهم مؤهلين للاعتماد على أنفسهم"، ويتابع شبانة الذي أشرف على تزويج شباب وصبايا مجهولي النسب "ومع ذلك تتحمل الوزارة تكاليف تعليمهم أو زواجهم لمن لا يريد استكمال التعليم"، وقد أشار الدكتور الصقور إلى أنه يتم توظيف مجهولي النسب ممن يبحثون عن عمل في "جهاز الأمن العام بناء على اتفاق مسبق مع وزارة التنمية".



وعود لا تتحقق


ورغم ما سبق لا تشعر(غادة) إحدى الفتيات المقيمات في مركز للرعاية يضم (200) فتاة من مجهولات النسب بالراحة، لأن المربيات كما تقول " يراقبوننا – نحن الفتيات – بطريقة منفرة، ويرفضن خروجنا من المركز بصحبة صديقاتنا في المدرسة، إنهن يعتقدن أننا سنكرر خطأ أمهاتنا اللواتي ارتكبن إثما بمجيئنا لهذه الدنيا"، ومع أن (غادة) (15) عاما من الفتيات المتفوقات في المدرسة، إلا أنها لا تبدى تفاؤلاً باستكمال دراستها الجامعية، وتدلل على عدم تفاؤلها "في العام الماضي نجحت خمس فتيات في التوجيهي، لكنهن لم يكملن تعليمهن الجامعي بقرار من إدارة المركز التي فضلت تزويجهن طلبا للسترة"، ولذلك فهي لا تعتقد أنها ستكون أفضل حالاً من زميلاتها المتفوقات.


لكن شبانة لا يؤيد غادة ويتساءل "لماذا لا نعتبر أن هذا التشدد في الرعاية من مصلحة الفتيات حفاظاً عليهن؟"، كما أشار إلى أن "إكمال التعليم متاح في مراكز الرعاية لمن يرغب من الذكور والإناث".


جنس في مراكز الرعاية


أما (هيثم) و (ناجي) اللذان عملا بمهن مختلفة بعد أن تمكنا من الهرب من المركز الذي كانا يقيمان به، فهما يجسدان معاناة أخرى، هرب (هيثم) (11) عاما من المركز لأن "المربي كان يجبرنا على ممارسة الجنس معه، ويهددنا بالضرب إذا رفضنا"، ويتابع "إن الموظفين يؤدون عملهم من أجل الراتب فقط، حتى أن مدير المركز لم يقتنع بكلامنا عندما أخبرناه أن المربي يمارس معنا الجنس"، أما (ناجي) الذي قضى (13) عاما في المركز فيبرر هربه "لعجز المركز عن تلبية احتياجاتنا كشباب، فكل ما يقدمه لنا لا يتعدى توفير المواد الغذائية"، وفي الدراسة التي أعدها الباحث الاجتماعي (حسين الخزاعي) واشرنا إليها سابقا حذر من المشكلات الاجتماعية التي يتعرض لها مجهولي النسب "سيخرج لدينا أفراد حاقدين على المجتمع رافضين لواقعهم، وهذا يسهل استعمالهم في الأعمال غير المشروعة لرغبتهم في عقاب المجتمع كما عاقبهم"، وينطبق ذلك على (هيثم) الذي يعمل بأحد الكراجات ويتقاضى (15) دينار أسبوعيا كأجر لا تكفي بحسب قوله "لأجرة الغرفة التي استأجرها، عدا عن المصاريف الشخصية كالأكل والدخان"، بعد ثلاث سنوات من العمل في الكراج أصبح (هيثم) يعاني من مرض الربو الناتج عن إدمانه على شم المواد المخدرة كالآجو، واستنشاقه أدخنة السيارات التي يقوم بتصليحها، ويتساءل بحسرة "لا يوجد لي تأمين صحي، ودخلي المادي قليل، فكيف سأحصل على العلاج؟"، أما (ناجي) فقد امتهن التسول فهذه المهنة كما يراها "مريحة، تعتمد فقط على إقناع الشخص المقابل لي بأنني محتاج، وقد يصل مجموع ما أجمعه في اليوم الواحد إلى ثلاثين ديناراً أنفقها على المشروب (الكحول) والدخان والطعام".


مشروع نظام جديد للاحتضان


إن قصص الشباب والشابات التي تم ذكرها ما هي إلا أمثلة واقعية لقصص أخرى تعكس الواقع الأليم الذي يعيشه مجهولو النسب في الأردن، وبهدف تفعيل الاحتضان انتهت وزارة التنمية الاجتماعية في بداية العام 2008 من إعداد نظام جديد لتنظيم احتضان مجهولي النسب، لكن النظام لا يزال لغاية الآن في أدراج ديوان الرأي والتشريع لإقراره، ويتوقع بحسب مصدر مسؤول في وزارة التنمية الاجتماعية أن يتمكن هذا النظام من "إعطاء الوزارة الحق لانتزاع الطفل المحتضن من أسرته البديلة وإعادته لمركز الرعاية في حال ثبتت سوء المعاملة للطفل، كما أنه يهدف لتشجيع الأسر المقيمة داخل الأردن على الاحتضان لسهولة تتبع أمور الطفل مستقبلا"، وهذا ما يتمناه شبانة "يجب تفعيل الاحتضان بشكل أكبر مما هو عليه الآن"؛ لأن ذلك برأيه "السبيل الوحيد لينشأ مجهولو النسب بطريقة سليمة تساعدهم على بناء أسر متماسكة في المستقبل".


دار رعاية للفتيات


وفي الوقت الذي أمر فيه جلالة الملك عبد الله الثاني هذا العام بإنشاء دار رعاية للفتيات المتضررات من المشاكل الاجتماعية لتكون بمثابة البيت لهن، يتوقع أن يحدث "نقلة نوعية في الخدمات المقدمة للأطفال مجهولي النسب في الأردن" على حد تعبير محمد شبانة، عثر في الأول من شهر كانون الأول لعام 2008 على مجهول نسب جديد في احد الأزقة القريبة من جامعة اليرموك في محافظة اربد شمال العاصمة عمان، ولا تزال قضية مصير الأطفال مجهولي النسب تطرح تساؤلات عديدة في مجتمع محافظ يشكل الشباب (70%) من إجمالي سكانه والذين يقدر عددهم بــ (5,844,190) مليون نسمة.


abeeryarmouk@gmail.com





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :