facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




المواطن العربي وغلاء الأسعار


14-04-2007 03:00 AM

مع نهاية التسعينات وبالتحديد من سياتل 1999 بدأت موجة جديدة من الصراع الاجتماعي بالظهور ، حيث ترسخت من سياتل 1999 مروراً بجنوا ، وبورتو اليغري 2005 ، وبين تلك المحطات خرجت الملايين إلي الشوارع بطريقة غير معهودة احتجاجاً على الفقر ، والحرب ، وغلاء الأسعار ، والعسكرة ، وتدمير البيئة ، والتهميش .. إلخ .
حيث بدأ الصراع يعبر عن نفسه في التيارات التي التقت حول مناهضة العولمة ، وبدأ الوعي الناشئ يبحث بسرعة عن أدواته الخاصة ، وبدأت ملامح تشكيل المنتديات الاجتماعية العالمية والإقليمية ضد العولمة ، ولم يأخذ الصراع الطابع العالمي في أي وقت سابق كما بدأ يتخذ هذا الطابع اليوم ، وتعتبر هذه الميزة الأهم والأبرز منذ انهيار التجربة السوفيتية ، حيث بدأ الصراع يأخذ الشكل المطلبي الكلي ، ولم يعد مجزأ ومعزولاً بطبقات معينة .
بدأ هذا الصراع الوليد يشكل بؤراً مشتعلة لمقاومة العولمة بأشكالها وأطيافها وسياساتها ، وما أفرزته احتجاجات الشعوب واستنهاض قدراتها على التعبير عن رفضها لمظاهر بدأت تأتي ثمارها دليلاً قاطعاً بأن أدوات الصراع اختلفت ، وأن الشعوب بدأت ترتكز لمقوماتها في التعبير عن معضلاتها واحتياجاتها بآن واحد . ومن أهم ما يمكن أن يتحدث عن ذلك التمرد الشعبي والجماهيري ، وحالات الرفض التي عبرت عنها الشعوب في العالم وأهمها حالة الحراك في الوطن العربي التي تجسدت وتمثلت في المظاهرات الشعبية العفوية التي شهدتها اليمن ضد غلاء الأسعار ، وحالات البطالة والفقر في المغرب ، والعديد من البلدان العربية ، وهي مؤشرات تدل على أن هناك توجهاً شعبياً عالمياً لمواجهة كل تجليات العولمة في العصر الحديث ، ومواجهتها بإرادة شعبية .
صحيح أن هذا الحراك لا زال في بداياته ، ويفتقد للتنظيم والصبغة الرسمية المبرمجة ، ولكنها بدأت تشكل نواة للتحرك ، وولادة طبيعية لما تعانيه الشعوب من معاناة طالت لقمة العيش ، وأضحت تعرضهم للموت .
هذا كله يقودنا للعديد من التساؤلات ، والتي تتجلي في حصر حقيقة أصبحت جلية ألا وهي غلاء الأسعار " الوحش الجديد " الذي كشر عن أنيابه لافتراس الفقراء ، وكذلك الطبقات الوسطى أيضاً ، ففي الماضي كان الفقراء هم الطبقة الأكثر تذمراً وتمرداً من غلاء الأسعار ، بما إنهم لم يمتلكوا ما يمكن من خلاله مسايرة تعقيدات وصعوبات الحياة ، أما اليوم وفي ظل هذا الغلاء الفاحش ، والارتفاع اليومي للأسعار ، وتحول جميع السلع بما فيها السلع الترفيهية لسلع مدفوعة الثمن ، وخصخصة كافة الخدمات ، والتنافس بين الشركات العملاقة لاحتكار السلع بكافة أنواعها ، وتحولها لصراع اجتماعي – اقتصادي ضحيتها المواطن العادي .
أمام هذه الحالة أصبح المواطنون بفئاتهم أمام مصير مشترك وهو مواجهة طوفان العولمة الذي بدأ يغزو كل حياتنا ، ويقاسمنا في كل شيء مقتحماً ومحتلاً بآن واحد ، فلم تعد العسكرة هي السلاح الأوحد لإخضاع الشعوب وحلقة الصراع ، وإنما أصبح الاقتصاد والثقافة والأدب وكل مجالات الحياة في خضم هذا الصراع العالمي الجديد الذي جاء على أنقاض الصراع الشيوعي – الرأسمالي .
يعيش الوطن العربي تحت تأثيرات هذا الصراع وبدأت ملامحه تتبلور من خلال العديد من المظاهر ، أهمها احتكار اقتصادي شمولي لكل المقدرات الاقتصادية ، فالاحتكار لم يعد يقتصر على جوانب معينة ، بل طالت يداه كل احتياجات البشر من سلع غذائية ، وترفيهية ، وثقافية ، وتحكّم بحياة الإنسان بشكل عام .
وتحولت الثروات الطبيعية التي يتمتع بها المواطن العربي لمطرقة تهوي على رأسه ، وسيفاً مسلطاً على رقاب أهله وشعوبه ، فوطننا العربي الذي يتمتع بمزايا وثروات طائلة وهبها الله له من موقع جغرافي متميز مترابط رغم إنه يقع في قارتين ،ويربط هذا الموقع بين قارات العالم وبمنافذه البحرية والبرية والجوية ، وتنوع مناخه الذي يوفر له خصوصية إنتاجية متنوعة على مدار العام ، وتفجر الثروات البحرية والمائية بخيراتها ، وأخيراً ثورة اكتشاف البترول التي استبشر بها المواطن العربي خيراً ، وأمنى النفس بأن هذه الثروة ، والثورة ستنقله نقله نوعية ، وستنحو به نحو قفزة اقتصادية ثقافية ، وسياسية تضاهي بالتوازي القفزة التي سيحدثها اقتصادياً.
فالأمم تسعى لأن يكون تطورها متوازٍ سياسياً ، واقتصادياً ، وثقافياً حتى تتمكن من بناء حضارة ومستقبل تقتحم من خلاله أبواب التاريخ ، وتحتل مكانة بين الشعوب المتقدمة والمتطورة ، وتساير عصر التكنولوجيا والتقدم ، وترسم معالم نهضتها وتخط طريقها بين الأمم المتطورة علمياً واقتصادياً .
ويبدو أن ثروات الوطن العربي قد خضعت واستسلمت لرحى العولمة ، حيث كان الانعكاس الفعلي لهذه الثروات ، احتكار كامل وتحويل المجتمعات العربية لمجتمعات استهلاكية ، وهي الثقافة التي تستند إليها العولمة كسلاح موازٍ للعسكرة ، وهو ما نجحت به عملياً ونظرياً واستطاعت أن تستغل ثروات الوطن العربي ، وتستخدمها لغزو عقل وثقافة المواطن العربي بفكرها وأسلحتها ، وتجسيد ثقافة الاستهلاك .
وعودة على بدء ، يشهد الوطن العربي بكافة أقطاره ارتفاعاً في المستوى الاقتصادي العام من حيث المدخولات وخاصة البلدان المنتجة للنفط ، نتاج الارتفاع في أسعار النفط العامة نتاج التنافس العالمي ومحاولات الشركات العملاقة احتواء الدول المصدرة للنفط ، ورغم هذا الارتفاع النسبي في أسعار النفط ، وارتفاع المستوى الاقتصادي العام ، فإن الباحث في الموازنات العربية العامة يجد أن معظمها تعاني من عجز في الموازنات ، هذا العجز هو نتاج طبيعي للسياسات العربية التي أصبحت تعيش تحت هاجس الخطر والتهديد ، وتسابق الزمن للتسلح العسكري ، والاستسلام للشركات الأوروبية التي تقدم كل ما هو جديد من أسلحة وتقنيات عسكرية ، وما مهد لذلك الحرب الإعلامية السياسية التي روج لها بالمنطقة العربية وجعلت العراق سابقا العصا التي تلوح بها للأنظمة العربية ، واليوم إيران وتطورها العسكري وأهدافها السياسية بالمنطقة ، مما دفع الأنظمة العربية لتخصيص جل الموازنات للجانب العسكري والأمني والذي كان سبباً رئيسياً في انهيار المنظومة السوفيتية التي أولت القطاع العسكري الأولوية ، وأهملت باقي القطاعات الأخرى .
وهذا ما يحدث الآن في المنطقة العربية حيث يواجه المواطن هذه الإستراتيجية من خلال انخفاض معدل الدخل اليومي ، وارتفاع هائل في الأسعار وغلاء المعيشة ، وخصخصة كل السلع بكافة أنواعها .
فلم يعد المواطن يجد سوي الهواء كسلعة مجانية ، ويخشي أن تستغل حالة التلوث البيئي نتاج ما تمارسه الشركات ، في إنتاج سلعة هواء نقية كمنتوج ضروري ونقي ونظيف تتهافت عليه الشعوب ، وبترخيص من وزارات الصحة .
إذن فارتفاع سعر البترول وما يصاحبه من ارتفاع في المستوي الاقتصادي العام للبلدان المنتجة للنفط هو انعكاس لرغبات العولمة التي تستثمر طاقاتها في تمرير سياساتها وثقافتها ، ولإدراكها أن هذا الارتفاع في أسعار النفط هو عائد لها أولاً وأخيراُ ، وما صراعها مع فنزويلا سوى صراع احتواء اقتصادي واجهة الرئيس الفنزويلي ( شافيز ) وهو ما تناقض مع سياسات وأفكار وأهداف العولمة ، فاستخدمت كل الأدوات لمواجهة التجربة الفنزويلية حتى لا يتم تعميمها ، والاقتداء بها من باقي الشعوب صاحبة الثروات .
الحديث عن غلاء الأسعار لا يمكن حصره في معزل عن الصراع الحالي ما بين العولمة والمجتمعات عامة ، لأنه صراع وجود وبقاء ، صراع المنتصر مع الضعفاء ، صراع التجسيد اللغوي لعبارة " أنا منتصر إذن أنا افعل ما أريد ".
فما يشهده الوطن العربي هو صراع عام ولد مع ولادة الغزو الكلي للعولمة ، ومحاولات احتوائها لمصادر القوة سياسياً، واقتصادياً ، وثقافياً ، وبأدوات ذكية ، فلم تعد تستخدم أدوات مستوردة لإدراكها أن الأدوات المستوردة تتعارض مع القيم والعادات وعليه يمكن مواجهتها وإفشالها ، كما تم إفشال بروتوكولات حكماء الصهيونية بالسيطرة على المال ، والإعلام ، والدين ... إلخ . فلجأت العولمة لاستعمال أدوات من نفس الجسد العربي تتمثل بالشركات العربية العملاقة ، وبسياسات التطبيع والانفتاح والخصخصة ... الخ.
فالمواجهة القادمة ستكون شرسة ، وأكثر دموية لأنها مواجهة عامة لا تقتصر على فئة معينة ، بل هي مواجهة مشتركة بين جميع الفئات والطبقات ، بينها العديد من القواسم ، مواجهة ستذوب فيها التمايزات الطبقية ، كما كانت المرحلة السابقة التي اتسمت بالتمايز الطبقي في المواجهة والصراع .





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :