facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




اللغة العربية الثالثة هي الرائجة في الإعلام المرئي المسموع


د. تيسير المشارقة
03-08-2017 08:14 PM

لغة الإعلام هي لغة وسطى ما بين لغة الأدب واللغة العامية (اللهجة العامية). وتُصرُّ بعض المحطات التلفزيونية على استخدام الدارجة أو العامية المحببة، ولكنها على المدى الطويل تفقد انتشارها، وتسقط في نطاق المحليّة الضيقة.

إن تطعيم العربية الفصيحة بالعامية ممكن أحياناً في وسائل الإعلام، ولكن ينبغي أن يكون ذلك بحدود. كما أن استخدام اللغة الأدبية المقعّرة أو المنفلوطية (من: مصطفى لطفي المنفلوطي 1876-1924) في الإعلام الإذاعي والتلفزيوني (الجماهيري الأوسع انتشارا) يُبعد المشاهدين ويقصيهم عن المحطات الإذاعية أو الفضائية.

الإعلامي والأديب والمثقف الأردني فخري صالح امتدح ذات مقال لغة (زياد بركات) و (ماجد عبد الهادي) الأدبية في صياغة التقارير الإخبارية في "الجزيرة". كتب صالح مقالاً في صحيفة الدستور الأردنية (8/9/2011) ينادي فيه بتدريب المذيعين على لغة الأدب في التقارير الإخبارية التلفزيونية. وبالرغم من احترامي لهذين الرجلين إلا أن فخري صالح، الأديب والمثقف، جانَبَه الصواب.

لغة الأدب تنفع في البرامج التعليمية والمتخصصة ولكنها لا تنفع في التقارير الإخبارية لكافة الناس. وطالما لغة التلفزيون والإذاعة لكل الناس، فينبغي أن تكون (لغة وسطى) بين العامية والأدبية، كي يفهمها الأغلبية. ويمكن أن تكون لغة (ذات سلطة) أي أن ترتقي بالذائقة، بأن تقترب من (لغة الأدب) أكثر من (لغة الشارع).. لكي ترفع من هامة الناس اللغوية.

كنت قد تناولت هذه المسألة في كتاب لي بعنوان (مبادئ في التحرير واللغة الصحافية) صدر عن مركز (مدى) بفلسطين عام 2000، وأصبح هذا الكتاب مقرراً في جامعة القدس (دائرة الإعلام والتلفزة) وفي جامعة بيرزيت (كلية الإعلام). طالبت في هذا الكرّاس باللغة الثالثة الوسطى لاستخدامها في الصحافة الإذاعية والتلفزيونية.

فخري صالح في مقالته المنحازة إلى لغة الأدب في التلفزيون والتقارير الإخبارية، أرادت الانحياز إلى (زياد بركات وماجد عبد الهادي ) اللذين أبدعا في صياغة الجمل الإخبارية وأضافا من أدبهما إلى لغة التلفزة بشكل ملفت للانتباه.

ولأنني منحاز إلى الأدب، تعجبني لغتهما في الصياغة الأدبية الإخبارية التلفزيونية، ولكنّي كمثقّف لست كل الناس. وهذا ما ينبغي أن يفطن إليه فخري صالح.

فايز شاهين كتب في 12 سبتمبر 2013 مقالة في القدس العربي ينتقد فخري صالح الذي يناصر اللغة الأدبية في صياغة الأخبار والتقارير التلفزيونية. وقال شاهين إن مقالة صالح في الدستور بتاريخ 8سبتمبر 2011، لم تكن واقعية وإنما عاطفية وانطباعية منحازة لشخصين مبدعين، ولم تكن علمية من حيث معرفة الخصوصية البصرية والسمعية التي ينبغي أن يتمتع بها هذا الشكل من الإعلام.

كتب فايز شاهين من برلين للقدس العربي موضحاً أن ((نشرة الأخبار موجهة إلى جميع فئات المجتمع، المتعلّم منهم والأمّي، بعكس البرامج التلفزيونية الأخرى التي من الممكن أن تُوجّه إلى مجموعة مستهدفة بعينها، كالبرامج الثقافية للمثقفين والشبابية للشباب. وهذا الأمر يُلقي على كاهل العاملين في غرفة الأخبار حِملاً أكبر. إذ عليهم إيجاد لغة مشتركة يفهمها الجميع بلا استثناء. ونحن لسنا بحاجة إلى لغة نقرأها مرات تلو مرات كالنص الأدبي، لأن النص الإعلامي مرهون بالآنية، وهذه عمرها لا يتجاوز الأربع وعشرين ساعة، فمتى مضت، أخذت معها نصها بلا رجعة بعد أن أصبح بائتاً.

علاوة على أن اللغة الرمزية والمجازية في التقرير الإخباري المصوّر تحد من فهمه، وتجعل المستمع يقف عليها ليفهمها، ومتى فعل ذلك نسي ما قبلها ولم يتابع ما بعدها لانشغاله بها، وبالتالي لن يحفظها في ذاكرته لأن العقل لا يحفظ إلا ما يفهم، ومن دون الفهم يفقد النص الإعلامي تأثيره في المشاهد فيصبح وجوده كعدمه))ـ
وأضاف شاهين مشكوراً ، إنه قد ((حان وقت فطام لغة الإعلام الإخباري عن لغة الأدب، أما وقت التزاوج بينهما فقد ولى)).

ووضّح فايز رأيه بالتالي: ((بعد بث التقرير الإخباري التلفزيوني مرة واحدة لا يمكن الاستماع إليه ورؤيته مرة أخرى. فلا يمكننا الرجوع إلى بداية النشرة الإخبارية للتركيز على الفقرة التي لم نفهمها، كما نفعل مع الصحيفة. كما أن سرعة قراءتنا للصحيفة نحددها نحن، على العكس من سرعة قراءة التقارير التلفزيونية التي لا سيطرة لنا عليها. علاوة على أن الميزة الحسنة الخاصة بالتقارير الإخبارية التلفزيونية وهي استخدام الصورة إلى جانب النص، يمكن أن تتحول إلى عامل سلبي يحد من فهم التقرير. إذ أن المعلومة الصورية تساعد على فهم النص، ويساعد النص على فهم الصورة في التقارير المعدة إعداداً جيداً فقط. لكن غالباً ما لا تساعد الصورة على فهم النص، ولا يوضح لنا النص ما تُظهره الصورة في كثير من التقارير التلفزيونية.))، ونحن منحازون لهذا الرأي.

نحن ضد المحسنات البديعية في الخطاب التلفزيوني، وضد الوعورة وضد اللغة الادبية المنفلوطية في الإذاعة، لأن القليل من عامة الناس من يدرك أعماق هذه اللغة. وطالما البث الإخباري قصير، وصعبٌ أن يطلب المستمع أو المشاهد، تكرار النشرة الإخبارية، من المصدر، على مدار الساعة، فإن الفهم للنشرة يتطلب السرعة، والمحتوى الأدبي أو الثقافي للأخبار يبقى ثقيلاً على أذن المتلقي العادي.

في الختام، لا يجوز لنا، نحن المنشغلين بالأدب والمحسنات البديعية والترميز والإنشاء والبلاغة، أن ننادي بإلقاء أو رمي رداء الأدب على لغة الإعلام الإذاعي والتلفزيوني، فلغة التلفزيون والراديو تتمتع بالخصوصية، وهي لغة وسطى، لأنها لكافة الناس وللعموم، وبالتالي لا يمكن تعميم لغة الأدب على الجميع. وما ينفع في الصحافة المكتوبة المطبوعة (التي يمكن التدقيق في محتواها لفهم أفضل لها) لا ينفع في الكتابة للسينما والتلفزيون والراديو.

إن تكرار قراءة المحتوى المُتاح في الصحيفة (لفهم النص) قد يكون غير ممكن في الوسائل المرئية والمسموعة. وفي نهاية المطاف نحن بحاجة إلى خبراء ودراسات كثيرة لفهم الفروقات بين (المكتوب) و(المرئي المسموع)، لأن الوسائل الإعلامية المتعددة تتطلب تعدداً في مستويات اللغة أيضاً.





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :