facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




عداد "التكسي"


م. أشرف غسان مقطش
06-08-2017 10:38 AM

وقف إبراهيم في المكان المخصص لانتظار الحافلات العامة منتظرا "تكسي" يقله إلى مقصده.

كانت أشعة الشمس حارة قليلا في أولى ساعات ذاك الصباح التموزي. فموجة الحر الجافة كانت قد بدأت تجتاح المملكة كما توقعت دائرة الأرصاد الجوية و"طقس العرب".

بدأ إبراهيم يتصبب عرقا وهو ينتظر "التكسي". فأمانة عمان الكبرى قامت بترقيم المباني والبيوت بدلا من إقامة غرف مكيفة للركاب في أماكن انتظار الحافلات العامة.

من بعيد وعلى حين غرة، أطلت سيارة صفراء ذات ترميز "50" من نوع "هيونداي". نوافذها مظللة على ما يبدو بنسبة 100% رغم أن التظليل بهذه النسبة ممنوع، وكل ممنوع مرغوب.

أشار إبراهيم "للتكسي" فتوقف "التكسي". فتح إبراهيم الباب وصعد وأغلق الباب برمشة عين كي لا يمنح السائق أدنى فرصة ليسأله: "لوين رايح؟!".

"صباح الخير" حيا إبراهيم السائق.

"وعليكم السلام" رد السائق التحية مبتسما.

"سايق تكسي ببتسم؟ معقول أنا في الأردن؟ وين الكشرة على هالصبح؟" تساءل إبراهيم مستغربا لا بل مندهشا أنه يبدأ نهاره لأول مرة بابتسامة سائق "تكسي" منذ أن أطلقت أمانة عمان الكبرى حملة "ابتسم!".

"وسط البلد إذا سمحت" أخبر إبراهيم السائق عن وجهته.

"إن شاء الله" أجاب السائق مبتسما وهو ينطلق إلى وسط البلد: مشاوي أبو مصباح، وفلافل هاشم، وكنافة حبيبة، وقصب
السكر، وكشك الجاحظ، وكشك أبو علي، ومقهى جفرا. وسط البلد: عبق التاريخ يفوح في حدائق الحاضر، وخير الأماكن أوسطها!

لم يسمع ابراهيم صوت تشغيل العداد ابتداء من افتتاحية الأجرة المحددة بربع دينار. جال إبراهيم بنظراته هنا وهناك بحثا عن العداد؛ على "التابلو"، تحت المرآة، فما وجد أرقاما حمراء على خلفية سوداء. ألقى نظرة خاطفة على يمين السائق قليلا تحت المقود، على يمين "الجير"، على يساره، وما من عداد!

"نصاب! ما بخاف الله! دنيا آخر زمن! هو من قليل الله ساخط علينا بهالحر والبلاوي هاي! لا صدق بالميزان ولا أمانة بالعداد ويا ريت في عداد اصلا! شو مفكر حاله؟ ما رح أعطيه أكثر من اللي بدفعه كل مرة! واذا طلب أكثر بهدده اني ارح اشتكي عليه! هي باقية سايبة! بسيطة! تا نوصل وسط البلد وفرج! واشوف قديش رح يطلب!"؛ إبراهيم يناجي نفسه في الطريق إلى وسط البلد!

"وين المسؤول؟ وين الرقابة؟ ليش الحكومة ما بتشدد على السواقين يحطوا العداد وبمكان مبين للكل؟ أصلا الحكومة لازم كل فترة تفتش عالتكسيات كلها حاطين عداد ولا لا؟ العداد شغال صح ولا لا؟ العداد محطوط بمكان بشوفه حتى الاعمى ولا لا؟! واللي مخالف تطسه غرامة وتحجز رخصته مشان يحرم يخالف مرة ثانية! وهيك الحكومة كمان بتلملها اكمن قرش!"؛ إبراهيم يتساءل سرا بينه وبين نفسه.

"وين بوسط البلد عمي؟" السائق يسأل إبراهيم مبتسما!

"كشك الجاحظ" رد إبراهيم وزم شفتيه بينما شرارة الغضب تقدح في عينيه!

"وبدي أقول ماله بتبسم بصباحي من لما طلعت معه؟ مفكر حاله رح يمشي فلمه علي؟"؛ إبراهيم في أوج مناجاة نفسه!

وتوقف "التكسي" عند كشك الجاحظ.

"قديش بتؤمر؟" قال إبراهيم للسائق وأعصابه مشدودة.

"توكل على الله عمي!" رد السائق وابتسامته لا تسعها وسط البلد!

"شو؟ كيف يعني توكل على الله؟" رد إبراهيم ولسانه يلتوي حيرة!

"يعني ما بدي منك الا سلامتك!" أجاب السائق وبشاشة وجهه تبرد الجو المكتوي بنار تموز!

"أنا يا عمي كل شهر بختار يوم أشتغل فيه ببلاش لوجه الله تعالى والشهر هاد كان يومه اليوم! حظك اليوم لوز عمي" تابع السائق حديثه وابتسامته لا تفارق محياه قيد أنملة!

"بارك الله فيك! ابن حلال! الله يكثر من أمثالك! الله يفتحها بوجهك من أوسع أبوابه! أصيل! نشمي!" رد إبراهيم والذهول يتملكه من رأسه لأخمص قدميه!

وفتح إبراهيم الباب ونزل وأغلق الباب بغمضة عين كي لا يعطي السائق فرصة ليغير رأيه! ولم يهمه بعد إن كان العداد موجودا أم لا!

أما السائق فقد أزاح عن العداد -الذي كان موضوعا على "التابلو" فوق "الجيبة" تحديدا- قطعة شماغ فريدة من ألوانها الأحمر والأسود والأبيض، وأعاد وضعية العداد على الافتتاحية بربع دينار، ثم دثره مرة أخرى بقطعة الشماغ تلك، وقد كتب عليها: "ابتسم! يكفي التجهم في السما!"





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :