facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




الأنا المتضخمة!


سليمان الطعاني
24-08-2017 01:04 AM

تثبت التعاملات اليومية بين الناس في مجتمعنا مع الأسف خطأ التطرف في التمسك بحبل "الأنا" الواهي إلى حد إلغاء الآخر وتهميشه، وقد تتضخم الأنا إلى حالة مرضية تنذر بأفدح الخسائر وأبلغ الأخطار، فنجد الكثيرين يعضّون عليها بالنواجذ ويتشددون فيها إلى درجة أنهم ينكرون أي وجود للآخر وينظرون إلى وجوده بالريبة والشك.

لا نستعيذ إلا من اثنين، من كلمة «أنا» ومن «الشيطان»، فالشيطان له موقف تاريخي معروف، يتجسد في رفضه السجود لآدم عندما أمره الله بالسجود، حيث قال: "أنا" خير منه، وعندما نستعيذ نحن من كلمة "أنا" فانه من الطبيعي استحضار نية التكبر والغرور التي كان عليها إبليس عندما رفض أمر الله، فبذلك نُخرج أنفسنا من دائرة الشك التي ممكن أن نقع فيها عندما نقول أنا، ولا بأس في ذلك ما دام الأمر فيه كبحاً للنفس ولجماً لها من التفكير في الوقوع في شرك التكبير والغرور والأنانية.

كلمات نسمعها باستمرار أنا الذي عملت، أنا صاحب هذه الفكرة، أنا فكرت بهذا الموضوع قبل فلان، أنا أعطيت، أنا الذي كنت كذا وكذا، أنا الذي صبرت. أنا الذي عانيت. أنا الذي قاسي، حتى داخل الأسرة الواحدة دخلت الأنانية فأفسدتها، أنا أبي فلان فمَنْ أبوك، كالذي ينعق بما لا يسمع؟ أولو كان آباؤهم لا يعقلون شيئا ولا يهتدون؟ أنا وأنا وأنا ......أنا الذي أكثرت من ذكر الأنا ..حتى أصبحت الأنانية سمتي .. وصفة من صفاتي ..!! !أوليست هذه حالنا جميعا ؟!أولسنا نكثر من الأنا في حياتنا ؟!حين نتحدث ..حين نكتب ..
جميل أن يهتم الإنسان بنفسه ويبدع ويخترع ويخدم مجتمعة وأمته ..لكن ليس، إلى حد أنه لا يرى إلا نفسه!! جميل أن يراعي الإنسان من حوله ويأخذ برأيهم .. ويرى العالم بأعينهم لا بعينه هو !!
جميل أن يهتم بمشاعرهم. فكما أستخدم هو الأنا. هم يستخدمونها .. لكلٍ الأنا الخاصة به ..أنا لدي وأنتِ وأنتَ وأنتم ..
وعندما يزيد هذا الاهتمام بالأنا ليرتقي سلبياً إلى تقديس الذات وتمجيدها وبالتالي إلغاء الآخر وتهميشه ...فإن ذلك يشكل الخطوط المميزة للأنانية في أشد صورها وضوحاً فيقع التنازع والاختلاف ، فنصبح كما نحن الآن لا نفكر إلا بأنفسنا .. ولا نتكلم إلا عن ذاتنا ..أكثر كلمة نرددها.. هي كلمة أنا .. وكنتُ وفعلتُ وأنجزتُ وذهبتُ وأتيتُ …! نعشق تكرار كلمات فرعون وقارون .. (لي وعندي) نسبُّ الآخرين ونسخر منهم لا لشيء بهم! إنما لنرتفع بأنفسنا أمامهم، حسودين تملأ قلوبنا الضغينة والحقد .. نتمنى الخير لأنفسنا فقط .. ولا نريد لأحد الرفعة والسعادة ..شعارنا.. إذا متُّ ظمآناً فلا نزل القطرُ !
لا عيب أن يعشق الإنسان نفسه. ولا ضير أن يُفتتن بعطائه وروحه خاصّةَ إذا كانت هذه النفس وتلك الروح على مستويات عليا إنسانيا وروحيا. لا فرق أن نعشق أنفسنا من خلال الآخر ونتمسّك بها من خلاله ونعاملها جيدا لأجله. ولكن بعيدا عن الأنا المتضخمة التي استحق إبليس بسببها اللعنة والطرد من رحمة الله،

كان نبينا صلى الله عليه وسلم، أجود الناس وأصدقهم لهجة وأحسنهم خلقا وخلقا،. " إنما أنا بشر مثلكم،" وكان السلف الصالح يقول، إني قد ولّيتُ عليكم ولستُ بخيركم...!! فما بالنا نحن نحلم دوما بإلغاء الآخر والجلوس مكانه ونتمنى له الزوال، أهو التضخم الحاصل في الأنا، أم ماذا ؟؟؟





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :