facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




تغييرات محلية في لحظة التقارب بين عمان و «حماس»


رنا الصباغ
13-01-2009 03:43 PM

سجل رئيس الاستخبارات العامة السابق في الأردن الفريق محمد الذهبي سابقة أردنية عندما ترك موقعه قبل أسبوعين على وقع رضى شعبي عبّرت عنه المعارضة الإسلامية واليسارية أي القوى المصنفة لسنوات في خانة الأعداء التقليديين لجهاز لطالما كبح نيات الانفتاح السياسي.

برأي شرائح من هذه القوى، شكّل الذهبي (52 سنة) ظاهرة قد لا تتكرر لرجل أمن تحلى بعقلية إستراتيجية وحاول بلورة مشروع يوازن بين متطلبات تنفيذ رؤية الإصلاح الملكية، ومتغيرات التهديدات الاستراتيجية الداخلية والخارجية التي تؤثر على أمن الوطن واستقرار النظام.

وفي ذلك مقاربة مختلفة عن رؤية قوى سياسية لها امتدادات شعبية حيال دور رجل أدار جهازاً يشكّل أهم أعمدة الحكم في البلاد العربية ذات الأنظمة الشمولية ومؤسسات الدولة المستضعفة المحاصرة من صعود نجم الإسلام السياسي.

ففي ظل التطرف وسياسة المحاور، سعى الذهبي لرسم «طريق يجسر الفجوة بين ما بات يسمى برجال «العهدين» الجديد والقديم ودور الدولة وسياساتها الاقتصادية والسياسية والاجتماعية.

التنافر بين «التحديثيين والتقليديين» ظهر إلى العلن في السنوات الأخيرة، في غياب توافق مجتمعي حول وجهة الأردن الجديد. وفاقم الوضع انسداد أفق بناء «الدولة الفلسطينية» التي راهن عليها الملك لحماية أمن واستقرار بلاده، حيث يشكو نصف السكان من أصول فلسطينية من التهميش السياسي. الصراع بين المدرستين أضاع بوصلة الإصلاحات واختلطت الأولويات بين تقديم الاقتصادي الاجتماعي على حساب السياسي وبالعكس، وبالتالي تراجعت صدقية الخطاب الرسمي.

زكي بني أرشيد، أمين عام جبهة العمل الإسلامي، الذراع السياسية لحركة الإخوان المسلمين وحليفة «حماس» الفلسطينية، يرى أن أهمية المشروع الذي طرحه الذهبي وظهرت معالمه خلال الأشهر الخمسة الماضية تكمن في «أن الجهة (دائرة المخابرات العامة) التي كانت تقف بوجهه سابقاً، هي التي تبنتّه لاحقاً».

وتابع بني أرشيد أن الرجل أخذ عبر المشروع الأخير «دوراً وحجماً، وكسب حضوراً وتعاطفاً في المجتمع الأردني، بخاصة بين النخب السياسية».

وفي ذلك مقاربة مختلفة جداً من تيار لطالما اتهم الذهبي بمحاولة اقصائه عن المشهد العام منذ اكتساح «حماس» للانتخابات التشريعية عام 2005. فقد حورب الإخوان من خلال سن تشريعات أبعدتهم عن منابر المساجد ومنعتهم من اصدار الفتاوى الشرعية ووضعت اليد على ذراعهم المالي والاستثماري.

ثم قُسم ظهرهم في الانتخابات البلدية والنيابية العام الماضي وسط اتهامات بحصول تزوير واسع. وفي الصيف الماضي تحسنت علاقة الدولة مع الإخوان المسلمين بعد ان أعاد الذهبي الحوار الامني المقطوع مع «حماس» منذ 2000. ويأمل بني أرشيد في ألاّ يؤدي تغيير الذهبي الى تراجع رسمي عمّا اسماه «بدايات انفتاح داخلي كامل» على القوى السياسية والإعلامية وخارجي على سورية وحماس بهدف تنويع سلة الخيارات الديبلوماسية بدلاً من حصرها.

اولى ثمار الانفتاح هذا انعكست على وقوف الأردن الرسمي والشعبي في خندق واحد ضد عدوان غزة، وعدم خروج شعارات مسيئة لرأس الدولة والحكومة بالرغم من ارتباط المملكة بمعاهدة سلام مع اسرائيل منذ 1994.

لكن جهود ترطيب الأجواء مع سورية جوبهت باعتراضات أميركية، بحسب مسؤولين وديبلوماسيين. أما إسرائيل والسلطة الوطنية الفلسطينية بزعامة الرئيس محمود عباس، حليف الأردن في معركة السلام، فعبرتا أيضا عن استيائهما من الاتصال المباشر بين الفريق الذهبي ورئيس المكتب السياسي لحركة «حماس» في دمشق خالد مشعل.

وينقل نواب أردنيون زاروا مشعل في دمشق الأسبوع الماضي، أن الحركة «التي تكن للأردن احتراماً واسعاً، تخشى من تغير المقاربة حيالها بعد مغادرة الذهبي». لكن مسؤولاً في الديوان الملكي، يؤكد أن الملك عبدالله الثاني لا يفكر بقطع الحوار مع «حماس»، بل قد يتجه لتقنينه لتحاشي الغضب الإسرائيلي-الأميركي من جهة ولضمان الخطوط مفتوحة على خيارات جانبية.

الثناء على الذهبي بعد تركه موقعه لم يقتصر على الإخوان بل شمل ايضاً الوسط، ففي مقالة له بعنوان «في وداع الذهبي»، يقول الكاتب اليساري ناهض حتر: عقل استراتيجي يقود المخابرات العامة ويغير صورتها»، ويقر بأن «الباشا» كان مدير المخابرات الوحيد الذي عرفه وهو على رأس عمله، وأجرى معه ثلاث جلسات حوارية في مكتبه، شاعراً لأول مرة في حياته السياسية انه «أمام ممثل استثنائي للنظام الأردني – الذي يعج بالتقليديين».

ويضيف: «في لقائنا الأول دهشت من ذكائه وحيويته وسعة أفقه. لكنني في ما بعد أدركت أنني أمام مثقف يتربع على مقعد مدير المخابرات، وليس أمام مدير مخابرات منفتح. ليس الذهبي برجل مخابرات عادي أو تقليدي. ليس برجل أمن بقدر ما هو رجل أمن وسياسة معاً، بمعنى أنّه يتحلّى بعقلية استراتيجية...».

ويقر حتر بأن الذهبي «نجح في تغيير صورة المخابرات وتحويلها لتأطير الحياة السياسية في تيارات قادرة على تنظيم نفسها بهدف تقوية الجبهة الداخلية ومواجهة خطر الوطن البديل الذي بات يلوح في الافق».

يحسب للذهبي أنه وقف ضد نواب وأعيان طالبوه بأن يتدخل مع جهازه لقمع صحافيين ومواقع إعلامية ادعوا أنها تطاولت على بعض رموز الدولة. كما أنفتح على منظمات حقوق الإنسان الدولية التي طالما انتقدت التعذيب في سجون الأردن، وسمح لها بزيارة موقوفين أمنيين في الدائرة. وحمى الأردن من تحدي الارهاب القاعدي القادم من العراق بعد تفجيرات 2005 عبر تشديد الإجراءات الأمنية وتأسيس «فرسان الحق» وهي فرقة ضاربة تعمل خارج الحدود.

على أي حال، تتباين وجهات النظر حول الأسباب الكامنة وراء التغيير المفاجئ الذي توقف المراقبون عند توقيته وسط «محرقة» غزة التي أظهرت حجم التأييد لحماس في شارع كان متعاطفاً تقليدياً مع حركة «فتح» الفلسطينية قبل أن يتراجع نجمها عقب توقيع اتفاقية عام 1993.

لكن هناك شبه إجماع داخل الطبقة السياسية الأردنية ولدى الحزبيين على أن خروج الذهبي اندرج ضمن رغبة ملكية مبرمجة لتحقيق ثلاثة أهداف أساسية قبل 2009:

- تحقيق الموازنة والعدالة على قاعدة «لا غالب ولا مغلوب» بعد إقالة باسم عوض الله، المولود في القدس من موقع مدير الديوان الملكي والذي أصبح رمز نهج الليبرالية الاقتصادية التي تدعمها أقلية تستمد نفوذها من قربها من صانع القرار. وهو أخرج قبل ثلاثة أشهر، بعد أن تصدّى له الذهبي على رأس دائرة تمثل صرحاً أساسياً لنفوذ الشرق أردنيين. أراد الليبراليون محاكاة تجربة «سنغافورة أو دبي» أي إقامة بلد منفتح اقتصادياً واجتماعياً الى أبعد الحدود، يتمتع بعلاقات قوية مع واشنطن وتل أبيب، ومضبوط بقفاز أمني أبيض. كان اصحاب هذا الخيار مع إلغاء نظام المحاصصة السياسي القائم على الجهوية والعشائرية. وقف ضدهم التيار التقليدي المتجذّر والمدعوم من الأجهزة الأمنية وساسة شرق أردنيون متنفذون يصرون على ابقاء الدور الاجتماعي للدولة وتمسكوا بالولاية الدستورية للحكومة التي اضعفت حديثاً لصالح الديوان ويعارضون الإصلاح السياسي قبل حل القضية الفلسطينية. وبين هذا وذاك برز تيار ثالث عبر عنه الفريق الذهبي ذو الأصول الشامية، الذي يحمل بكالوريوس علوم سياسية من جامعة بريطانية وابن المؤسسة الأمنية. وتواصل هذا النهج عبر شقيقه، رئيس الوزراء نادر الذهبي، الذي أختاره الملك شخصياً رئيساً للحكومة أواخر 2007.

وبحسب مقربين، حاول الملك عقد مصالحة بين عوض الله والذهبي هذا الصيف لكن الذهبي اعتذر عن ذلك. فاضطر الملك أن يخسر معاونين ربطته بهما علاقات قوية مدعومة بكيمياء شخصية نادرة، ما كان يسهل الاتكّاء عليهما في عملية صنع القرار ورسم سياسات الدولة. أحد المقربيّن من الملك قال لـ «الحياة» إن الأخير أعجب بديناميكية عوض الله واستجابته السريعة لمطالبه كافة، وتفاءل بشخصية «الباشا» الإصلاحية. لكن في المحصلة، «لم يستطع الإبقاء على د. باسم لأنه بات يشكل عبئاً شعبياً على النظام. وأراد أن «يبقي الباشا لفترة أطول بعد خروج عوض الله، لكن إصرار الأخير على إخراج وزراء وموظفين قريبين من عوض أظهر هوساً طغى على مهنيته العالية في عيون صانع القرار».

- توصيل رسالة بأن مؤسسة العرش نضجت بعد عقد على رأس السلطة، وأنها تشكّل عماد الحكم ومصدر القرار السياسي الأوحد، ولا تخشى تغيير مدير المخابرات في اي لحظة.

- إرسال رسالة واضحة للداخل وللخارج بأن القصر يريد للمخابرات أن تعود إلى مهامها الأمنية الأساسية والابتعاد عن الهيمنة على المشهد السياسي والتشريعي بعد أن تضخم دورها منذ مرض الملك الراحل الحسين عام 1996 بسبب ضعف مؤسسات الدولة. لذا وقع الاختيار الملكي على اللواء محمد الرقاد، ابن دائرة المخابرات. العصامي، الذي يحمل عقيدتها فضلاً عن أنه ينتمي إلى إحدى العشائر الأردنية، وهي تقليدياً من ركائز النظام الهاشمي.

لكن ساسة ومراقبين وإسلاميين، شأنهم شأن القوى التقليدية، لا يعتقدون أن التغييرات الأخيرة ستؤثر على نهج الإصلاح الاقتصادي أو السياسي لأنه مرتبط برؤية رأس الدولة وليس بأشخاص.

رنا الصباغ - عن الحياة اللندنية -





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :