facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




الحقيقة الغائبة


د.خليل ابوسليم
22-01-2009 11:44 PM

في التاريخ الإسلامي عندما دارت رحى أول معركة بين معسكر الحق والباطل، وبعد انتهاء المعركة باندحار الباطل، فرح المسلمون كثيرا بهذا النصر المؤزر على قريش وزعمائها، وكان مقياس أو معيار النصر لديهم هو بمقدار ما ألحقوه من خسائر بشرية بمعسكر الباطل وكسراً لشوكتهم وهدرا لهيبتهم بالرغم من قلة العدد والعدة، ولم يكن بمقدار ما انتزعوه من أراض تابعة لمعسكر الكفر والزندقة، لان الخلاف في الأصل هو خلاف عقدي لا حدودي، و لم يتم احتلال أي شبر من الأراضي التابعة لأي من المعسكرين .
أما في معركة أحد فقد كان الوضع مغايرا تماما، حيث تمكن معسكر الباطل من إلحاق الهزيمة بالمسلمين ومارسوا عليهم عمليات القتل والبطش والتنكيل، و لم يتم احتلال أي شبر من أراض متنازع عليها، وقتل في تلك المعركة أخيار من الصحابة والمسلمين، وسرعان ما اعترف المسلمون بهزيمتهم والتي ما لبثوا أن وقفوا على أسبابها ودوافعها وبالتالي تداعياتها، وفي العرف العسكري حيث الاعتراف بالهزيمة هو تخطيط للنصر بحد ذاته.
أما في التاريخ الحديث فقد شاهدنا وسمعنا وقرءنا عن حروب وصراعات كثيرة وبين معسكرات متعددة كانت تنتهي باندحار احد الطرفين، وما الحربين العالميتين إلا خير شاهد ودليل على ذلك، والتي كان من نتائجها ظهور دويلات واختفاء دول، ومن نتائجها كذلك جلب الدمار والخراب إلى الأمتين العربية والإسلامية بعودة دولة اليهود ثانية إلى الديار العربية بعد أن أُخرجوا منها.
أما وقد انتهى العدوان- مؤقتا- على غزة ووضعت الحرب أوزارها، وبدأت حقائق مذهلة في الظهور إلى سطح الواقع، والصور تتناثر على أثير الفضائيات وبين طيات الصحف لتكشف عن دمار هائل في الأراضي والممتلكات وخسائر جسيمة في الأرواح، عدا عن جيش من المعاقين جسديا ونفسيا، واحتلالٍ ما زال جاثما فوق الأعناق وعلى الصدور.
ثم بعد ذلك نسمع صيحات وصرخات هنا وهناك ومن جميع الأطراف، كل يدعي النصر لنفسه وتحقيق كامل لأهدافه! فأي نصر هذا الذي نتحدث عنه ويدعيه البعض؟ وهل فعلا تغير مقياس النصر لدينا أم نحن الذين بدا علينا التغيير، أم انقلبت المفاهيم والمصطلحات ونحن غائبون كالعادة.
فهل أصبح النصر بمقدار ما نفقد من شهداء، أم بمقدار ما يهدم لنا من بيوت، أم بمقدار المساحات التي تحتل من أراضينا، أم هو بعدد الأرامل واليتامى بين شعوبنا وفي مجتمعاتنا، أم هو بالكم الهائل من العقد النفسية في نفوس أطفالنا لما أصاب البعض منهم وشاهده البعض الآخر.
أعتقد أن الخبر لوحده كافيا لأدراك الحقائق على ارض الواقع المؤلم، فكيف إذا اقترن الخبر بالصورة والواقع، وأنا هنا لا اقلل من شان وعظمة الصمود للأشقاء في الأرض المحتلة والذي يعتبر مقاومة باسلة بكل المعاني أمام آلة البطش والغطرسة، ولكني أطالب الجميع بوضع الأمور في نصابها وتسمية الحقائق بأسمائها الصحيحة حتى لا تتغير المفاهيم والمصطلحات لدى الأجيال القادمة من أبناء الأمة، ألا يكفي أننا مهزومون داخليا؟ ومستسلمون لواقع لا نقدر على تغيير جزء بسيط فيه بقدر ما هو قادر على تغييرنا نحو الأسواء والانحطاط بنا إلى أسفل الدرجات.
أما العدو الصهيوني فقد حقق نصرا مدويا بهذا الغزو الوحشي، تمثل ذلك بشق الصف العربي أكثر مما هو ممزق، واستطاع أن يثبت أننا عاجزون أكثر من العجز نفسه ولن نتوحد أبدا إلا باتفاقنا على ضرب بعضنا بعضا حتى لا ترتفع لنا راية وبذلك يكون قد حقق أسمى غاية، بعد أن تم إسقاطنا من حساباته.
kalilabosaleem@yahoo.com





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :