facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




صفقات السلام المقبلة


د. رلى الفرا الحروب
26-01-2009 04:54 AM

ما من شك أن رائحة الشواء الحالي والطهي المقبل في الفخار للحم العربي والمسلم في الشرق الأوسط الجديد قد فاحت بالفعل بعد العدوان الإسرائيلي البشع على غزة ، وما من شك أيضا أن شهية المحللين قد فتحت بعد طول انغلاق للحديث عن صفقات السلام المقبلة، وما من شك أيضا أن الحلول التي سيتم فرضها ما زال شكلها النهائي في طور التشكل وإن كانت ملامحها العامة بادية للعيان.


السيدة هيلاري كلنتون وزيرة الخارجية الأمريكية الجديدة لم تخف خط سيرها في المنطقة حين صرحت أكثر من مرة بأنها ستعمل عبر تكثيف المساعي الدبلوماسية على إقناع سوريا وإيران بالعودة عن سلوكهما الخطير في المنطقة. ولمن لا يعلم فإن هذا السلوك الخطير ليس إلا دعم حركات المقاومة بالأخص الفلسطينية صاحبة القضية التي تنتظر التسوية وفق حدود تبتعد عن كل الثوابت العربية المزعومة حول الحد الأدنى المقبول، أما مسألة الملف النووي الإيراني فهي لا تقلق الغرب بقدر ما يقلقه سلوك النظام الإيراني الحالي، ومن ثم فإن التوصل إلى تسوية ما مع إيران أمر وارد وممكن حتى وإن استمرت إيران في تخصيب اليورانيوم أو توصلت بالفعل إلى تصنيع القنبلة النووية .


لفرض تسوية على كافة القوى الفلسطينية بالأخص الرافضة منها والواقعة في خانة الممانعة أو المقاومة أو المتعاطفة معهما لا بد من إخراج من يقويها خارج المعادلة، والطرفان الوحيدان المتبقيان الداعمان لتلك القوى هما سوريا وإيران، ومن ثم فإن الشهور المقبلة ستشهد صفقة سلام سورية- إسرائيلية على غرار تلكما اللتين وقعتا مع مصر ثم الأردن واتفاقات أمنية – سياسية مع إيران على غرار الاتفاقيات بين تركيا وإسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية أو بين الهند والولايات المتحدة وإسرائيل، وهو ما سيترك قوى الرفض الفلسطينية وحيدة في الساحة أمام خصوم من الداخل الفلسطيني متعاونين بالفعل مع الاحتلال الإسرائيلي وموافقين على المخططات الأمريكية أو الرؤية الأمريكية للحل بعد فقدان السند الخارجي أو الحاضنة الإقليمية.


الإدارة الأمريكية الجديدة المكلفة بشؤون الشرق الأوسط أدركت مبكرا بناء على التقارير التي رفعتها رايس وطاقم المفاوضين بعد جهود مكثفة طيلة العام الماضي وبناء على حصيلة أعضائها الشخصية من الخبرات الماضية في عهد إدارات سابقة أن سوريا هي الطرف الأضعف في المعادلة وأن بإمكانها تسوية الملف السوري الإسرائيلي بشكل أسرع وأسهل من باقي الملفات العالقة في المنطقة، وهي لذلك عاقدة العزم على المضي في الطريق الذي فتحته لها كل من فرنسا وتركيا.


هنالك خطأ غالبا ما يقع فيه المحللون عندما يتناولون الدور الفرنسي الذي يحاول تسجيل اختلاف ما عن الدور الأمريكي في المنطقة، ألا وهو نظرية الفراغ الذي يعتقدون أن ساركوزي قد اندفع إلى تعبئته جراء تراجع بوش الصغير، والواقع أن بوش الذي وسم سوريا وإيران والعراق وكوريا الشمالية بأنهم من محور الشر ، والذي سعى إلى فرض عقوبات شديدة على سوريا لعزلها وحصارها لا يستطيع أن يتفاوض مباشرة مع سوريا أو يفتح معها علاقات دبلوماسية أو سياسية ولا يستطيع تبرير مثل تلك الخطوة للشارع الأمريكي الداخلي ولكل من ابتاع نظريته في محور الشر وتقسيم العالم إلى معسكرين: "من معنا وهم الأخيار ومن ضدنا وهم الأشرار"، ومن ثم فإن مقترحات وزيرة الخارجية رايس كانت بالبحث عن شخصية بديلة تلعب هذا الدور وتفتح الطريق أو تمهده أمام الإدارة الأمريكية الجديدة، وكان ساركوزي الحليف القوي هو الشخص الاصلح للعب ذلك الدور خاصة وأن فرنسا شعبا وقيادة طالما لعبت أدوارا أقل انحيازا تجاه العرب بل ويمكن وصفها بالمتعاطفة في بعض المحطات، وقد جاءت كرة رايس في المرمى بضربة مزدوجة بنجاح الشعب الأمريكي في انتخاب أوباما الذي تحمل إدارته شعار التغيير والحوار حتى مع الخصوم السياسيين، وهو ما سهل عملية الانتقال المفاهيمي مما وصفته كوندوليزا رايس "بالقوة الناعمة" إلى ما تصفه هيلاري كلنتون "بالقوة الذكية" في تطبيق الاستراتيجية الأمنية الأمريكية.


الدور الذي تلعبه فرنسا حاليا بقيادة ساركوزي سرعان ما سيتراجع لصالح كلنتون – أوباما النجمين القادمين بقوة إلى ساحة السياسة العالمية، وهو دور لم يكن فريق رايس – بوش مؤهلا للعبه جراء فقدان المصداقية وغياب التعاطف العالمي مع كليهما جراء فلسفة الحروب الاستباقية والثأرية وما خلفته من ويلات فاقمت من خطر الإرهاب بدل مكافحته وجراء انفراد بالقرار العالمي لم يسبق له نظير، وبعد طول بعد عن ملف السلام الشرق أوسطي، ويخطئ من يظن أن أوروبا تتنافس مع الولايات المتحدة الأمريكية حاليا على الزعامة العالمية، فهي وإن كانت تحاول تسجيل نقاط تقدم في بعض القارات والمحيطات والبلدان، إلا أن أمريكا والاتحاد الأوروبي يعيشان حالة من التكامل الاقتصادي والسياسي والأمني عبر القارات الست، وما زالت علاقة الشراكة بينهما لم تصل إلى درجة الندية المطلقة أو الشراكة بنسبة المناصفة بقدر ما تقع في خانة الشراكة التي يستولي فيها طرف على 51 % من الأسهم أو يزيد، وهذا الطرف حتى اللحظة هو الطرف الأمريكي، ومن ثم فإن مركز صنع القرار ما زال في المطبخ الأمريكي وليس الأوروبي كما يحلو للبعض أن يظن، وعلى المستجيرين بأوروبا من أمريكا أن يفهموا أن الاقتصاد الأوروبي ما زال تابعا للاقتصاد الأمريكي حتى اللحظة، ولعل الأزمة المالية العالمية قدمت دليلا واضحا على ذلك حيث تبعت الانهيارات الأمريكية انهيارات في أوروبا الغربية واليابان وكافة الاقتصادات التابعة.


الحرب على غزة كما عنونتها بعض وسائل الإعلام كانت معدة وموافقا عليها سلفا من كل الأطراف المعنية إقليميا ودوليا، ومن بينها بالطبع دول عربية محورية، والأهداف قائمة طويلة لا تنتهي تبدأ من إضعاف حماس أو القضاء عليها كما كانت تأمل تلك الأطراف وتمر بتقوية ما يعتبره الأوروبيون والأمريكيون معسكر السلام الوسطي الإسرائيلي بقيادة " ليفني- باراك" مقابل المعسكر اليميني المتطرف بقيادة نتنياهو الذي كانت تشير استطلاعات الرأي قبل الحرب إلى تقدمه على خصومه وتمضي إلى تدويل الحدود مع غزة بحرا وبرا لضمان أمن إسرائيل من قبل الدول الكبرى التي أنشاتها بالأساس دون البقاء رهينة التغيرات السياسية في دول الجوار العربي المحيطة وتنتهي بإقرار صفقة السلام العربية الإسرائيلية على كافة الجبهات التي قد تبدأ بسوريا وتمر بفلسطين وتنتهي بالخليج والمحيط بعد تأمين كافة عناصر البقاء والأمن والسلامة للدولة التي أنشئت على أنقاض الحق العربي وتم الاعتراف بها دوليا في غضون أيام .


هذه الحرب تهدف بالتأكيد إلى إضعاف من يوصفون بأعداء السلام في المعسكرين: الإسرائيلي والفلسطيني سواء بسواء، كما ترسل برسائل إلى كل الشعوب العربية التي تفكر في معاداة إسرائيل بأن مصيرها سيكون كأطفال غزة ونسائها، ولكن الجيش الإسرائيلي كعادته بالغ في قسوته ووحشيته وجاءت نتائج حملته عربيا وإسلاميا وعالميا ضد بعض أهدافه الاستراتيجية، فقد حركت الأحقاد عربيا وإسلاميا على إسرائيل وذكرت بكل بشاعاتها السابقة التي طواها الزمن وحاول المعتدلون إقناع أنفسهم بتناسيها سعيا وراء السلام ، كما حركت الرأي العام العالمي الذي وللمرة الأولى تباشر جماعات حقوقية وقانونية فيه بتدارس رفع دعاوى لمقاضاة قادة إسرائيل أمام المحاكم الدولية، وهو أمر ستدفع إسرائيل ثمنه مرتين: الأولى تشويه صورتها أوسمعتها العالمية والثانية إضعاف مصداقية قادة معسكر السلام المزعوم عربيا وعالميا وحتى إسرائيليا، وستخسر ليفني و باراك في الانتخابات القادمة أصوات اليسار الإسرائيلي وتلك الفئة التي يمكن أن تحسب على الوسط الحقيقي لا الوسط السياسي بالإضافة بالطبع إلى أصوات العرب في إسرائيل، ولكنهما في المقابل سيعوضان تلك الخسارة من اليمين الذي بات يشكل فعليا غالبية المجتمع الإسرائيلي، في حين أن اليسار والوسط يشكلان أقلية .


مع ذلك، فإن حلا لإصلاح تلك المعادلات الانتخابية يمكن أن يتم التوصل إليه فيما لو عرض فريق ليفني- باراك على الأحزاب السياسية العربية المشاركة في الائتلاف الحكومي المقبل بدلا من الأحزاب اليمينية الصغرى، وهو ما يمكن أن يرفع نصيب تحالف ليفني من مقاعد الكنيست من خمسين إلى 67، حيث يمكن للصوت العربي البالغة نسبته 14% من المصوتين في الانتخابات القادمة أن يكسب 17 مقعدا إن تم إقناع الجميع بالقيام بدورهم في التوجه إلى صناديق الاقتراع ، مقابل المقاعد الستين المتوقعة لتحالف نتنياهو مع باقي الأحزاب اليمينية والمتعاطفة. مثل هذا السيناريو إن تحقق كفيل وحده بتحريك عملية السلام النائمة بفعل الفيتو الدائم من قبل اليمين الإسرائيلي والدفع باتجاه إقرار حل نهائي تعمل من أجله الإدارة الأمريكية بالتعاون مع حلفائها الأوروبيين، وتحاول الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة التهرب من استحقاقاته والالتفاف عليه بتغيير الواقع على الأرض وابتلاع المزيد من الأراضي من حول الجدار العازل والتوسع في إقامة المستوطنات في الضفة الغربية والقدس بما يجعل التوصل إلى قيام دولة فلسطينية مستقلة عملية مستحيلة واقعيا.


إذن، الصورة عالميا هي التمهيد لصفقات السلام المقبلة عبر القضاء على المتطرفين من كل الأطراف المعنية وتحييد الداعمين أو إخراجهم من الصراع أو حتى استمالتهم لصالح معسكر السلام الأورو- أمريكي، وهو ما يتطلب بدوره موافقة من الدول الإقليمية المعنية، وهي موافقة تتطلب بعض الإجراءات، فالنظم التي تفكر في الرفض سيتم العمل على استبدالها بأخرى أكثر تعاونا، وتلك التي تفكر بالقبول تعرض نفسها لمخاطر الاحتراق السياسي والتهديد الداخلي، وهو ما قد يؤدي إلى استبدالها أيضا في نهاية المطاف بأخرى "نظيفة اليدين" ظاهريا على الأقل، ومن ثم فقد بدأت ملامح الدفاع عن المواقع تتجلى بالفعل في بعض الدول المعنية، فتلك التي تحرق رصيدها في الشارع بسرعة عبر عمليات قمع داخلية مكثفة للسيطرة على المعارضة فيها تنبئ بقرب رحيلها ولكن بعد إتمام الدور المطلوب منها ، ليتم استبدال قياداتها بأخرى قد تكون على صلة بها وقد لا تكون، ولكنها ستقدم في كل الأحوال بدائل ووعودا لم تقدمها تلك ، على غرار وعود السادات للمصريين بالدولارات و"الفراخ" في عصر الانفتاح الأمريكي بعد معاهدة كامب ديفيد، أما تلك العاقلة التي أعلنت مصالحة داخلية بينها وبين الشارع وتحولت إلى سياسة استرضاء لمكوناتها الداخلية من شتى الأطياف وبادرت إلى اقتلاع شخصيات جدلية وأخرى محقود عليها في الشارع في مواقع صنع القرار السياسي والأمني فهي إنما تطيل عمرها وبقاءها في خضم أمواج متلاطمة ورياح عاصفة لا يمكن التكهن باتجاهها مئة بالمئة.


أما شكل تسويات السلام القادمة، فتلك قصة أخرى يتم التفاوض عليها حتى اللحظة الأخيرة من عمر اللعبة السياسية بفعل صمود الشعوب وتمسكها بحقوقها ومقاومة النظم والقوى السياسية والمجتمعية الفاعلة وذكائها في لعب الأوراق المتاحة لها، وإن كانت الملامح العامة قد وضعت بالفعل، ولكن هذا موضوع لمقال آخر.
الانباط





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :