facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




ملاكمة في غرفة معتمة


ماهر ابو طير
07-02-2009 03:05 PM

لم ار في حياتي ، مثل الشهور السبعة الماضية ، اذ اشتدت الصراعات ، بين السياسيين ، وبلغ التراشق ، حدا غير مسبوق ، بين الجميع ، وكأننا في غرفة ، نحمل خناجرنا ، في العتمة ، ولا يرى الطاعن والمطعون ، وجهيهما ، ساعة تلقي الضربات ، والغرفة غارقة في الصراخ ، جراء شدة الطعنات ، وتبادل اللكمات ، في حين ان الناس يجلسون في الحديقة ، في عز البرد ، ينتظرون موعد انتهاء هذه المباراة..حتى ينعموا بساعة راحة داخل غرفتهم ، التي سرقها السياسيون ، وبطاناتهم.

لم ار في حياتي ، مثل الشهور السبعة الماضية ، فهي شهور غير مسبوقة ، من حيث حجم الصراعات ، بين السياسيين ، وحجم الخلافات ، والاشاعات ، والتكتلات ، وبناء التحالفات ، ثم تفكيكها ، ثم بناء محاور جديدة ، وحين تنظر الى المشهد ، تعرف اليوم ، اننا في وضع حساس جدا ، لا يجوز معه ، البقاء للتفرج ، على ما يجري ، داخل مجلس النواب ، وداخل الحكومة ، وبين كل الجهات ، حين نسمع حجم الاختلافات ، والتفتت وسط النخبة السياسية والاعلامية والنيابية ، وتسأل نفسك ما هي القنبلة المدوية التي من المفترض ان توقف كل هذا الصداع ، وكل هذه الاجواء ، داخل البلد ، وعلى مستويات مختلفة؟وهو سؤال مطروح برسم الاجابة.

لاول مرة ، في حياتنا ، تشتد الصراعات ، وتظهر الى العلن ، بهذه الطريقة ، وينقسم الناس ، من مستويات مختلفة بهذه الطريقة ، واذا عددت المعسكرات التي تعرفها ، ولاتعرفها ، لما انتهيت من العد ، فلدينا الف معسكر ، ولا احد يرتاح ، من اتهام الاخر ، ومحاربته ، وحين تعرف تفاصيل المشاجرة البرلمانية الاخيرة ، تعرف ان ختام الدورة لم يكن مسكا وعنبرا ، وانما تعبير عن الحالة الاصلية ، المرتبطة بوجود اصطفافات ، في كل مكان ، وهناك عشرات المجموعات المختلفة ، ولكل مجموعة تغذيتها ، وتغذيتها الراجعة ، وادواتها ، ووسائل ادامة وجودها ، حتى وصلنا الى مرحلة ، لا تجد فيه اثنين متفقين ، على امر واحد ، فلا الوزير يتفق مع الامين العام ، ولا النائب يتفق مع زميله في ذات الكتلة ، ولا الاسلامي هادئ ، ولا من هو ضد الاسلامي ، ساكت ، ولا الغني راض ، ولا الفقير راض.

معنى الكلام ، اننا بحاجة الى ايقاف لكل هذه الاجواء ، وان نعود جميعا الى مقاعدنا الاساسية ، وان نتوقف عن هذه المعارك الرئيسية والفرعية ، ولا يكون ذلك الا باعادة شد الانظار الى العناوين الرئيسية ، والى هدم كل "البراكيات" التي اقامها ، محترفون وهواة ، على طريق حياتنا ، وحين تعرف حجم المخاطر السياسية والاقتصادية ، التي تهدد البلد ، وتتطلع الى حجم الملاكمات والصراعات ، تعرف ان لا احد يهمه الشأن العام ، فهناك معركة اساسية لحسم النصر ، لمصلحة لاعبين محليين ، على حساب لاعبين وغير لاعبين ، وهي اللعبة التي يجب ان تتوقف ، وان يهدأ جو البلد ، المشحون ، منذ سبعة شهور ، وان يستحي بعضنا ، ويخاف بعضنا ، ويتراجع بعضنا ، كل حسب الوصفة التي تناسبه.

التفسخات والخلافات ، والتنابز بالالقاب ، والاتهامات ، والعسكرة ، والاختلاف على من يملك حق اعراب الموقف ، ومن يملك حق تقرير الموقف ، حاليا ، ومستقبلا ، كلها ظواهر اشتدت ، خلال الشهور الماضية ، وما زالت تشتد ، والواقع ان الثقة بين المواطن والمؤسسة العامة ، بكل صورها البرلمانية والحكومية والاقتصادية والاعلامية ، ضعفت الى حد كبير جدا ، ونحن امام وضع يوجب ان تتم النظرة بكل عمق الى تفاصيل المشهد ، والى الرؤوس الاصيلة او التي تم استنباتها ، في ارضنا ، فهناك تكاثر مرضي ، لعدد الرؤوس ، ومداراتها والعابها ، وقد نكون بحاجة الى من يبني الثقة من جديد ، ويعيد الاشياء الى مداراتها الاصلية ، ووقف كل هذا الهدر والهدير ، في يومنا الوطني ، حتى بات كثيرون قابلين للقسمة على اثنين ، وقد رأيت في هذه الشهور ، اكبر حجم في حياتي ، من انفصام الشخصية لدى شخصيات ، كلها تنقلب على نفسها ، وعلى غيرها ، بل تقول شيئا ، في النهار ، تقول عكسه في المساء ، وما تقوله اليوم ، قد لا تقوله غدا.

هذا التشظي ، الذي لا يعرف عنه الناس ، يلمسون اثاره على حياتهم ، عبر كل هذا التردي في اداء المؤسسات ، وغيابها عن ادوارها الاصلية ، وخلق فراغات ، تجعل الانسان ، محتارا في سر ازدياد التراجعات الاخلاقية ، والمعايير الوطنية ، والاحساس بوجود فراغ ، من جانب مؤسسات وافراد ، تركوا مهماتهم الاصلية ، وتفرغوا لبعضهم ، ولغيرهم ، هو احساس قاتل ومؤسف ، ويذوق الناس مراراته كل يوم ، وان كان كثيرون لا يمتلكون القدرة ، لمعرفة سره او تفسيره ، على عكس من هم في غرفة الملاكمة المعتمة ، او من يتسمعون على الاقل ، قرب الباب ، لتلك الآهات والتوجعات ، جراء تبادل اللكمات والطعنات ، حاليا ، وسابقا ، ومستقبلا ، في الغرفة التي تستقبل زبائن جددا ، كل يوم.

قال لي احدهم.. "لن يريحنا من هذا الجو سوى الاعتراف بأن كل الوصفات التي تم تطبيقها ، قد فشلت ، ونحن اليوم امام مرحلة" ، توجب برأيه ، "حل مجلس النواب ، وتكليف حكومة جديدة ، واسماعنا صوتا قويا هادرا مهددا متوعدا ، الجميع ، من اجل ان يعودوا الى مواقعهم الاساس ، حتى تنتهي الملاكمة في الغرفة المعتمة" ، وان يتم تحديد وصفة ثابتة للصمود والنجاح على كل المستويات" ، وبغير ذلك ، فان هذا "الضعف والتشظي ، اذا استمر سيأخذنا الى وضع غير مقبول ولا محمود ، ولا متوقع.. ايضا".

متى سنسمع صافرة الحكم ، معلنة انتهاء هذه اللعبة الخطيرة؟ سؤال لمن يعرف الجواب.

m.tair@addustour.com.jo







  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :