facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




تصريح بلفور وإضفاء الشرعية على ما هو غير شرعي


الدكتور موسى الرحامنة
02-11-2017 03:06 AM

اليوم، وبعد مرور مائة عام على هذا التصريح المشؤوم الذي لا يستند الى أرضية قانونية وأخلاقية، وينطوي على فكرة باطلة بطلاناً مطلقاً من اساسها غدا هذا التصريح ترجمة فعلية لغياب العدالة الانسانية، وفرض منطق القوة وخيانة لكل المواثيق والعهود، فكم من دماء اريقت وكم من حرمات استبيحت، وبيوت تهدمت، وتوسعت فكرة الوطن القومي اليهودي بعد ان ابتلعت اسرائيل الارض وانتهكت كرامة الانسان الفلسطيني، وكل هذا كان بمباركة اممية ورعاية امريكية وبريطانية وغريبة، حتى وصلت قلة الورع البريطاني الى اقامة التحضيرات للاحتفال بمئوية هذا التصريح الأليم ورفضها لكل صوت ينادي بمجرد الاعتذار الرسمي عن هذا التصريح السمج، فأين الديمقراطية الغريبة التي لا تقف عاجزة الا في مواجهة الدفاع عن قضية فلسطين .
التصريح الصادر عن وزير خارجية بريطانيا بلفور بتاريخ 2/11/1917 كان مجرد تصريح سياسي ينوب فيه عن حكومة بريطانيا وليس وعداً بالمفهوم القانوني المتداول، كما ان هذا التصريح لا يشكل معاهدة قانونية بالمعنى المتعارف عليه في القانون الدولي، ولكنه يكشف عن حقيقة خطيرة جداً تتضمن تنازلاً من بريطانيا للأراضي التي كانت تحتلها من فلسطين والتي اصبحت فيما بعد خاضعة للانتداب البريطاني بموجب معاهدة سان ريمو عام 1920، هذا التصريح الزمت بريطانيا نفسها فيه وتعهدت على المضي قدما في اقامة وطن قومي لليهود في فلسطين، لا سيما وان هذا التصريح قد عُرض على الحكومة البريطانية فأقرت بما فيه جملت وتفصيلا.
ومن الناحية القانونية، ليس لهذا الوعد اي قيمة قانونية تُذكر فليس هناك شريعة على وجه البسيطة تعطي الحق لغير صاحب الحق او الملكية ان يتنازل عنه للغير بدون الرجوع لأصحاب الحق الشرعيين، فحين صدر هذا التصريح كانت فلسطين جزءاً من ولايتي طرابلس وبيروت الخاضعتين للحكم العثماني وقد قوبل هذا التصريح بالرفض التام والمقاومة لما ورد فيه من قبل سكان الولايتين.
هذا التصريح يعتبر منعدماً من الناحية القانونية وفاقداً للشرعية لأنه كان موجهاً لشخص وهو اللورد روتشيلد الحاكم البريطاني العام في فلسطين، وهذا يهدم فكرة ان التصريح هو بمثابة معاهدة بين طرفين اذا ما علمنا ان اهلية التعاقد في المعاهدة يجب ان تكون لدول وليس افراد، ناهيك عن ان الغرض الذي انطوى عليه التصريح الذي يتمسك اطرافه فيه ويسبغون عليه وصف المعاهدة هو غرض غير مشروع لانطوائه على تنازل بريطانيا لأراضي لا تملكها ولا تملك التصرف فيها باي شكل من اشكال التصرفات القانونية .
واذا كانت بريطانيا ترى نفسها ملزمة بمثل هذا التعاقد، فهي لا تستند الى أي اساس من القانون الدولي لان مثل هذا الفعل لا يرتب اصلاً اي التزامات او حقوق بالنسبة للأطراف لانعدام فكرة التعاقد من أساسها فما بني على باطل فهو باطل .
وحتى تفسر بريطانيا هذا الخرق الرهيب للعدالة الانسانية فقد برر بلفور هذا التصريح بأنه قد جاء بدافع إنساني، في حين رأت فيه مصادر إسرائيلية تاريخية بانه جاء مكافأة للباحث حاييم وايزمان لخدمته بريطانيا باكتشافات علمية أثناء الحرب العالمية الأولى، في الوقت الذي يرفض فيه باحثون عرب مثل هذه التفسيرات بالنظر الى أحداث وقراءات تاريخية تفيد أن بلفور "لم يكن يفكر في مأساة اليهود الإنسانية"، بل على العكس من ذلك فقد رفض التدخل لدى الروس لمنعهم من "اضطهاد اليهود". كما أن مساهمة اليهود في دعم بريطانيا في الحرب "كانت محدودة ومقتصرة على بعض اليهود غير الصهاينة وهذا التصريح يخدم اليهود الصهاينة بالدرجة الاولى. أما رئيس الحكومة البريطاني لويد جورج الذي أقرت حكومته تصريح بلفور، فقد ذكر في كتابه "الحقيقة حول معاهدات الصلح" مبرراً هذا التصريح بعدة عوامل منها، السباق مع ألمانيا حول كسب اليهود إلى جانبهم، وقد رأت بعض الصحف البريطانية آنذاك في تصريح بلفور تأسيساً لقاعدة صهيونية في فلسطين لحماية مصالح بريطانيا في المنطقة، فضلا عن مد نفوذها الى تلك المنطقة، لا سيما فيما يتعلق بقناة السويس، وميناء حيفا الذي سينقل عبره النفط من العراق.

لقد اعقب تصريح بلفور مباشرة بداية الاستعمار البريطاني للمنطقة وظل هذا التصريح يتمتع بحضور رسمي في كافة الوثائق القانونية التي اعقبته فقد تجلى حضوره في معاهدة سان ريمو 1920 الذي منحت فيه بريطانيا حق الانتداب على فلسطين من قبل الحلفاء وكان حاضرا في عصبة الأمم التي صادقت في تموز 1922 على صك إقرار الانتداب البريطاني، فقد تضمن هذا الصك في مقدمته نص تصريح بلفور مع تخويل لبريطانيا بتنفيذ هذا التصريح، وحين اصدرت بريطانيا دستور فلسطين بعد إقرار انتدابها أمميا، جاءت مقدمة هذا الدستور تتضمن نصاً لهذا التصريح.
لقد حظي هذا التصريح بمباركة الدول الكبرى آنذاك كفرنسا وايطاليا وامريكا التي بارك الكونجرس فيها عام 1922 هذا التصريح ودعم فكرة اقامة وطن قومي لليهود في فلسطين، وأصبح هذا المشروع من أهداف امريكا الاستراتيجية في المنطقة لاحقاً.





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :