facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




يسرى واخريات ..


17-11-2017 09:46 AM

عمون - محمد الخوالدة - بالرغم من انها تقليد لا يبرره شرع او منطق فان عادة توريث الابناء الذكور على حساب الاناث مستشرية في مجتمعنا الى حد بعيد وهذا ما تعبر عنه حالة الارملة يسرى وهي أم لأربعة اطفال اضطرها الوضع المادي الى طلب عون الآخرين بعد ان كانت عرضة لحرمان الوالد الذى كتب ارثه قبل وفاته بأسماء ابنائه الذكور فهي وفق قناعة اسرتها تزوجت من شخص غريب ولا يحق بالتالي ان تؤول اليها تركة الآباء والاجداد.

يسرى هذه مثال لحالات كثيرة مشابهة يقابلها مبررات تخالف الشرع والقانون يسوقها الاهل لحرمان بناتهم من ارث الوالد ومنها ان الزوج مكلف شرعا وقانونا بالإنفاق على زوجته حتى لو كان اولئك الاهل على دراية بحقيقة وضعه المادي، بل قد يصل الامر احيانا الى حد رفض الاهل تزويج بناتهم الا لأشخاص ميسورين لا يعنيهم الارث حيث تسببت الحالة في فوات فرصة الزواج على كثيرات. يقول القاضي العشائري موسى الصرايرة ان حرمان المرأة من حقها في إرث والدها ليس من أساسيات النظام العشائري، بل هو سلوك لأفراد زاد عددهم ام قل، فالعشائرية كما يقول الصرايرة لا تتعارض مع الدين الذى رتب للمرأة حقوقا واضحة في ارث والدها.

لكن ما يجري ان البعض في المجتمع يحتكمون لموروثات تصنف المرأة على انها العنصر الأضعف في المجتمع وعلى انها مملوكة وليست مالكة مما يجعلها تفقد حقها في معظم الأحوال. ويبدو أن اساس حرمان المرأة من الارث يضيف الصرايرة يرتبط بطبيعة النشاط الاقتصادي في المجتمع القديم فقد عاش الناس في معظمهم كمربي مواش ومزارعين ولم تكن حينها للأرض قيمة مادية نقدية، فالأرض مصدر رزقهم وقوتهم ولا يجوز التفريط بها او منحها للغير إلا في حالات نادرة مثل الرهن مقابل القليل من النقود تسترد عند سداد الدين.

ومن العار والعيب في نظرهم ان تنتقل ملكيتها من عائلة الى عائلة اخرى على اساس انها ارث، فالأخوة الذكور هم المسيطرون على هذا المُلك اما الأخوات الاناث فيتم إرضاؤهن بقليل من المال او المواشي وفي النظرة الاجتماعية في ذلك الوقت ان الحرة الأصيلة لا تقبل ان تقتسم ارض ابيها وجدها وتأخذ منها لزوجها او اولادها اذ عليها ان تكون في علاقة حسنة مع اخوتها الذكور كي يكونوا سندها وعونها في حالة نشوء الخلاف او الانفصال بينها وبين زوجها، كما كانت الأرض في السابق مشاعا بين ابناء العمومة ولا مجال لإفرازها في عقود ملكية مجزأة اما في باقي الممتلكات فكانت المرأة تعطى حصة لتطييب خاطرها ليس إلا. وحمل الصرايرة المرأة جانبا من المسؤولية في التغاضي عن حقوقها في الارث فأكثرهن كما قال يتنازلن طواعية عن تلك الحقوق مع ان ابواب القضاء مفتوحة لإنصافهن.

وعن دور المؤسسات المعنية بالعمل النسائي في المحافظة في تعريف المرأة بحقوقها تحمل ناشطات نسائيات المرأة نفسها ما تتعرض له حقوقها من هضم، اذ وبرغم معرفة الغالبية العظمى من النساء بما رتبه لهن الشرع والقانون من حقوق فإنهن يتغاضين عن ذلك رضوخا للأهل ولو على مضض، وهنا تقول الناشطة النسائية خديجة بيايضه ان النساء يتحملن الجانب الأكبر من المسؤولية لتجذيرهن هذا الارث الاجتماعي الذي يمايز بين الذكر والانثى فيما يورثه الوالدان. علم الاجتماع يؤكد خطورة الحالة واضرارها الاجتماعية ويرد مختصون في هذا العلم سبب تلك الحالة الى عدم ميل ابناء المجتمع الاردني الى توريث الاناث رغم ورود نصوص قرآنية تحمي حقهن اذ لازال البعض يعتقد بضرورة بقاء الورثة متداولة بين ابناء العائلة الذكو وهذه كما يرون مفاهيم قديمة قائمة على التمييز بين الذكر والانثى خصوصا إذا ما كانت هذه المرأة متزوجة من غريب. وتلفت البيايضه الى ان نمط الحياة وتحديدا التحولات الاقتصادية والاجتماعية التي تمر بها مجتمعاتنا وبالتالي حياتنا اليومية تشير الى تدني الثقافة الدينية على حد تعبير العالم (اميل دوركايم) اي ان الاهتمام بالأرقام والثروة قد تقدما على المعاني الدينية السامية التي كانت تحكم سلوكنا بقوة اكثر في المراحل السابقة خصوصا وان العالم الحالي قد دفع ايقاع الحياة نحو مبدأ اللذة المرحلية من خلال التمتع بملذات الحياة الاستهلاكية المغرية والمباشرة اكثر من اقتناع الكثيرين بأن القادم من الثواب هو الافضل. وتضيف البيايضة ان توريث المرأة يرتبط ايضا بحلقة ضعيفة في البناء الاجتماعي وهي المرأة في المجتمع العربي الذي مازال مقتنعا كما قالوا بانها ليست بمصاف الرجال رغم ما توصلت اليه المرأة من مراتب ونجاحات.

ومن خلال دراسة هذا الواقع تقول البيايضة فان التغير طال نمط التفكير لدى شريحة من المجتمع الاردني الا ان هناك شريحة اخرى لم يمسها هذا التغيير الا على نحو هامشي غير مؤثر، وظلت بالتالي المؤسسة التقليدية وممارساتها على ما هي عليه فاستمرت عملية حرمان المرأة من ارثها كنتيجة مباشرة للنظام الاجتماعي التقليدي، وتضيف البيايضة انه عند الإمعان في الامر نجد ان عملية التنشئة الاجتماعية لها دورها في ترسيخ هذه البناءات والمتمثلة بأن عملية رعاية الانثى من قبل اخوتها تأتي نتيجة استغنائها عن حقها في الارث لهم.

ويقول المختص في علم الاجتماع الدكتور محمد عبدالله ان الآباء عندما يحرمون بناتهم من حقهن في الميراث ويعطون هذا الحق للأبناء يعلمون بعدم عدالة سلوكهم ولكنهم يقومون به نتيجة بعض العوامل الثقافية والسيكولوجية والاجتماعية، وبين الدكتور عبدالله ان افراد الجنس البشري يتساوون بوجود الرغبة في التملك لديهم وان اختلفوا في مستوياتها وطرق تحقيقها والتعبير عنها تبعا للفروق الفردية بين الناس والفروق الثقافية والاجتماعية بين مجتمع وآخر. واضاف ان رغبة الانسان في المحافظة على الممتلكات قد تمتد الى فترة ما بعد الموت وقد يرغب ان تذهب لمن يمنحه نوعا من الخلود من خلال استمرار اسمه وذكره والابناء الذكور وحدهم الذيم يحملون الاسم ويحافظون على استمرار ذكراه، لذا 'بتابع' الدكتور عبدالله فقد يمنحهم الآباء كل شيء ويحرمون الاناث إلا من وصية للأبناء للمحافظة على صلة الرحم وقد يحرم الوالدان بناتهم من الميراث نتيجة ضغط الابناء كونهم يعتنون بهم في كبرهم في حين ان البنات لسن ملزمات بذلك.

ويضيف الدكتور عبدالله ان حرمان الآباء للبنات من الميراث قد لا ينتج عن عدم محبة او محبة اكثر للذكور وقد تكون العاطفة تجاه البنت اقوى واشد ولكن الارث الحضاري والاجتماعي يخلق شعورا لدى الآباء بأن البنات ضعيفات ولا يتحملن المسؤولية او مواجهة ظروف الحياة ، فقد يستولي الزوج على ما تملك فيطلقها او يسيء تعاملها وعندها ما يمكن ان تفعل امرأة مع اطفالها الصغار فقد تتعرض للأذى والإذلال وتجلب السمعة السيئة لوالدها الميت وعموم اسرتها، لذلك فان المحافظة على علاقة عطف وشفقة ومسؤولية من الأبناء تجاه الشقيقات قد تكون اكثر اهمية في نظر الأب وبالتالي اكثر ضمانا من مستقبل البنات ففي ثقافة المجتمع فان الأشقاء احتياطي استراتيجي للشقيقات ويترتب عليهم ان يهبوا لمساعدتهن اذا ما واجهن الاخطار.

ويضيف الدكتور عبدالله ايضا انه إذا كان حرمان البنات من الميراث لدى الآباء ناجما من توثيق عرى الصلة بينهن وبين اشقائهن والحرص عليهن من جور الزمان واخطاره ومن دلائل ذلك ان الحرمان من الميراث يندر بين الأغنياء وان كان الذكور يخرجون بنصيب الأسد، فعندما يكون الميراث صغيرا وحصة البنت منه ذات قيمة عالية فإنها تأخذ ميراثها لأن مقدار ما تحصل عليه يعطيها القوة لتواجه الصعاب ولكن عندما يكون الميراث صغيرا وحصة البنت منه قليلة فان الحصول عليها لا يعتبر ضمانا لأخطار المستقبل بل قد يؤدي لغضب الأشقاء وتخليهم عن شقيقاتهم وهذا ما يخشاه الوالدان.

ويبين الدكتور عبدالله ان حرمان البنات من حصتهن في الميراث يكمن ان ينتج عن سبب او اكثر لدى الآباء ولكن المسؤولية تكمن في الارث الحضاري الذي يساهم فيها، فامتزجت عوامل الرغبة في التملك ودعم الأبناء مع الخوف الشديد على البنات وعدم الثقة بقدرتهن على مواجهة الصعاب وتوفير الحماية لهن فتؤدي هذه العوامل مجتمعة او منفردة الى حرمانهن من الميراث.

ويعارض الدين بشدة خص الذكور بميراث الآباء دون البنات لأنه يخالف العقيدة وفي هذا يقول مختصون في علم الشريعة انه بموت الانسان تنهدم ذمته المالية وتنقطع ملكيته لأمواله ولذلك كان لا بد من تحديد خلفائه فيما يملكه في حياته ولذا كان نظام التوريث من النظم التي تستند الى نزعة كامنة في نفس الانسان وعليه فان من حكم الميراث ان الاسلام كما يقول الدكتور عبدالحميد المجالي جعل ما يتركه الانسان من مال يؤول الى احب الناس اليه واكثرهم صلة به واشدهم تعاونا معه ولم يحكم بالمال الى خزينة الدولة كما هو الحال في بعض الأنظمة الوضعية وذلك حتى لا يحرم الناس من جهود الاقارب لما له من تأثير سلبي حيث يؤدي الى تقطيع اواصر الود والمحبة وتقويض ملكة الابداع والاتقان لدى الانسان، لذا حرص الاسلام على ان يؤول المال الى ورثة المتوفى لا الى الدولة إلا إذا لم يكن له وارث فتؤول امواله الى بيت المال ثم ان في توزيع تركة الميت على اقاربه توسعة عليهم حيث يؤول اليهم مبلغ من المال من غير جهد يتصرفون فيه وفق مصالحهم وحاجاتهم فلا يتركهم فقراء عالة يتكففون الناس، كذلك فان صلة الميت بأهله من بعده حيث يصل اليه اجر ما تركه من مال لهم بانتفاعهم به، والميراث من هذا القبيل، إضافة لذلك فان توزيع المال على اكبر قدر ممكن من الورثة تفتيت للملكية وعدم تركيزها بيد فئة قليلة وفي هذا تداول للمال بين الناس بحيث يجد القريب والبعيد مصدرا ماديا يرفع به من وضعه ويحسنه.

ويؤكد الدكتور المجالي ان الإسلام انصف المرأة وساواها بالرجل وبهذا فقد ثار على المنهج الذي كان يضع المرأة من الميراث فقد قال تعالى ((يوصيكم الله في اولادكم للذكر مثل حظ الانثيين)) صدق الله العظيم وللأسف فان النظام القبلي البائد عاد للأسف الى الظهور من جديد في مجتمعاتنا فيدعي البعض انه لا يريد ان تخرج امواله للغريب "زوج ابنته" فكيف لا يسمح ان تكون امواله عند غريب وقد جعل عرضه عند هذا الغريب فهذا منطق تأباه الشريعة الاسلامية، بل ان الاسلام بهذا النهج فاق الشرائع السابقة فبعضها لم يضع قواعد للميراث وجعل الامر لصاحب المال يوزعه كيفما يشاء فربما اخذت وان اخذت فهو قليل وبعضها الآخر لم يجعل لها شيئا بل جعله للذكور.

واضاف الدكتور المجالي ان الاسلام حرم اخذ ميراث المرأة رغما عنها واعتبر ذلك ظلما شديدا وإجحافا كبيرا بحقها بقوله تعالى ((يا عبادي اني حرمت الظلم على نفسي وجعلته محرما بينكم فلا تظالموا)) بل ان الاسلام حرم ان يعطي فرداً اكثر من آخر فقد جاء رجل الى الرسول عليه السلام كي يشهده على حبة يعطيها لأحد ابنائه فقال له الرسول الكريم: اكل ولدك اعطيت فقال له: لا، فقال له الرسول: اذهب فاني لا اشهد على جور، وقال بعد ذلك (اذا اردتم ان يساوى بينكم في البر فساووا بينهم بالعطية)، وبالرغم من ذلك فقد تنشأ احيانا بعض الافكار التي تهاجم الاسلام وتنعته بالرجعية وعدم المساواة بين الذكر والانثى حيث اعطى الذكر ضعف ما اعطى الانثى ولكن هذا ليس صحيحا على الاطلاق بل انه اعطى الذكر مثل الانثى في بعض الحالات، فمثلا اذا توفي رجل وله اخوة من امه دون ابيه فان الذكر يتساوى مع الانثى في الميراث كما انه في بعض الاحوال قد ترث الانثى اكثر من الذكر، فلو فرضنا ان رجلا توفي وله اب وام وزوجة وبنت وبنت ابن فان بنت الابن تأخذ هنا اربع حصص بينما لو كان ابن ابن فانه يأخذ حصة واحدة.





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :