عمون– لقمان إسكندر- جسد من العالم الثالث يساكن روحك. انت تعلم ان الصراع أزلي بين الروح والجسد. كلما طال الزمان زادت الغربة بين الاثنين. وتفاقم صراع كراسي السلطة بينهما.

مع الوقت يتنازعان أكثر. روحك وجسدك. ومع الوقت أيضا لن يطيق الواحد منهما اقتراب الآخر منه. "كنت كظلي دهرا .. لقد أطلت المكوث" يتجادلان في أحقية الوجود. هذا حال السلطة على أية حال. لا ترغب أن يشاركها أحد، رغم ان شرط بقائها في حضور الاثنين.

بعد قليل تصبح أطرافك عاطلة عن العمل. بعض الاعضاء زائدة عن الحاجة. مهما خططت لتنقذها لن تنجح. ستتكلّف كل ما تعلمته من بلاغة لِتَعِدها بأن القادم أجمل. تماما مثل برامج السلطة ووعودها.

هنا يتحول الجسد إلى سجن انفرادي. شيئا فشيئا ستقصر خطوتك. حتى الدرجات التي كنت تتقافز عليها مثل قرد تتحول إلى تحدٍ.

لن تعود قادرا على استيعاب متطلبات الروح وتدافعها. تعجز مثل مسؤولين يقتاتون على الدولة، تجارة وبورصة.

لو أنك متأكد من أن الموت ارحم لاقتربت. الأموات لا يعرجون. لا يتعبون. فقط يموتون. هناك موعدنا. لا احتياجات خاصة لدى الأموات، لا فقراء ولا اغنياء. لا سوط ولا تخاف سوى مما أسلفت من عمل.

هناك لن تخشى من وشاية أحد. أنت عار تماما، انت مثل المسؤول. كلاكما تسألان عما اقترفتما من كوارث، في حياتكما.

الخدعة التي يقع فيها هَرِم في الاربعين من عمره هي في الاشتباك بين روح لا تشيخ، وجسد طالته عوامل التعرية.

الروح لا تخضع لعوامل التعرية. تسأل نفسك أحيانا: من سيد الاخر؟

جسد من العالم الثالث في روحك. كَيَدٍ مبتورة. ترمي له الكرة، فيمد نفسه ليتلقفها. لكن الكرة تسقط. في كل مرة هي تسقط.

يا الهي.. لا يصلح هذا الجسد لمثل هذه الروح.