facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




جدلية الألم والفرح


هيفاء صفوق
06-12-2017 02:35 AM

نتساءل.. لماذا نتألم أحياناً؟ لماذا فقدنا أحبة لنا؟ ولماذا كل هذا الألم؟
أسئلة عدة نطرحها مع أنفسنا من خلال تجاربنا ومواقف الحياة، نختبر قدرتنا على قوة الصبر والصمود في وجه الرياح الشديدة. هذه الأسئلة «صحية للإنسان»، إذ تفتح باب الوعي، وتنشط قدرتنا على التأمل والتفكر والغوص في أعماقنا أكثر.
الوعي والنضج الداخلي يمر بمراحل متدرجة في حياة الفرد، وليس بالضرورة عن طريق الألم، فهناك من يصبح واعياً بتأمل تجارب الآخرين والاستفادة منها، وهناك من يتعلم من الفشل نفسه، على رغم أنه لا يعد فشلاً، عن كونه تجربة وفرصة للتعرف على الذات والحياة.
الحديث في زاوية الألم أو الظروف الصعبة يكون على اتجاهين؛ فإما نجد الشاكي المتذمر حتى بعد انتهاء الألم أو الظرف، ويستمر في هذه المشاعر المؤلمة سنوات طويلة من عمره، فيما يلتزم البعض الصمت ولا يتحدث حتى مع نفسه، ويمارس الكتمان باحترافية، معتقداً بذلك أنه مصدر قوة، مما يسبب له الأمراض النفسية والجسدية. كلاهما يعتبر من الحيل الدفاعية التي يمارسها الفرد مع نفسه من دون أن يدرك.
الحياة أوجدها الله، وتحكمها قوانين دقيقة جداً، ومن ضمنها قانون الأضداد، كل شيء له ضد، مثل السالب والموجب، الصيف والشتاء، الفرح والحزن، الليل والنهار، الشروق والغروب، الولادة والموت، وهكذا سلسلة طويلة لا تنتهي، إنها الحياة. من خلال ذلك ندرك طبيعة الحياة وأهمية قدرة الإنسان على تخطي هذه الآلام، واكتشاف شيء مهم جداً في جوهره الداخلي، وماذا يحوي من كنوز جبارة أوجدها الله سبحانه وتعالى فيه.. وهنا مهم دور الوعي بعد الهدوء والتأمل بكل هذه التجارب والمواقف في حياتنا؛ ماذا استفدنا منها، أو ماذا أضافت لنا، أو ماذا تريد أن تخبرنا هذه التجارب وخصوصاً المتكررة منها؟
في هذا الكون الواسع لا مجال للصدف، كل تجربة، كافتقاد أخ أو أم أو صديق أو خسارة مالية لم تأتِ هكذا عبثاً، بل خلفها مغزى ورسالة ومعنى، ودور الوعي مهم جداً هنا، بحيث نقرأ بهدوء وموضوعية من دون أن نرتدي عباءة الضعف أو الانتقام، عندما نقرأ الرسائل من تلك الظروف نفهم طبيعة أنفسنا أكثر، وسنكتشف أين هي مواطن الضعف فينا أو مواطن القوة، وكيف نستفيد من تلك المواهب أو القدرات التي أوضعها الله فينا. جميعنا سمعنا وشاهدنا أفراداً على مستوى العالم بلغوا مراتب عالية وقوة تأثير وحضور، وعندما نتعمق في ظروفهم التي تحدثوا عنها في كتبهم وقصصهم المؤلمة وطفولتهم المفقودة، بل إن بعضهم عاش الجوع والتشرد في الشوارع والبعض عاش اليتم، نجد أنهم استطاعوا أن يحوِّلوا كل هذه التجارب المؤلمة وهذه القصص الموجعة إلى موجة طموحة وأمل وقوة وإصرار، (أطلقت عليها موجة لأن من صفات الأمواج الطلوع والنزول وهكذا هي الحياة)، مهم صنع التوازن، التوازن في كل شيء مع الذات والآخرين. لا ينفع أن نقوم بتمجيد الذات على حساب الأدوار الأخرى، أي دور الفرد مع عائلته وأصدقائه وعمله.
للإنسان ثلاث رسائل، الرسالة الأولى هي علاقته مع الله، وهذه رسالة خاصة جداً لا يعلمها غير الخالق، ولا أحد يستطيع أن يشاهدها أو يتحكم فيها، والثانية هي التصالح مع الذات والثقة بقدرتها على الإنجاز، وليس المادي فقط، بل اكتشاف أعماقها التي أودعها الله فينا، لكنها لن تظهر بهذه السهولة، إذ تحتاج إلى نظافة القلب وصدق النفس وطهارة الروح، والرسالة الثالثة هي دور الفرد مع الآخرين، سواءً أكانوا أفراداً مقربين أم دوره في المجتمع، وهو ما نطلق عليه العطاء. الحياة عميقة جداً، ولها وجهان؛ الصعب والسهل، ولا يوجد مستحيل فيهما، فهما مزيج لا يتجزأ، وفيهما الحكمة والأثر القوي، سواءً بالقول أم بالفعل، ويختلف ذلك من فرد إلى آخر، ما تجده صعباً عندك تجده عند الآخر سهلاً، وما تجده ناقصاً عندك تجده كاملاً عند الآخر، وفي هذا حكمة عظيمة نفهم من خلالها أهمية الوحدة والتكامل بين الأفراد. لذا، التجارب والمواقف ليست في الألم فقط، بل أهمية القبول والرضا والاستفادة من قراءة رسائلها بحكمة وهدوء لكي نصل إلى العمق، وهذا العمق لن يأتي بالضجيج والصخب أو زحمة المشاعر المضطربة، بل يأتي بالتأمل والهدوء، لكي نصل إلى المعنى من كل ذلك.

الحياة اللندنية





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :