facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




خلف الصوالحة قبل ان يرحل


وليم سلايطة/ديترويت/امريكا
17-12-2017 12:36 AM

يدخل الاستاذ خلف متري الصوالحة سن التسعين بعد يومين من الآن اي في الثامن عشر من شهر ديسمبر كانون الاول الجاري وبذلك يكون "ابو ماهر" اخر الأصدقاء الأربعة سميح وعيسى واسحق ، الذين ولدوا في عشرينيات القرن الماضي وغيب الموت ثلاثة منهم وبقي خلف يتمتع بقوى جسدية و ذهنية حادة وسلاطة لسان وروح مرحة عز مثيلها بين رجالات مأدبا الأوائل .

يشهد أغلبية أهالي مأدبا الذين عرفوا خلف منذ ستينيات القرن الماضي بانه صاحب روح مرحة وطرفة ساخرة وقصص مضحكة ومبكية لا يتوارى عن سردها امام علية القوم والبسطاء من الناس على حد سواء.

تقلد خلف مناصب مختلفة بحكم التحاقه بمدارس وكليات مرموقة وإتقانه التام للغتين العربية والانكليزية ،وبعد ان أمضى سنوات طويلة في سلك التعليم في الاردن عمل في وزارة الدفاع العمانية و هناك تواصل مع العديد من الشخصيات العربية والبريطانية وأقام علاقات معهم وساهم مع اخرين في توظيف الكثير من شباب الاردن كمترجمين في وزارة الدفاع والدوائر الحكومية العمانية الاخرى .

حين عاد الى مدينته مأدبا متقاعدا بقي بنفس الهمة العالية والروح المرحة والاسلوب الفكاهي في سرد القصص والحكايات والتعليقات البديهية الساخرة واستمر ينتقد وينافح ، يولف ويرتجل النكات والحكايات المثيرة التي صارت جزءاً من تراث مأدبا المسلي . وما يزال أهالي مأدبا يرددونها الى هذا اليوم مع ان البعض ممن لا يعرفون خلف ينسبونها لشخصيات مادبية اخرى .

زرته في تسعينيات القرن الماضي وكان يقرأ كتابا للعلامة الكبير " روكس بن زايد العزيزي " أنر ولو شمعة واحدة "
أهداه له شقيقه الأديب وديع متري الصوالحة ، أخذت الكتاب من يديه ووقع نظري على صفحة كتب فيها العزيزي خاطرة قصيرة تحت عنوان" كن مكافحاً" ما زلت احفظها عن ظهر قلب :
كافح ولا تستسلم ، كافح الجوع والفقر
والجهل والمرض ، كافح كل هذه ، في
نفسك وفِي محيطك ، وارتق بنفسك ،
الى أسمى ما تصبوا ليه النفوس
المجاهدة.

يروي خلف انه وفِي سنوات عمره الاولى اتهم بالوطنية وهو برآء منها كان ذلك حين اعتقلته الاجهزة الامنية مع مجموعة من زملائه المدرسين اثناء قيامهم برحلة الى احدى مناطق الكرك داهمتهم حينها قوى أمنية اعتقلتهم جميعا ووجهت لخلف تهمة الانتماء للحزب الشيوعي المحظور آنذاك وحولتهم الى سجن الجفر. عند وصول الحافلة العسكرية التي أقلتهم استقبل خلف من قبل عشرات الشخصيات الوطنية المنتمين للحزب الشيوعي من رجالات مادبا والكرك والموقوفين الذين كانوا متواجدين على أسوار السجن ينتظرون الفرج ' ورأوا في مجيي خلف الى الجفر فرصة للفرح والترفيه عن النفس واللهو والمشاركة في التعاليل والسهرات المادبية والكركية. وهناك يضيف خلف بدأت إجراءات التحقيق معه وحين تعثر المحقق اثناء التحقيق وسأله من اي ولد يا بلد؟ فاجاب خلف ببديهيته المعهودة ! من بيك يا مادبا وتابع المحقق بسؤال اخر ليش كل مشقلبك حكي ؟ فقال خلف من خوفك مني يا بيك وهكذا يتابع ساردا قصصا ونهفات وحكايا لا يمل المرء من متابعتها.

اثناء زيارتي للأردن في العام قبل الماضي لاحظت قدرته الفائقة على الحركة والتحرك بالرغم من انه جاوز الثمانية والثمانين من عمره فدعوته الى جلسة عائلية في مادبا بصحبة احفاده وحفيداته الكثر و شارك الجميع في الحوار الذي تحول بسرعة الى جلسة محاكمه اخرج كل من له علاقة ما في جعبته من استفسارات ومآخذ . تنوعت وتعددت طبيعة الأسئلة والاستفسارات فمن تقسيم الورثة الى توزيع النقود الى علاقته بالحزب الشيوعي واتهامه بالوطنية الى سجن الجفر ونوادره وحكاياته في مدارس التربية والتعليم وغيرها الكثير ، وبدا عليه الارتباك والتململ وفِي لحظات اجتاحته نوبات العصبية ،اضطراب ونرفزه وغضب ، وتجلت هذه كلها حين سأله حفيده سامي -؟ما عدد المرات التي خنت فيها جدتي ؟ قفز من مكانه وكان أفعى لدغته وبلحظة عاد الى وضعه الطبيعي موحياً
للجميع انه لم يسمع السؤال مجيباً .. ها. ها ،ايش ؟

اعرف انني وبعد اطلاعي على تفاصيل الرحلة الطويلة لمسيرة حياة خلف المثيرة والمدهشة احتاج الى مجلدات لأروي الأحاديث والنكات والنوادر لهذا الرجل الذي اختار الجانب المضيء، المشرق والإيجابي من الحياة قبل ان تتعثر خطواته وهو في خريف العمر يسير مترددا يبحث عن رفيق او صديق او حتى عابر سبيل يونس وحدته القاتلة .

قبل نحو سنتين عانى خلف كما لم يعانى طيلة حياته كلها . فقد رحل الى الحياة الابدية احد ولديه وهو في عز عطائه ، وأحدث هذا الرحيل المأساوي فجوة عميقة في حياة خلف فردد في لحظة الم وحزن " الان علي التقاعد من هذه الحياة .

ماذا يتمنى خلف في هذا السن وهذه المرحلة من حياته ، سألته قبل لحظة المغادرة ، لم يقدر خلف مداراة ابتسامة غيرت ملامح وجههً وغالبته دمعة صامته حزينة، لم ادر ان كانت دمعة حزن ام فرح اجاب :
اتمنى على احبائي زيارتي وإهدائي وردة واحدة وانا على قيد الحياة فهي أفضل الف مرة من جميع باقات الورود التي ستوضع فوق قبري بعد مماتي !





  • 1 عيسى القنصل 17-12-2017 | 03:05 AM

    في مادبا الكل يعرفه ويحبه وحين كنت في لوس انجلوس قبل اشهر سألني عنه احد الرجال هناك ..كلامك عنه حلو وسرد جميل .. لكنك اظن اخطئت في العنوان (قبل ان يرحل ) كان ثقيلا وغريبا خاصة منك انت زوج ابنته الرائعة مي


تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :