عمون - لقمان إسكندر - صراع عض أصابع استمر 180 يوما قلب أوراق اللعبة التي أراد الاحتلال فرضها على المملكة.

في الخبر أن حكومة الاحتلال الإسرائيلي بعثت برسالة إلى المملكة تعبّر فيها عن أسفها ‏وندمها الشديدين لحادثة السفارة الإسرائيلية في عمان التي وقعت في 23 تموز الماضي، وراح ضحيتها مواطنين أردنيين اثنين.

ليس الاسف والندم كافيين، هناك أيضاً التزام القتلة رسميا بإحقاق العدالة والتعويض لأهالي الشهداء: الشهيد رائد زعيتر أولا، والشاب محمد الجواودة ثانيا، والدكتور بشار الحمارنة ثالثا.

هل هذا وحسب؟ لا. هناك ما تعهّد به كذلك الاحتلال من تنفيذ ومتابعة الاجراءات القانونية المتعلقة بحادثة السفارة الاسرائيلية.

كانت خلية أزمة لم تهدأ عناوينها أكثر من جهة: وزارة الخارجية، بل مؤسسات الدولة كلها، انشغلت في اشتباك دائم ويومي لمتابعة قضية الشهداء الأردنيين، مع السلطات الاسرائيلية، تنفيذا لرؤى جلالة الملك.

لن يعود شبابنا. لكن الاحتلال طأطأ رأسه الليلة. ليس الذل الذي أظهره القتلة هو ما سيبرّد صدر أهل شهدائنا، لكن القتلة أفاقوا على أن دما طاهرا أريق وأُحتفل به ساعة، سيندمون عليه.

هم قتلة؟ نعم. ومحتلون؟ صحيح. ولا يفهمون سوى لغة القوة؟ مؤكد. ولو تركوا لواصلوا الاحتفال بما يريقون من دماء الأبرياء؟ نعم. لقد رأينا ذلك منهم يوم استقبل رئيسهم قاتل مواطنينا. لكنهم دفعوا "ثمن".

دماؤنا ليست أقل من دماء الاتراك. في أية حال، هذا القدر اليوم كافٍ، وإن غدا لناظره حقبة أخرى.

لكن ماذا يعني كل ذلك؟ لم ينتصر الاردن دبلوماسيا فقط، بل سياسيا أيضا.

إن الجغرافيا الممتدة طول نهر الاردن لن تسمح لأحد الاقتراب من مصالح الاردن العليا، حتى وإن استعد البعض لتقديم هبات مجانية في القضية الفلسطينية لدولة الاحتلال. اعتذار الاحتلال عن قتله ثلاثة مواطنين أردنيين يشي بالكثير.

في المعنى وصاية هاشمية لن تمسّ على المسجد الاقصى. وفي المعنى أيضا أن القدس عربية. كانت وستبقى.