facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




صـور من مجتمع ينتظر الفرج


حسين الرواشدة
29-01-2018 01:42 AM

هل تغيرت تضاريس خارطتنا الاجتماعية، لدرجة ان أحدنا لم يعد يعرف فيما اذا كان هو نفسه أم لا؟
قبل ان تجيب ارجو ان تحدق فقط في صورة عمان المزدحمة - مثلا - بنحو مليوني سيارة وثلاثة ملايين مقيم، ثمة وجوه جديدة لا تعرفها، وقيم وافدة تذهلك بسفورها.. وقصص تسمعها وكأنها “افلام” من العالم الافتراضي.
هل كانت اربع هجرات كافية لتغيير ملامح وجه المدينة على هذه الصورة؟ ربما، ولكن ما يتغلغل داخل “الجدران” يبدو اخطر، فثمة نحو مئة الف عاملة وافدة لكل واحدة “عالمها” الخاص، ولكل واحدة وظيفتها من تربية “الاطفال” الى “ملاطفة” الزبائن في سهرات آخر الليل، وثمة مئات الآلاف من “الوافدين” للعمل، يتوزعون على الاحياء من حارس عمارة الى مشرف “كراج” الى “مزارع” وعامل خدمات وبناء..، ولكل واحد منهم “قصة” لا تكاد تعرفها.. وثمة آخرون قلما نعرفهم اختاروا “السهر” على طريقتهم في فلل أو مزارع بعيدة، أو “اقاموا” الليل على انغام موسيقى “قروسطية” غريبة.
على مدّ البصر في الشوارع المزدحمة “بالمقاهي” يتسابق الشباب والصبايا على “معاقرة” الارجيلة حتى ساعات الفجر، وفي الشوارع التي تسمت بأسماء “مقدسة” تنتشر الملاهي التي يملأ ضجيجها المدى ويعمرها “بذخ” الساهرين على الاجساد التي تعبت من “الفجور”.
في المدينة التي قد لا تعرفها، ثمة اسوار لقصور تكفي لبناء آلاف البيوت للفقراء، وثمة “متخصصون” في البحث عن الطعام في الحاويات، وثمة اطفال يقفون حتى الفجر امام الاشارات “للتسول”، وثمة نساء خرجن برفقة اطفالهن الصغار لتناول وجبة الغداء من احدى “الحاويات”، وفي الصمت تجلس آلاف الاسر انتظاراً ليد “محسن” تعطي، او للحظة يأتي معها الفرج.
لا تسأل - بالطبع - عن قصص “اللاجئين” وحكايات “اللجوء”، ففي كل محل ثمة “لاجىء” يعمل، ومع كل صباح تطالعك حادثة مفجعة: زواج بلا عقود، اغتصاب جماعي، ضحايا قتلوا بالسكاكين، صفقات مشبوهة، تجارة البشر، شبكات لتبادل “الضحايا” تحت لافتة “التصدير” للعمل، مشعوذون تحولوا الى اطباء، اياك - بالطبع - ان تتفاجأ ففي عصر “الحروب” كل شيء مألوف.
قد تأخذك قدمك الى صديق يداوي “النفوس” فتكتشف ان المدينة غارقة في “الاضطراب” النفسي، سيقول لك: العيادة مكتظة بالمرضى، نحو ثلث السكان يعانون من اضطرابات وامراض نفسية، تسأل: من اين دخل الينا كل هذا “الاكتئاب” والخوف والوسواس والشعور بالقهر والحزن والاحساس بالعزلة والوحدة رغم كثرة “الناس”، فيصمت ولا يجيبك، لانك - مثله تماماً - تعرف كل شيء.
قد تأخذك الاقدار الى “مركز الشرطة” فترى بعينيك جزءاً من “المأساة”، الابناء يشتكون على آبائهم، البلطجية الذين امتهنوا السرقة وتهديد الابرياء وابتزازهم واصبحوا من علامات المدينة، سرقات السيارات اصبحت عادة مألوفة، لا تسأل بالطبع عن جرائم السطو(على البنوك) والقتل وعراكات “رواد” الملاهي، وفنون التحايل.. فهي اكثر من ان تحصى!
كل مدينة كادت ان تصبح صورة “لعمان”، وحتى الاطراف البعيدة انتقلت اليها عدوى “النكسة” الاجتماعية، صدق أو لا تصدق أن بعض “الشباب” الذين كنت اعرفهم اصبحوا “مدمنين” على المخدرات، وأن نسب الزواج العرفي تصاعدت، وأن، قيم “العونة” والتكافل والشهامة خرجت ولم تعد.
لم أعد اصدق بأن البلد الصغير قد تجاوز عدد سكانه العشرة ملايين في غضون سنوات، ولم أعد اصدق بأن هذه الملايين الموزعة بين اعداد اللاجئين والوافدين جاءوا هكذا بالصدفة، ترى كيف استوعبتهم هذه “الحواضر” الصغيرة، وكيف اتسعت لهم الظروف الاقتصادية الخانقة، ومن أين يشربون في بلد يعد من بين أفقر سبعة بلدان مائياً؟
أرجوك، لا تحدثني - بعد الآن - عن السياسة وانشغالات النخب وصراعاتها، حدّق فقط في صورة مجتمعنا وتأمل تضاريسها الاجتماعية، ستكتشف عندها بأننا غرقنا في وهم السياسة وأضعنا عمرنا في ملاطمة امواجها، ولم ننتبه الى هذا الطوفان الذي يهدد “أمننا” الاجتماعي ومنظومة قيمنا والاهم “قيمتنا” كناس ومواطنين تحولنا للاسف الى ارقام في احصائيات لا نعرف لها بداية او نهاية.

الدستور





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :