إستبق جلالة الملك زيارة رئيس الوزراء الهندي إلى عمان الأسبوع الماضي بزيارة خاطفة إلى باكستان بحث فيها مع المسؤولين هناك عدة ملفات مهمة من بينها تنمية وتطوير العلاقات الثنائية بين البلدين في المجالات المحتلفة. وعندما جاء رئيس الوزراء الهندي إلى بلادنا إستقبل أيضا بحفاوة وتم التطرق في المباحثات الرسمية معه إلى تطوير العلاقات بين الأردن والهند في المجالات كافة.

من جهة أخرى، يستقبل الأردن اليوم وزير الخارجية الأميركي ريك تيلرسون وستوقع معه مذكرة تفاهم ثنائية بين الأردن والولايات المتحدة الأميركية تلتزم فيها واشنطن بالتعاون على مجموعة كاملة من أولويات المساعدة الثنائية للأردن في المجالات الاقتصادية والدفاعية والأمنية لأعوام مقبلة.


وما أن يغادر تيلرسون البلاد حتى يعد جلالة الملك العدة للسفر إلى روسيا لعقد قمة ثنائية يوم غد الخميس مع الرئيس الروسي فيلادمير بوتين ، وسيبحث الزعيمان واقع العلاقات الثنائية بين البلدين من بين قضايا أخرى مهمة.


إننا أمام ملمح جديد للسياسة الخارجية الأردنية التي يقودها جلالة الملك يقوم على عدم وضع البيض في سلة واحدة والإنفتاح على الجميع، فالأردن ليس في جيب أحد ، وهو ليس محسوبا على هذا الطرف دون ذاك ، فرغم الخلافات الشديدة القائمة بين الهند والباكستان إلا أن الأردن يتحاور مع الطرفين معا ويفتح قنوات إتصال معهما بما يخدم مصالحنا المشتركة مع هذين البلدين.


وبغض النظر عن الخلافات العميقة القائمة بين روسيا وأميركا ، ليس أقلها الإتهام الذي توجهه أوساط أميركية إلى روسيا بالتدخل في الإنتخابات الأميركية ، إلاأن الأردن يتحاور مع كل طرف منهما ولايحصر خياراته في فريق دون الأخر.


إن الرسالة التي يرسلها الأردن للجميع واضحة ، وهي أننا بلد حوار وإنفتاح ومعنيون بالتعاون مع الجميع بما يخدم مصالحنا والمصالح المشتركة لهذه الدول. وقد نجحت هذه السياسة الخارجية المنفتحة التي رسم معالمها جلالة الملك في إنتزاع تقدير وإعجاب الجميع ، كما حققت للأردن مكانة لافتة على الساحة الدولية تفوق مساحته الجغرافية المحدودة.


وكان جلالة الملك قد أطلق شعارا وطنيا مهما للمرحلة الحالية هو الإعتماد على الذات ، وقد تغنى به كثيرون إلا أن مؤسسات قليلة هي التي تدارست مغزاه وإنعكاسه على سياساتها وضرورة شروعها في مقاربات جديدة للطريقة التي تدير بها شؤونها. وهاهو جلالته يبدأ بتطبيق هذا الشعار بنفسه من خلال سياسة خارجية واضحة تقول للجميع أن الأردن يملك كل الخيارات والبدائل وأنه منفتح على الجميع ولايحصر تعاونه على فريق دون الآخر ، حتى تلك الأطراف التي بينها ماصنع الحداد من خلافات... طالما أن ذلك يعود عليه بالفوائد، فمصالح الأردن هي القاسم المشترك الأكبر في الملمح الجديد لسياستنا الخارجية.


فرغم أن أوروبا مثلا شهدت إنسحاب بريطانيا من الإتحاد الذي يجمع بين دولها ، الأان الأردن يتمتع بعلاقات قوية مع بريطانيا ومع جميع دول الإتحاد الأوروبي دون إستثناْء. وفي أسيا، نجح الأردن بفضل الجهود التي يبذلها جلالة الملك في تعزيز علاقاته مع جميع الدول المؤثرة في تلك القارة وعلى رأسها الصين واليابان والهند ، كما إفتتح لأول مرة سفارة في كوريا الجنوبية بعد أن كان تمثيله فيها على مستوى قنصل فخري لعقود عديدة.


اما في أفريقيا فقد رفع الأردن حضوره الدبلوماسي في القارة السوداء بإفتتاح سفارات في عدة عواصم أفريقية بعد أن كان تمثيله هناك يقتصر على سفارة المملكة في جنوب أفريقيا لعدة سنوات.


ولعل وزارة السياحة من المؤسسات الرسمية القليلة التي عملت بشكل متناغم مع هذا المسعى الملكي القائم على تنويع الخيارات أمام الأردن ، فقد أعلنت وزيرة السياحة لينا عناب مؤخرا عن إتفاق مهم تقوم بموجبه شركة « ريان « للطيران بتشغيل أربعة عشر خط طيران مباشر من عدة مدن وعواصم أوروبية إلى الأردن بشكل مباشر بكل مايعنيه ذلك من إستقطاب العديد من السياح الأوربيين إلى البلاد للإستماع بالمزايا السياحية الفريدة التي يقدمها الأردن وإغتنام الفرصة التي توفرها هذه الشركة والمتمثلة بسهولة الوصول إلى المملكة إضافة إلى كلفة السفر المنخفضة.


والأمل كبير أن تحذو مؤسسات أخرى في القطاعين العام والخاص حذو وزارة السياحة لتفعيل أدائها وفق مايمليه هذا الملمح الجديد للسياسة الخارجية الأردنية القائم على تنويع الخيارات والإنفتاح على الجميع طالما أن ذلك ينطوي على خدمة للمصالح الأردنية.

 

الرأي