ليست بحاجة لشيء ، بقدر ما هي بحاجة لذاتها !


في العلاقات الانسانية نخسر ونربح نمر بتجارب تربحنا البعض وتخسرنا اخرين ولكننا نستمر برغم كل الالام التي تعترينا وتمر بنا بالحياة لكن حاجتنا لاستعادة انفسنا تبدو لي اليوم بعيدة في مكان اخر


كلما مررت امام الفرح الاتي من رائحة الربيع واشتممت رائحة الياسمين في بداياتها لحظة تكوينها اشتاقت لذاتها ذاتي وكأنها تحاول استعادة جزء من كيانها برغم كل ما مربها .


كيف لها ان تكون من جديد ؟


كيف يمكن ان تقوى على طي صفحات الماضي ومحطات العمر كي تعود كما كانت عليه ؟


كيف يمكن للنفس ان تستعيد رونقها وان يستعيد القلب نبضاته دون خوف من الغد وندم على الماضي ؟


تنظر الى العمر اليوم وهي بحاجة لمرفأ .... لمساحة من الامان والاستقرار الداخلي لتتمكن من الشعور بالحياة من جديد ...


لا شيء يتعبها قدر ان ترى الحياة بمكان وهي بمكان اخر فبنهاية الامر لا يعنيها ان تحيا فقط ..و ان تستنشق الهواء كل يوم بقدر ما تريد ، ان تشعر بكل لحظة من لحظات العمر والحياة .


..وان تكون قادرة على الشعور بالفرح من جديد ان تمر امام الورود ،فيستوقفها جمالها وان لا تجرؤ على قطفها من اغصانها لان الجمال يبقى اجمل ان بقي في موطنه ومكانه .


هي اليوم بحاجة لذاتها بعد ان فتحت ابواب القلب لمن احبتهم .


كانت نفسها دوما لهم مكانا لتعبهم والالامهم ،منحت الكثير ولم يستوقفها هذا يوما ما لان الحب بقاموسها العطاء فبقدر ما نحب الاخر بقدر ما نمنح ولكنها اضاعت نفسها وكيانها للاخرين واستغرقت بالعطاء والاخلاص ولم تتمكن من استعادة ذاتها .


كل تجربة بالعمر ندفع مقابلها من انفسنا ووجودنا وكياننا .


كل تجربة لا نقرر نحن فشلها او بقائها ولكن مع كل لحظة فشل او خذلان نعيشها نكبر اعواما وتتغير نظرتنا للحياة ونصبح غرباء عن انفسنا بقدر ما نتألم فالغربة الم والاحتياج لانفسنا الم اخر ...


هي اليوم تعيش على هامش العمر لا يمكنها العودة على ما كانت عليه ولا يمكنها الاستمرار بهذا القدر من الالم والاحتياج لذاتها ... لانها تدرك اننا عندما نتغير نفقد الكثير .... نفقد قدرتنا على الشعور بالايام وبالحياة وبلحظات الحب والجمال ونزداد غربة عن كل ما حولنا .


كيف يمكنها ان تعود ...؟


كيف يمكنها ان تختصر سنوات العمر الماضية وان تمحي وجوه احبتها واسماء غيرت بحياتها الكثير وتقوى على التعامل مع الخذلان والانكسار كمحطة بالعمر وتمضي دون ان تكلفها شعورها بالوجود ؟؟؟


كيف يمكنها ان تقلب صفحات العمر، صفحة تلو الاخرى ،دون ان تشعر بالالم والغربة وتتمنى العودة الى السطر الاول والصفحة الاولى لتكون هي فقط ؟


اليوم ادركت ان الحياة ليست لوناً واحداً فقط وانها تاخذنا احيانا لأماكن لا نريد ان نكون بها لمساحات من العطاء والاستغراق بمن نحب ونشعر بقيمة العلاقات اكثر مما يجب لنخسر انفسنا ونشتاق لها لاننا اضعناها في متاهات لنفوس لا تتقن سوى ايلام الاخرين وكأن الحب بمفهومهم مرادفا للغربة وآلامهم سببا لعزلتنا عن الحياة


اليوم كل ما تريده هي والحياة تستقبل الربيع .... البدايات


تريد ان تستعيد ذاتها علها تكون قادرة ان تبدا من جديد ليست بنادمة على تجاربها بقدر ما هي نادمة على ذاتها التي لم تتعلم ان تمنح بقدر وتحب بحدود كي لا تتالم .


تريد ان تشتم رائحة الياسمين كما كانت .... ان تزيدها تلك الرائحة جمالا وترى الايام بلون اجمل


فنحن لا يمكننا استعادة الماضي ولا يمكننا ان نلغي وجوها استوطنت القلب ونفوساً كانت يوما ما لنا العمر كله لكننا نبحث عن انفسنا .... نريد ان نعود كما كنا من قبل ليس لاجلهم بل لاجل انفسنا ... لعلنا نبحث بالعمر عن مساحات اخرى جديدة تعيد لنا ما نريده من حياة ليست سوى محطات فقط .

الرأي