كأنك في الحج , هكذا يبدو مطار دبي , فما كدت أضع قدمي على الأرض مغادرا قطارا يقل المسافرين الى ساحة واسعة حيث كاونترات لا تحصى مخصصة للمرور بعد عرض الجواز , حتى إختطفتني حشود هائلة تسير صوب ذات المكان , الكتف بالكتف والقدم تتعثر بأخرى ولا مساحة ولا مجال للتوقف تجرفك الحشود المارة بإنتظام .

لكن تفوح في الأجواء روائح العود المنعشة ,وقبل أن تصل بسرعة الى كاونتر الجوازات الذي لا يتسغرقك الوقوف عنده سوى دقائق معدودة ،تلتقط حبة نعنع أو ليمون مصففة بأناقة فوق سطح الحاجز , وبعد إبتسامة تصاحب نظرة هي الوحيدة الى وجهك يلتقطها لك رجل الأمن وهو يختم الجواز تذهب الى حال سبيلك سعيدا .

لا أعرف من أين يأتي مطارنا بأرقامه , كلما كنت مسافرا أو قادما مرورا بمطار الملكة علياء الدولي أجده شبه فارغ , هي طائرة أو إثنتين فقط تحطان مع فواصل زمنية قصيرة وبعدها يذهب رجال الجوازات الى إستراحة طويلة في قاعات التدخين أو الى مكالماتهم أو الى التسلية في باحات المطار ولا أحد سواهم على كثرة أعدادهم .

الحركة في المطار لا تبدو في الكثافة ،التي توحي بها إحصاءات درجت مجموعة المطار على إطلاع الرأي العام عليها بشكل دوري , وها هو يزف لنا مؤخرا خبرا مع صورة يقول فيه أنه استقبل المطار الدولي أكثر من 620 الف مسافر خلال شهر كانون الاول من العام 2018.

حتى الصورة التي أرفقتها شركة « البي آر » مع الخبر ،لم تكن موفقة ..فلو قررنا في إدارة التحرير نشرها ، تناقضت مع الخبر كليا حيث تبدو فيها المقاعد التي يفترض أن تعكس الملاءة التي يتباهى في المطار ،تبدو فارغة من الجالسين إلا من عدد لا يتجاوز عدد أصابع اليدين , الا إن كانت الغالبية العظمى من المسافرين تتكدس في مواقع أخرى لا نعرفها .

من تشمل هذه الإحصاءات , لا أعرف ربما الحديث عن الترانزيت أو أعداد أخرى لم يمروا لأسباب عديدة لكن على أية حال سأكون متفائلا وأصدق هذه الإحصاءات حتى لو أنني رأيت ما يخالفها بأم عيني في يوم يفترض أن يكون مزدحما بالطائرات في مدارج الوقوف أو بالمسافرين في قاعات وأروقة المطار.

ملاحظة أخيرة , المسألة بالنسبة للمطار لا تتعلق بالمباني وهي أنيقة ولا بالمرافق وهي حديثة بل إن العنصر البشري في كل هذا هو الأهم , هل تحتاج إدارة المطار الى عقد دورات تدريبية للموظفين ومن الملاحظات الازدحام المفرط في أعدادهم على اختلاف مهامهم ،في قاعات المطار الداخلية والخارجية، ربما يحتاج الأمر فعلا الى دورات تدريبية بمن فيهم حاملو الأختام بإعتبارهم أول بوابة سياحية تلتقط المسافر للتعامل مع المسافرين عوضا عن الوقوف في كل ركن وزاوية ومهمتهم ؛ فقط أن يتفحصوا المسافرين طولا وعرضا، بنظرات غاضبة أو متأهبة أو مترقبة .


الحكومة تغض الطرف عن المبالغة في رسوم خدمات ،لم تتغير ولم تتطور ؛لأنها شريك في كل هذه الضرائب بنسبة 54% و الشركة تسابق الوقت لرفع الرسوم وفي ظنها إسترداد تكلفة الإستثمار بأسرع وقت مع أنها جمعت ما يكفي من المال لهذه الغاية ،قبل نحو عامين على البدء بالمشروع عندما أحيلت عليها مهمة الجباية بموجب إتفاقية التوسعة والتطوير والإدارة ولا تزال تجمع لتغطية كلفة التوسعة الجديدة بإضافة بوابات لا تكفي لخدمة الطائرات المغادرة والقادمة ،على قلتها بينما يتكبد المسافر كل هذه الرسوم ويتكبد معها عناء مغادرة الطائرة بالحافلات ولا تفصح مجموعة المطار عن تفاصيل إيراداتها فهي سرية.

هل تبذل إدارة المطار جهودا لإستقطاب شركات طيران جديدة ،تحط رحال طائراتها فوق مدارجه ؟هل ساهمت في جهد الترويج السياحي ؟

 

«شوية ملبس» على الكاونترات وبخور أو بخاخة عطر تنفث أنفاسها في الأجواء وإبتسامات والكف عن الأسئلة معروفة الإجابات قد يفي بالغرض .


 

الرأي