facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




مرحى للكنائس ولأم الكنائس وبطريركها


د. م. منذر حدادين
04-03-2018 05:17 PM

شدني مقال نشره موقع الجزيرة الإلكتروني لكاتب لم أتحقق من اسمه يسبح ضد التيار المسيحي العروبي ويسرح في خياله إلى درجة دفعتني إلى كتابة هذا المقال كي أوفر على بطريركية الروم الأرثوذكس الرد على أيٍّ من رعاياها. فكاتب المقالة يجنح إلى الظن أن رد الفعل المسيحي على فرض ضريبة المسقفات (الأرنون) على أملاك الكنائس ما هو إلا مسرحية قادها غبطة البطريرك الجزيل الاحترام كيريوس كيريوس ثيوفيلوس الثالث بطريرك المدينة المقدسة وسائر أعمال فلسطين وشرق الأردن. وتجرأ خياله أن يتهم هذا القائد الديني بتخريج المسرحية بالتعاون مع الإسرائيليين.

ويورد الكاتب المحترم من الادعاءات ما تخجل من مجرد التفكير فيها النفوس الحرة الأبية، فهجومه على ما يسميه "البطريركية اليونانية" والبطريرك الجزيل الاحترام يذكرني بهجومي وزملائي الطلاب عام 1955 على حلف بغداد وعلى الجنرال البريطاني تمبلر (قاهر الملايو) وتجرؤنا على قذف الشرطة الأردنية بالحجارة في تلك التظاهرات. ولم أخجل مما قمنا به إلا في العام 1999 عندما قصدت الأرشيف الوطني الأميركي لفحص محتوياته عن مياه حوض الأردن في الفترة 1953-1955 وهي الفترة التي نشط فيها المستر أيريك جونستون مبعوث الرئيس الأميركي أيزنهاور لاقتراح معادلة اقتسام مياه الحوض بين أصحاب الحقوق فيها. فقد كنت بصدد تأليف أول كتبي عن الموضوع. وعثرت على مذكرة في الأرشيف رفعها المستر ويليام راونتري مساعد وزير الخارجية الأميركية جون فوستر دالاس يقول فيها ما ملخصه: "حضر إلى مكتبي سفير دولة إسرائيل الدكتور أبا أيبان وألح عليّ بما يشبه الضغط كي تقوم الولايات المتحدة بعمل اللازم لمنع الأردن من دخول حلف بغداد." وهو الهدف من تظاهراتنا نحن طلاب كلية الحسين عام 1955. عند قراءة الوثيقة شعرت بالخجل والغثيان، إذ أيقنت أن صفوف الأردنيين الوطنيين كانت مخترقة وأننا قد تم تحشيدنا لخدمة هدف إسرائيل!

وأكاد أجزم أن ما أسماه الكاتب بالحراك الوطني الأرثوذكسي - وهو منه على الأرجح- قد وقع في الشرك الإسرائيلي المنصوب لهم بهدف التخلص من البطريرك ثيوفيلوس الثالث الذي لم يألُ جهداً في الدفاع عن أملاك الكنيسة الأرثوذكسية أمام كافة المحافل العربية والدولية وحتى المحاكم الإسرائيلية، وحقق نجاحات مبهرة. فنحن على علم باتصال متطرفين إسرائيليين ومنهم محامي مؤسسة المستوطنين الإسرائيليين عطريت كوهانيم، اتصالهم بخلية فلسطينية قيادتها في الناصرة، لتأليب الروم الأرثوذكس ضد بطريرك كنيستهم. ولدينا علم أن في حوزة المخلصين من أبناء ام الكنائس على أقراص مدمجة تظهر اجتماع بعض الفلسطينيين الأرثوذكس بموجهيهم الإسرائيليين.

وأتساءل: كيف يمكن لشخص مهما بلغت قدرته التضليلية أن يبيع بضاعته على السلطة الوطنية الفلسطينية وعلى القيادة الأردنية وأجهزتها فتصدر هذه بيانات رسمية تعلنها هاتان الحكومتان دعماً للبطريرك في مواجهته الشجاعة لصلف السلطات الإسرائيلية وتشيد به تقديراً لجهوده في الدفاع عن أملاك الكنيسة؟ وكيف يمكن له -إن صح خيال الكاتب- أن تصدر الجهات الرسمية التالية بيانات دعم للبطريرك في معركته ضد بلدية القدس وضد مشروع القانون الذي تعمد التمييز ضد الكنائس المسيحية وبأثر رجعي منذ عام 2010 وهي:

بيان من منظمة التحرير الفلسطينية، بيان من السلطة الوطنية الفلسطينية وإقدام رئيسها أبو مازن باستدعاء جميع السفراء المعتمدين لديها لإخطارهم بالوضع، بيان من الحكومة الأردنية، تصريح داعم من فخامة الرئيس اللبناني ميشال عون، بيان من الاتحاد الأوروبي، بيان من مجلس الكنائس العالمي، بيان من مجلس كنائس الشرق الأوسط، وتظافر قادة الكنائس مع البطريرك في فلسطين. وأضيف: لو كان البطريرك ثيوفيلوس قادراً على خداع كل هذه الجهات فيما تخيله الكاتب تواطؤاً منه مع إسرائيل لاستحق بجدارة أن يكون القائد الديني الفذ والقائد السياسي الفذ أيضاً. إلا أن كنيستنا، أم الكنائس، تفصل بين الدين والسياسة استناداً لقول المخلّص يسوع، عيسى بن مريم، "أعط ما لقيصر لقيصر وما لله لله،" وهذا ما يجيب تلقائياً على أحد خيالات الكاتب حين تعجب لماذا لم يقدم البطريرك على إغلاق كنيسة القيامة عندما أعلن ترامب، رئيس الولايات المتحدة، إعلانه المشؤوم. فالإغلاق سببه تعدي إسرائيلي على الكنائس وهو سبب ديني، أما إعلان ترامب المشؤوم فهو سياسي. ورغم كل هذا قام مجلس كنائس فلسطين برئاسة بطريرك الروم الأرثوذكس بإصدار بيان يطالب بالحفاظ على الوضع القائم في القدس وأن السلام هو الحل الوحيد للمواجهة العربية الإسرائيلية.

وأسأل بالمقابل: أين كان "الحراك الوطني الأرثوذكسي" بل أين كان بعض المطارنة العرب من أصحاب الرتب والأقراص المدمجة المتعاطفون مع "الحراك" عندما تظاهر الشرفاء في ساحة القيامة من مسلمين ومسيحيين؟ لم يكن لهم ظهورٌ ولا أثر. لكننا رأيناهم يجيشون سكاناً ليتظاهروا ويهاجموا موكب البطريرك في بيت لحم في ذروة الاحتفالات بعيد الميلاد المجيد. وأعرج الآن على أضغاث الأحلام التي وردت في مقالة الكاتب المشار إليها أملاً في أن يصحوَ النائم لينضمَّ إلى جموع المؤمنين من الروم الأرثوذكس.

1. لم يخرج أي عربي من أي بناء تملكه البطريركية في ساحة عمر بن الخطاب (باب الخليل) فعائلة قرّش جاثمة على صدور عطريت كوهانيم في الفندق الذي تشغله، وأبو أمير الدجاني ما زال مثل عائلة قرش يجثم على صدر عطريت كوهانيم في فندق الإمبيريال، ويعلم الجاثمون على صدر عطريت كوهانيم ما للبطريركية من دور في تحصينهم في العقارات التي يشغلونها.

2. ويتجاذب الكاتب مع أمنياته وأحلامه بقوله أن البطريرك يتواطأ مع عطريت كوهانيم ويدعي أن محاضر جلسات المحكمة المركزية تثبت ادعاءه. ونتحدى بملء الفم أن يأتيَ الكاتب بمحضر واحد دليلاً على ادعائه. ولكني اطلعت عام 2007 على ما كان محامي عطريت كوهانيم يبعث به من وثائق "مدكترة " بالكمبيوتر أي مزورة كي يقذف البطريرك الجليل بتهم باطلة للخلية الناصرية المشار إليها أعلاه، وكان قائد الخلية يترجم الكلام الذي هو على علم بزيفه إلى العربية ويبعث به إلى رام الله ومن هناك ترسل الوثائق المزورة لقيادة "الحراك" في عمان لتنشرها بين الروم الأرثوذكس الغافلين عما يجري.

3. وما رمى به الكاتب بطريرك المدينة المقدسة عن عقود 1951- 1952 من اتهامات هو عارِ عن الصحة كلياً. وقام غبطة البطريرك حيال تلك الأراضي التي تم تأجيرها في تلك الأعوام ربما قبل مولده بالإيقاع بين من قاموا بشراء قطع منها والتعمير عليها وهم من النخبة في إسرائيل وبين الحكومة الإسرائيلية والصندوق القومي اليهودي المستأجر لتلك الأراضي. وهو ما حدا بالسيدة عزاريا النائب في الكنيست الإسرائيلي والتي تمثل المتطرفين ومنهم عطريت كوهانيم بوضع القانون الذي كان سيعرض على الكنيست يوم الأحد 4 آذار لولا أن أسقطه الاعتصام البطريركي وإغلاق كنيسة القيامة.

4. هناك فرق شاسع بين أراضي الوقف الكنسي وأراضي تملكها الكنيسة من غير أملاك الوقف، ولم تكن أملاك الوقف مطلقاً موضوعاً في أي من الخلافات والنزاعات بين الكنيسة والغير بما في ذلك الأطراف اليهودية. فكيف تتطرق أحلام الكاتب إلى أموال الوقف غير المنقولة ويدعي بيعها؟ ولم يبع البطريرك الجليل أية أراضي وقف.

5. ثم يمضي الكاتب في أحلامه ويقذف الجهات الرسمية الفلسطينية والأردنية ويتهمها بالوقوف مع البطريرك، وليس كالجهات الرسمية الأردنية حرصاً على أموال الكنيسة ولا أستثني من ذلك السلطة الفلسطينية بل شهدت للجهات الرسمية الأردنية بذلك لمعرفتي بجهودها في الرقابة والمتابعة. وليس سراً أنها لم تقف مكتوفة الأيدي عندما قام وكيل البطريرك المعزول ايرنيوس ببيع أملاك باب الخليل، إذ دفع البطريرك آنذاك موقعه الكهنوتي ثمناً لعمل وكيله ذاك.

6. ويواصل الكاتب هجومه على "الطاقم الإعلامي" المرافق للبطريرك، وأقول: لو كان للبطريرك طاقمٌ إعلاميٌ لما اضطررت للرد على مقالة الكاتب بنفسي، إذ سيوفر عليَّ هذا العناء طاقم كذلك إن وجد. ويكفي أن أشير إلى أن ما يدعيه "الحراك" كان مدعاة لتضليل بعض القنوات الفضائية واقتناعها بادعاءاتهم، حتى أن إحداها قدمت عام 2017 ستاً وعشرين حلقة عن الكنائس ومسيحيي المشرق خصصت سبعاً منها للتقريع بالبطريرك الجليل وقدحه وذمه، وأحجمت عن الاستجابة لطلبات بعض الروم الأرثوذكس للظهور على شاشتها بالمقابل، وهي معاملة ليست من شيم الصحافة المرئية أو المسموعة ولا المكتوبة. أسوق هذا للتدليل على أن الطواقم الإعلامية هي رهن إشارة هؤلاء المضللين حيال الموضوع حصراً.

7. لم يكن قرار إغلاق كنيسة القيامة قراراً لبطريرك الروم وحده، بل يرجع القرار إلى إجماع ثلاثة رؤساء كنائس في القدس هم رئيس الكنيسة الرومية الأرثوذكسية، ورئيس حراس الأراضي المقدسة (الفرانسيسكان) التابع للبابوية اللاتينية، ورئيس كنيسة الأرمن الأرثوذكس، ذلك بأن السيادة على القبر المقدس مشتركة بنسب مختلفة بين هؤلاء الرؤساء. وهو فخر على أي حال أن يقال إن القرار لبطريرك الروم الأرثوذكس لكنه ليس كذلك. فهل الرئيسان الآخران متآمران برأي الكاتب مع البطريرك الرومي ثيوفيلوس؟ والثلاثة ليسوا ممثلين لكافة الكنائس بل إن كافة الكنائس وقفت إلى جانبهم في هذه المحنة.

8. يكرر الكاتب وجود اتفاقات دولية مع الكنائس، والحقيقة أن ليس هناك اتفاقات دولية بل هناك فرمان سلطاني عثماني بإعفاء الكنائس وأملاكها من الضرائب، ويعمل بهذا الفرمان في الأراضي التي كانت تتبع السلطنة. ويخطئ الكاتب بالطلب من الكنيسة الرومية أو غيرها من الكنائس بمقاضاة إسرائيل، فإن مقاضاة إسرائيل حول موضوع أراضي الكنيسة يعني تلقائياً اعتراف الكنيسة بحق لإسرائيل في التعامل مع أراضي الكنيسة وتطبيق القانون الإسرائيلي عليها. وهو أمر لا تعترف به الكنيسة ولن تعطي إسرائيل الحق للتعامل كدولة في أراضي أي من الكنائس. وليس هناك محكمة دولية تقبل النظر في هذه القضية إلا باتفاق الطرفين: الكنيسة وإسرائيل، واتفاق كهذا غير ممكن إسرائيلياً.

9. وللعلم، فإن أملاك الكنائس المؤجرة للغير تستوفى عنها من المستأجر ضريبة المسقفات منذ الاحتلال الإسرائيلي وضمه القدس عام 1967، وإنما الجديد في الضريبة هو فرضها على العقارات غير المؤجرة وغير المستعملة لأغراض العبادة، وهو ما يعني استيفاء الضريبة عن كل غرفة أو صالة أو ردهة في مبنى بطريركية الروم مثلاً لا تقام فيها الصلوات! ويشمل ذلك بالطبع مدارس الروم وعياداتهم ومراكز الثقافة وغيرها.

10. وهمسة في أذن الكاتب الذي آمل أن يكون قد صحا بعد كل ما أوردناه أعلاه، إن بطريركيتنا ليست يونانية، وإنما هي بطريركية الروم الأرثوذكس وهي مستقلة تماماً بسيادتها الدينية، وكل كاهن في مجمعها المقدس بمن فيهم غبطة البطريرك هو أردني الجنسية. أما البطريركية اليونانية- القبرصية فهي في القسطنطينية (استانبول). وللعلم أيضاً فإن الغرب الكاثوليكي ومنذ انشطار الكنيسة الجامعة أسمى الكنيسة التي في القسطنطينية ب The Greek Orthodox نسبة لجنسية البطريرك هناك آنذاك، بدلاً من الكنيسة الرومية الأرثوذكسية كما تسمى في لغتنا وفي لغات أخرى كثيرة منها الألمانية.

11. وهمسة أخيرة للقول أن لا عيب في اقتران كنيستنا باليونان فلذلك الاقتران فوائد شتى، كما أن نظرة إلى أعمال الرسل تنبئنا لمن كانت معظم رسائل القديس بولص موجهة (سالونيكي، غلاطية، إفيسوس، كورينثوس، ........) وكلها مدن بيزنطية يومها، كما أن لغة الصلاة غرب الفرات تاريخياً كانت اليونانية.

ولا أظن أن تراجع إسرائيل عن قراراتها وقانونها الخاص بالكنائس كان بدون ضغط خارجي بدئاً من أبو مازن والملك عبدالله الثاني و الاتحاد الاوروبي وانتهاء باللوبي اليوناني في الولايات المتحدة. والتواضع في وصف النفس فضيلة أقولها في معرض إشارة الكاتب "للحراك الوطني الفلسطيني" وكأن المخلص كان يوماً من القوميين!

وكأني بلسان حال البطريرك الجليل ثيوفيلوس والكنيسة الرومية الأرثوذكسية يقول مخاطباً إسرائيل والناطقين باسمها:

كمْ تطلبونَ لنا عيباً فيُعجِزُكُمْ ويكْرَهُ اللهُ ما تأتونَ والكرمُ

والحمد لله على كل حال ونصلي له كي ينقذ أمتنا من أوضاعها وكي يأخذ بيدها إلى العلا الذي تستحق وهو السميع العليم.





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :