facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




العناني يكتب .. ماذا حققت معركة الكرامة؟


19-03-2018 08:53 PM

عمون - فوجئ الأردنيون صباح يوم الحادي والعشرين من مارس (آذار)، أو قبل نصف قرن، بمعركة ضروس تشنها القوات الإسرائيلية على الأردن في منطقة وادي الأردن الوسطى، وقد التقط الأردنيون أنفاسهم وهم يسمعون تفاصيل المعركة الطاحنة، يدفعهم الأمل بالنصر، ويملأ صدورهم الخوف ولما يمض على هزيمة حزيران عام (1967) إلا تسعة أشهر. ولما انقضى النهار بعد ساعات بدت شهوراً، وغابت الشمس، كانت الأخبار تؤكد أن إسرائيل قد طالبت مراراً بوقف إطلاق النار، طالبة الانسحاب إلى وراء النهر، تجر جرحاها وقتلاها، ومخلَفة وراءها أرتالاً من الدبابات ووسائل النقل العسكرية المعطوبة.

ذهب الملك الحسين إلى مكان المعركة، ترافقه كاميرات التلفزيون، لتبث صُوَرهُ وهو يعتلي الدبابات الإسرائيلية في المعركة. ويخاطب شعبه ذلك اليوم مزهواً بجيشه الصامد، معتزا بانتصار الكرامة، ومعتبراً الحدث كلمة نقطة تحول كبرى في التاريخ العسكري بين العرب وإسرائيل. ولكن وسائل الإعلام الإسرائيلية سعت للتخفيف من وقع الهزيمة على سكانها، والتقليل من فرحة النصر لدى الأردن. وادّعت أن المعركة قد هدفت إلى تقليل نشاط الفدائيين الفلسطينيين والأردنيين على حدودها مدعية أنها حققت الكثير من ذلك.

وقد قاد الجيش الاردني في المعركة المرحوم اللواء مشهور حديثه الجازي، والذي اعترف في مذكراته بأن المعركة قد خاضها الجيش وكأنها الفرصة الاخيرة لمنع اسرائيل من احتلال وادي الاردن، والسعي لتهجير عشرات الالوف من اهالي الضفة الغربية واللاجئين الفلسطينيين المقيمين فيها الى داخل الضفة الشرقية من نهر الاردن، ومن ثم منعهم من العودة. وأكد ان الفدائيين الفلسطينيين قد قاموا بواجبهم الدفاعي برفقة اخوانهم النشامى من جنود الاردن بالرغم من ضعف إمكانياتهم المادية والتسليحية أمام الآليات الثقيلة والمتطورة التي يستخدمها الجيش الإسرائيلي.

تذكرنا معركة الكرامة بألا نيأس أبداً. ولنا في تاريخنا أمثلة كثيرة. فهنالك معركة عين جالوت عام (1258) ميلادية، والتي قام بشنها جيش برئاسة السلطان قطز وقائد جيوشه الظاهر بيبرس بعدما اجتاح التتار بلاد وسط آسيا، وامتدوا إلى بغداد عام 1256، ودمروها ومكتبتها دار الحكمة العامرة بثمرات الانتاج العربي والانساني. وبعدها دخلوا دمشق وسفكوا بأهلها بعدما بلغ الخوف الى درجة ان ينصاع المسلم للجندي التتري حين يأسره بأن يحضر سيفاً له لكي يقتله. بعد هذا الحال المتهالك، جاء انتصار معركة عين جالوت مدوياً، مما أنهى من غزو التتار، وأحالهم مع الوقت إلى مسلمين.

وكذلك كانت معركة حطين، ومعرك الأرك في إسبانيا حين انتصر زعيم المرابطين يوسف بن ناشفين على جيوش أوروبا الغازية منقذاً إشبيلية من السقوط عام (1195) ميلادية، أي بعد ثمان سنوات من معركة حطين بقيادة صلاح الدين الأيوبي.

معركة الكرامة التي اتت بعد حرب عام (1967) المُذلة، لتفتح باب الأمل على أن إسرائيل ليست قادرة على احتلال مزيد من الأراضي، واستيعابها بدون كلف غالية عليها. وباستثناء أحداث عام 1981/82 حين غزا أرئيل شارون لبنان لملاحقة قوات فتح والمنظمات الفلسطينية خارج لبنان، لما قامت إسرائيل بالغزو. ولكن أبا عمار (ياسر عرفات) كان قد ساهم في تدريب قوات حزب الله وقوات أمل في الجنوب مما ساهم في انسحاب الجيش الإسرائيلي من لبنان في نهاية تسعينيات القرن الماضي.

ولولا حرب عام 1973 التي لم تنتصر فيها إسرائيل. واضطرت إلى الانسحاب بعيداً عن قناة السويس، فإن إسرائيل لم تخض أي حرب ضد دول، بل ضد منظمات أهلية مثل حربها ضد حزب الله، وحربها ضد حماس والجهاد الإسلامي في غزة. ولم تستطع أن تأخذ أرضاً، بل اكتفت بالتدمير، وبقتل الأطفال والنساء واغتيال شخصيات من قادة حماس وحزب الله.

لقد كان لمعركة الكرامة تأثير كبير وواسع على تحول المعركة، والعرب في أضعف حالاتهم. وتبين لهم أنهم لو قصدوا حرباً دفاعية ضد إسرائيل، فإنهم قادرون على تغيير الحقائق، وقلب الحقائق ضد إسرائيل حتى وإن لم يتمكنوا من هزيمتها هزيمة نهائية يستعيدون بعدها الأرض السليبة.

ولكن الحقيقة المؤكدة أن رفض إسرائيل للسلام، وإصرارها على سلب الأرض، وسعيها لحرمان الفلسطينيين من دولتهم وحقهم التاريخي في سيادتهم الكاملة على أرضهم، فإنهم يبقون شعلة المقاومة متّقدة من جيل إلى جيل. ولقد ثبت أن التفوق التكنولوجي يمكن الغلبة عليه بالتضحية وبالأعمال البطولية الخارقة، وبالاستعداد للموت.

وما عبثهم بالأقصى إلا ليكون دليلاً على أنهم لا يقدّرون الحرمات، ولا يفهمون المقدسات، وأن هذا سوف يجلب غضب المسلمين والمسيحيين وأصحاب الضمائر الحية. وإسرائيل تخسر مركزها الأدبي والخلقي باستمرار في أوروبا وجميع أنحاء العالم. وكل هذا سيفت في نصرها، ويفوت الفرصة عليها لتبيع نفسها أنها الديمقراطية الوحيدة في المنطقة في حين أنها دولة “ابارثايد” عنصرية.

إن معركة الكرامة لن تكون الأخيرة، بل سيكون عبر الزمن القريب معارك أخرى، ضمن سلسلة حرب طويلة مع الإسرائيليين لا تنتهي. ولكن معركة الكرامة ستكون دائماً الحدث الهام والفاصل الأول الذي انتصر في معركة المعادلة الصعبة وفي ضوء الاحتمالات الضعيفة. وهذا ما يبقى معنا من انطباعات قوية وضاءة ونحن نستعيد ذكريات ذلك اليوم المشهود وذلك المكان الحر الغلاب.

شرق وغرب اللندنية





  • 1 20-03-2018 | 03:42 PM

    نعم كلامك صحيح ويسلم قلمك دكتور والله كريم


تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :