facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




هل نحن جاهزون لأي شيء؟


د. رلى الفرا الحروب
31-03-2009 01:44 AM

كلما انطلقت دعوات الإصلاح السياسي والإداري انطلقت معها الحناجر لتهتف " لسنا جاهزين"، وكلما اقترح البعض فكرة جميلة يمكن أن تحدث تحولا حقيقيا في وطننا هتف البعض قائلين: " كلام جميل، ولكنه خطر....لسنا جاهزين".
تطوير التشريعات الناظمة للعمل السياسي في المملكة، وتطوير الحكم الإداري عبر مشروع الأقاليم وانتخاب مجالس الحكم المحلية ، وتطوير التفكير والسلوك الأمني عبر إنشاء المركز الوطني لإدارة الأزمات، وتطوير التعليم نحو اقتصاد المعرفة ،وتطوير الضمان الاجتماعي، وتطوير قطاع الإعلام والاتصالات، جميعها مشاريع منها ما نفذ ومنها ما ينتظر التنفيذ جميعها وجدت من يعارضها ويعلن أننا لسنا جاهزين وأن البيئة الحاضنة غير مهيئة وستفشلها.
ألم يقل المتشائمون الشيء ذاته عن مشروع الـ ERFKE وحوسبة التعليم؟ ألم يقولوا أصلحوا الكراسي والأدراج والصف ودفئوا المدرسة قبل إدخال الحاسوب إلى المختبر؟ ولكن الحاسوب دخل المختبر وغير معه وجه التعليم في الأردن وفي مدارس القطاع العام على وجه الخصوص، فهل كان الأجدر بنا فعلا انتظار إصلاح البيئة الصفية لكل مدارس المملكة قبل إدخال الحوسبة إلى التعليم؟! بالطبع فإن البعض ما زالوا يشتكون من عدم قدرتهم على التكيف مع المتطلبات الجديدة للمناهج ولكنهم سيتعلمون ويتكيفون في نهاية المطاف وهذا التكيف لن يأتي طوعا بل يأتي حين يجد الفرد نفسه في الموقف ويدرك أنه مطالب بالتكيف ليحافظ على بقائه وتنافسيته.
لم أجد شعبا غير الشعب الأردني يصف نفسه بأنه غير جاهز لأي شيء باستثناء الخصخصة بالطبع فهي الشيء الوحيد الذي يمكننا فرضه دون انتظار الجهوزية في الشارع، ولم أجد نخبا تصف نفسها بأنها غير قادرة على إدارة التغيير سوى النخب الأردنية التي تطعن في كفاءتها وقدراتها وتعلن أنها غير جاهزة لقيادة الشعب نحو المستقبل ونحو التغيير.
عندما يتعلق الأمر بالإصلاح الاقتصادي تمرر الخطط والمشروعات بموافقة أو بدون موافقة النخب والشارع، علما بأن خطط الإصلاح الاقتصادي معظمها مفروض من الخارج ومصاغ وفق رؤية عالمية وليس رؤية محلية ومن ثم فإنها لا تصلح كوصفات جاهزة للتطبيق دون تنقيح، ومع ذلك فقد تم تطبيقها وتبنيها ولم يقل أحد إننا غير جاهزين، وأولئك الذين قالوا ذلك تم تجاهلهم وتمرير المشاريع رغما عن اعتراضاتهم، ولكن حين يتعلق الأمر بالإصلاح السياسي والإداري فإن مئات الأصوات تهتف " لسنا جاهزين" وهذه المرة يسمع صوتها ولا يتم تجاهلها من قبل صناع القرار!!!
حين عارض البعض وصفات صندوق النقد الدولي وقالوا إنها انسحاب للدولة من دورها في المجتمع وإطلاق ليد القطاع الخاص بما يفقد الدولة دورها في إدارة شؤون المواطنين لم يعبأ المسؤولون بتلك الأصوات ومضوا في تنفيذ مشاريعهم وخططهم، ولكن حين يعارض البعض تعديل قانون الانتخاب أو المطالبات بإعادة تقسيم الدوائر الانتخابية أو تغيير قانون الأحزاب والتجمعات العامة أو انتخاب مجالس حكم للمحافظات على غرار الأقاليم فإن صناع القرار يصغون ويطيعون، فهل هذا لأن تلك الأصوات تنطق باسمهم أم لأن ما تقوله يدغدغ حواسهم ويعزف على أوتارهم الحساسة؟!!
الأردن اليوم ليس أردن الأمس ولن يكون أردن الغد، والشعب الأردني لديه أعلى نسبة من المتعلمين قياسا بعدد السكان ويبز بها حتى دول العالم الأول، والأردنيون اليوم في البوادي والقرى أكثر وعيا مما كانوا عليه قبل عقدين بل وأكثر وعيا من بعض سكان المدن، ولعلنا البلد الأول في المنطقة من حيث نسبة حملة الشهادات العليا، كما أننا كنا من أوائل البلدان ممارسة للعمل السياسي والحزبي وكان مواطننا من أكثر المواطنين في المنطقة إلماما بما يدور حوله، فلماذا نصر على رؤية أنفسنا صغارا غير ناضجين وغير مهيئين؟!
وبفرض أنه ما زالت هناك فئات في الشارع لم تصل إلى مستوى النضج والوعي السياسي المطلوب فهل يعني ذلك أن ننتظر تحويل كل فرد أردني إلى فرد فاعل مشارك مسيس قبل إطلاق خطط وبرامج الإصلاح السياسي والإداري؟!! هذا لا يحدث في أي بلد في العالم، أولا لأن كل بلدان العالم فيها فئات مهمشة وبعيدة تقليديا عن المشاركة وغير معنية بالشأن العام وفئات أخرى قليلة الوعي قليلة الثقافة، ولعل مسؤولينا يدركون تمام الإدراك أن الشعب الأمريكي مثلا مكون من أغلبية من غير المهتمين بالشأن العام وغير المتعلمين وغير المسيسين، بل إن نسبة من يواصلون دراستهم إلى مستوى البكالوريوس فالدراسات العليا في أمريكا في تراجع علما بأنها لا تتجاوز 20% من عدد السكان، وثانيا لأن من يقود الأمور هم النخب وليس الشارع ومن يصلون إلى مواقع صنع القرار المختلفة سواء عبر آليات الانتخاب الديموقراطي أو التعيين هم النخب أيضا، ومن ثم فإن المطالبين بالجاهزية لقيادة التغيير وتنفيذه وإصلاح المجتمع هم أولئك النخب وليس الشارع، فهل تشكو النخب لدينا من علة ما كي تصم نفسها بالعجز وعدم الجهوزية؟!!
أتعجب ممن يضعون أطرا زمنية تمتد إلى عشرين وثلاثين سنة للوصول إلى الإصلاح السياسي المطلوب ثم تداول السلطة، وأتساءل: ألن يأتوا هم ذاتهم أو خلفاؤهم في المذهب والعقيدة السياسية ليقولوا بعد انقضاء تلك العقود الثلاثة أننا غير جاهزين؟!
هل كانت فرنسا جاهزة للحكم الجمهوري بعد قرون من الملكية؟!! ولكن الثورة حدثت وتكيفت الجماهير وصعد المسحوقون من القاع إلى القمة وانقلبت معادلات الحكم وطبقاته وولدت فرنسا جديدة؟!
هل كانت روسيا القيصرية جاهزة لماركس وانجلز ولينين والحزب الشيوعي؟ وهل كانت روسيا الشيوعية جاهزة للاشتراكية ؟ وهل كانت روسيا الاشتراكية جاهزة للرأسمالية؟ ولكن هذا كله حدث وتغيرت المعادلات وتطورت الأفكار وتغير معها الناس بشكل تلقائي لأن الميزة الأعظم للإنسان هي التكيف مع المتغيرات ولولاها لانقرض النوع البشري من على سطح الكوكب تماما كالديناصورات التي عجزت عن التكيف مع تغير المناخ .
علينا أن نؤمن بقدرتنا على التغير وإلا سنبقى إلى الأبد رهيني الواقع الذي يشبه الانغماس فيه الانغماس في الوحل أو في الطين المتحرك، فمن ينغمس في الوحل لا يستطيع أن يرفع رأسه ليستشرف ما هو آت، ومن ينغمس في الطين المتحرك يبلعه في نهاية المطاف قبل أن يتمكن من إنقاذ نفسه.
علينا أن نحلم أحلاما كبيرة ونفكر أفكارا كبيرة وإلا قنعنا أبد الدهر بالصغائر، ولنا في شعر أبي القاسم الشابي والمتنبي أكثر من مثل.
علينا أن نكف عن التشاؤم فقد أهلكنا وعن وضع العصي في الدواليب كي تسير عربتنا.
عندما ضرب التوأمان في أمريكا وضرب معهما البنتاغون وكاد أن يضرب البيت الأبيض لم يفقد الأمريكيون حس التفاؤل رغم هول النكبة وفداحة الكارثة وبقي الإعلاميون والسياسيون وحتى المواطنون العاديون محافظين على حس الدعابة في نقد الأمور وانطلقت نكات كثيرة تسخر مما آلت إليه الأمور، وخرج المذيعون ومقدمو البرامج في وضع عادي يناقشون الحدث بل ويضحكون عندما يستدعي الموقف الضحك، وتكرر المشهد ذاته في إعصار كاترينا وغيره من الأزمات، ولكننا في الأردن مكفهرون متشائمون قلقون مستشعرون للخطر على الدوام مع أننا ننعم بالأمن والاستقرار ونواصل النمو رغم أن من حولنا متعثرون، فمتى سندع القلق ونبدأ الحياة، ومتى سنطلق طاقاتنا الدفينة لنقود سفينة التغيير دون أن نلقي بالا لمن يدعي بأننا غير جاهزين؟!
نحن جاهزون، وما من شعب جاهز أكثر من الأردنيين....الأردنيون اليوم غير أردنيي الأمس وعلينا احترام كفاءاتنا وعقولنا وطاقاتنا والتوقف عن التشكيك في نضج المجتمع وقدرته على استيعاب الديموقراطية وآلياتها . إذا كان الإغريق القدماء قد احتضنوا الديموقراطية قبل آلاف السنين، مع أنهم مشكلون من أغلبية جاهلة غير متعلمة وأقلية نخبوية فئوية كانت تنظر وتخطط وتقود، فهل يعجز الأردنيون الذين تفوق نسبة التعليم لديهم اليوم 94% عن التكيف مع الديموقراطية والإصلاح وثورة التغيير نحو الأفضل؟!!
الانباط.





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :