facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




وطنٌ طيني


احمد حسن الزعبي
01-04-2018 12:39 AM

حتى المواسم كانت كريمة معنا ،تخيلوا لفرط « الغلال» كان العشب ينبت على حيط غرفتنا الطينية وسطح الخان
وسياج البيت ،فلو ارتقيت تلّة قريبة لرأيت أن أسطح البيوت كلها مستطيلات مشتعلة بالخضرة ، كان ينبت بين الأحجار
المرصوفة في جدار البيت زهرة برية صفراء كأنها «بكلة» في غرة طفلة، بعض المداخن وقت الغروب تنسم دخانها الأزرق من بعيد، انه مزاج الليل حيث يرتشف شيخ الطين من العتمة فنجان قهوة...صدقوني لم نكن نفكّر خارج حدود «دارنا» ، «دارنا» الوطن ،والحارة هي المجرّة الأرضية ، ولا رغبة ولا نية لنا لاستكشاف عوالم أخرى نجهلها..

لذا كل كائن صغير حتى لو كان مهملاً أو محتقراً نحتفي به بكامل مواطنته في هذا الوطن الطيني ، لذلك حتى اللحظة ما زلت أذكر قبائل «الحلزون» وهي تتسلق الحيطان الخشنة ، تتسابق على واجهات بيوتنا المتعرجة ،نلمّها ونخبّئها في حقائبنا تفضّل أن تموت على أن تفتضح ملامحها ، تحدّثني نفسي المجنونة ،فأقول: الحلزون مناضل خجول في زمن الجرأة ،لا يطل برأسه الا عندما تختفي الرؤوس، يتقدّم نحو هدفه بإصرار ومعرفة، غير معني بالصوت المرتفع ،هو يمضي بصمت ، فالعبرة بالنتيجة..

الكائنات كلها كانت أكثر ألفة واشتباكاً معنا ، أذكر خاناً صغيراً لجيراننا كانت السنونو والخفافيش تتسابق لتنام فيه لتؤنس الأبقار هناك ربما، أما الدجاجات فيكتفين بزاوية من الخان ، في ساعات النهار يتمدّد القط قرب صيصان الدجاجة ولا تراوده نفسه باختطاف أحدها ، لا بل كان يحرسها في غياب «الستّ الوالدة» ، حتى القنافذ كانت تمشي بثقة أمامنا دون تقمّص دور كتلة الشوك البائس..

حتى الحاكورة كانت تساهم من ذاتها بمصروف البيت والناتج القومي، رشاد، كزبرة، بصل أخضر، خبيزة ، على الأقل كنا نأكل سبع طبخات مجانيات في الربيع من خبيزة الدار التي تنبت وحدها دون سقاية او رعاية ، كما يتحوّل غداؤنا في ذلك اليوم الى «رشاد وخبز» ومرّة «كزبرة وخبز»..والبصل الأخضر مع اللبن والزيت..يرضي الجميع.. اين اختفت هذه الأشياء فجأة ؟؟ صرت أتخيّل ان القط فتح صفحة على «فيسبوك» والسنونو يغرد على «تويتر» والحلزون اعتزل العمل السياسي وفتح دكانة..حتى الحاكورة لم أعد أرى فيها سوى «الصرامي» العتيقة وصناديق الفلين المكسّرة وعلب السمنة الصدئة ، وأكياس تحمل أسماء مطاعم الوجبات السريعة، حتى العُشب نفسه لم يعد لديه نفسٌ طويل في المقاومة كما كان، مع أول ارتفاع للحرارة يغيّر لونه..ترى لماذا اختفت هذه الأشياء الجميلة كلها ، رغم ان بيتنا ما زال بيتنا!!..

الرأي





  • 1 ميسون العفيشات 01-04-2018 | 09:19 AM

    رائعة هي مقالاتك
    اردنية الحرف والمعنى والفؤاد .
    لقد ارجعتني لطفلة في العاشرة تتسلق جوانب دار الطين لاقتصاص الحشائش الصغيرة المنتشرة على جوانبه اما سطحه فكان الوصول اليه صعب الا في حال قمنا بتطيين الدار حينها فقط نمنح شرف الصعود ومشاركة جارنا في الاستمتاع بالطين ونعومته.
    اما الحاكورة فحدث ولا حرج سلة المنزل الطبيعية الطازجة الخالية من الهرمونات.
    دام نبض قلمك يها الرائع.

  • 2 عفو عااااااام 01-04-2018 | 12:19 PM

    عفو عام

  • 3 احمد الزعبي سيد القلم 02-04-2018 | 07:56 AM

    رائع استاذ احمد لامست قلبي وعقلي وروحي وحنيني الى ماضي لازلت احبه واعيش فيه واتمنى رجوعه كل لحظة. ابدعت في وصف كل شيئ.ساطلق عليك لقب سيد قلم وصف الماضي الجميل


تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :