facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




جمهورية الموز


عصام قضماني
06-04-2018 01:30 AM

كنت أقلب على عجل مجموعة من الأوراق القديمة المهترئة وقد تحول لونها الى الأصفر قبل أن تعود الى جذورها من حيث صنعت من ورق الشجر , فلمحت عنوانا كنت كتبته في بواكير إقتحامي لعالم القصة القصيرة , وهو « جمهورية الموز « وتذكرت كلمات جاد بها الصديق القاص مفلح العدوان في تصنيفي ككاتب قصة هرب من بيت الأدب الى الصحافة والى الإقتصاد تحديدا , قال « لو أنك أكملت لكنت اليوم في عداد القاصين المهمين في الأردن وربما في العالم العربي « لا أعرف ما إذا كان مفلح لا زال متمسكا بهذا الوصف حتى الآن وأظنه عدل عن رأيه و فقد أخذتنا الصحافة بلغتها ومعمعتها المرهقة للكلمات حتى أنها تسقط على الورق بخفة , وهي اليوم تسقط على شاشة الكمبيوتر بخفة طقطقة الأصابع , بلا روح ولا عرق ولا علامات تحملها ثنيات الأصابع كدليل على إمتهان الكتابة , ولا
دمامل في طرف إصبع السبابة ولا في أعلى طرف الإبهام .

نشر لي الصديق أطال االله في عمره إبراهيم العجلوني قصة قصيرة كنت كتبتها في بواكير العمر في وصف حالة التشاؤم من قدوم سنة جديدة تمنحنا شعور التقدم بالعمر وقد كنا فتية لم نتنبه الى مدلول الإحتفال بسنة جديدة حيث اليد قصيرة والعين بصيرة , وكانت حبة ذرة مشوية وجلسة مع الأصدقاء تكفي للإحتفال بسنة جديدة , وحتى لا يذهب القارىء بعيدا , لم يتغير الحال اليوم فكلما كبرت .. كبرت إلتزاماتك وحاجاتك , وهي العلاقة الطردية بالحسبة الإقتصادية بين الموجودات والمطلوبات وأنا أؤشر هنا الى عجز ميزانية كل فرد فينا حتى الأثرياء فكما يقال كلما زاد مالك زادت معه إلتزاماتك ومعها ديونك .

ننظر الى الوراء علنا نستدرك ولو في الذاكرة بعض ما سهونا عنه , ولو عادت بنا الأيام وهي حتما لن تعود لأخذت بنصيحة مفلح العدوان وغصت في هذا الفن الرائع الذي بظني بوابة للبوح بالمشاعر والتجارب ربما أكثر من أي فن أدبي آخر .

تذكرت جمهورية الموز كعنوان لقصة لم تر النور لأنها لم تكتمل , ولا حظت أن أوان كتابتها قد حان , وهي ليست مدلولا لبلد أو دولة هي جمهورية كل واحد منا يبنيها بالأمل والوهم والسخرية , ويصبح رئيسا عليها .

كما يقال المساحة الزمنية التي تستطيع أن تحقق فيها كل طموحاتك هي فترة النوم مع الأحلام , بإمكانك في دقائق أن تصل الى القمر والى المريخ إن شئت وأن تكون مليونيرا وأن تركب أفخم السيارت وأن تكون هارون الرشيد وربما تمتلك خاتم سليمان , في أحلامك وأنت نائم تستطيع أن تفعل ما تشاء وأن تكون ما تشاء , وما أن تستيقظ حتى تعود الى جمهورية الواقع بكل وقائعها ورتابتها ومللها وضيقها وقرفها وفرحها وحتى طفرها .

جمهورية الموز يا سادة هي مصطلح ساخر يطلق للانتقاص من أو ازدراء دولة غير مستقرة سياسيا، وليس لها ثقل سياسي واقتصادي بين دول العالم، يعتمد اقتصادها على عدد قليل من المنتجات كزراعة الموز مثلا، ولا يزال هذا المصطلح يستخدم غالبا بطريقة مهينة لوصف بعض حكومات بعض البلدان .. المصادفة هي أن من صاغ هذا المصطلح هو قاص أميركي في مجموعة قصص قصيرة تجري أحداثها في أمريكا الوسطى .

أنظر حولك وأنظر الى الخارطة , تمعن فيها جيدا , كم جمهورية موز في الأنحاء ؟.

هذا ليس هو بيت القصيد , أصبح لكل منا جمهورية موز خاصة به أو» بتاعته « كما في اللهجة المصرية , ينشئها كما يشاء ويصدر عنها ما شاء من بيانات يحاكم هذا ويطعن ذاك ويقذف هذه وينافق لذاك , تمهلوا ففي الحلم بقية وقت, لا تحرقوها في اللعنات , فثمة أحلام سعيدة في البال.

الرأي





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :